هل تقود المملكة قاطرة التمويل الاسلامى بالمنطقة بعد أزمة دبى ؟!!

07/12/2009 2
د . جمال شحات

كما ذكرنا فى مقال سابق(هل تقود المملكة قاطرة التعافى الاقتصادى بالمنطقة؟!) وفى ظل ما يتمتع به الاقتصاد السعودى من استقرار واضح ومن سياسات مالية متحفظة وبيئة استثمارية مناسبة تنخفض فيها الى حد كبير نسب ودرجات المخاطرة فقد توقع العديد من الاقتصاديين وبعض التقارير الاقتصادية واخرها التقريرالذى اصدره  مجلس الغرف الخليجية حول التطورات الاقتصادية الاخيرة فى دبى انحسار موجة توجه الاستثمارات وروؤس الاموال الى دبى على الاقل فى المدى القصير او الاجل المنظور وباستثناء رؤوس الاموال التى سيستغل اصحابها فرصة هبوط اسعار العقارات فى دبى للقيام بعمليات شراء لهذه العقارات انتظارا لتحقيق ارباح عالية عندما يعود الانتعاش الى السوق مرة اخرى .

وتوقع التقرير تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي كنواة للنمو والتنمية ومركز تجاري واقتصادي عالمي لمنطقة الخليج، وترسيخ ثقة القطاع الخاص الوطني والمستثمرين المحليين في السياسات الاقتصادية الكلية للمملكة، وإدراك أن تبنى المملكة لفلسفة تجنب المخاطرة غير المحسوبة، والانفتاح التدريجي المنضبط على الاقتصاد العالمي، وتحقيق ذاتية النمو هو حصن الأمان للاقتصاد الوطني ككل والضمانة الأقوى لرؤوس الأموال والأصول المملوكة للقطاعين الحكومي والخاص، ومن ثم ابتعاد المستثمرين والقطاع الخاص الوطني عن اتخاذ قرارات الاستثمار في الخارج تحت تأثير الانبهار بالنمو المتسارع المتحقق من التحفيز المفرط للاقتصاد والأسواق.

وقال التقرير إن هناك فرصة مواتية أن تقود المملكة الموجة المقبلة فيما يتعلق بالتمويل الإسلامي في الخليج، حيث أن المملكة لديها كل مقومات البنية التحتية، ولديها جميع القواعد الإرشادية المطلوبة للتمويل الإسلامي وصناديق الاستثمار العقاري الإسلامية والأوراق المالية الإسلامية.

وأوضح التقريرأن ما حدث في دبي من تطورات اقتصادية أمر عادي يتمثل في طلب شركة وليس دولة إعادة جدولة جزء من ديونها بسبب نقص السيولة لديها، وأنها لم تعلن عدم قدرتها على السداد، وأن هذا لا يمس الجدارة الائتمانية السيادية لإمارة دبي، ومن ثم فإن هذه المشكلة لا تأخذ صفة الأزمة حتى الآن، ولكن تدهور الأوضاع في المستقبل وتحول هذه المشكلة إلى أزمة ذات طابع دولي يتوقف على الثمن الذي ستدفعه دبي للخروج من هذه المشكلة، وعلى الطريق الذي ستسلكه مجموعة دبي العالمية في سداد ديونها، حيث ستكون الأمور خطيرة إذا لجأت الشركة إلى بيع أصولها في الخارج بالأسعار المنخفضة الحالية لسداد ديونها وهو أمر مستبعد تماماً حتى الآن.

أما إذا صدقت التوقعات وتدخلت أبو ظبي لمد يد المساعدة لدبي وفق تفاهم بينهما، وهو الاحتمال الأكثر ترجيحاً، فإن المشكلة ستتلاشى تدريجياً، وستعود الأمور إلى طبيعتها، وهو خيار في صالح كافة الأطراف، وفي صالح الاقتصاد العالمي واقتصادات دول المنطقة.

وأوضح التقرير ان هذه الأزمة تركت اثارا قصيرة وطويلة الأمد على الإقتصاد السعودي ، أما الأثار قصيرة الأجل فقد وقعت بالفعل متمثله في تأثر سوق الأسهم، وما تكبده المتعاملون في السوق من خسائر لجزء من استثماراتهم في السوق السعودي أو في أسواق الدول الأخرى لكونها تأثرت جميعاً بهذه التطورات او الاحداث. ولكن المؤكد أن هذا الأثر سيزول تدريجياً وستعود الأموال إلى السوق، ولكنها ستكون أكثر حذراً وأكثر تدقيقاً في اختيار مجالات الاستثمار، ومع مرور الوقت من المرجح أن تنتقل كثير من المحافظ للاستثمار في دول المنطقة الأكثرأستقرار أو التي ما زالت تتبع سياسات أكثر حذراً وفى مقدمتها سوق المملكة.

ويضاف إلى ما سبق الخسائر التي تتحملها البنوك الوطنية التي قدمت قروض لمجموعة دبي العالمية، وهي بمبالغ محدودة جداً، قدرها محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي بأنها لا تتجاوز نسبة 2 بالألف من إجمالي الميزانية المجمعة للقطاع المصرفي الوطني، كما أن البنوك الوطنية المقدمة لهذه القروض قد رصدت مخصصات كافية لتغطيتها، وفي أسوأ الأحوال ستتراجع أرباح هذه البنوك بنسب محدودة بنهاية هذا العام نتيجة لهذا الموضوع.

ودعا التقرير المتعاملين في سوق الأسهم السعودي ألا يتأثروا بما حدث في دبي خلال الفترة القادمة، وذلك لأن البنوك الوطنية ليست متورطة في ديون كبيرة لمجموعة دبي العالمية، ولكن من الأجدر بهم أن يبنوا قراراتهم على مؤشرات أخرى، حيث أن اقتصاد المملكة يعد أكبر مصدر للنفط في العالم، وأن هناك ترقب لتحقيق فائض وليس عجز في الميزانية الفعلية لعام 2009م المنتظر الإعلان عنها قريباً، وتوقع لزيادة الإنفاق في موازنة عام 2010م، وأن المملكة من بين الدول ذات الديون العامة الأقل ضمن مجموعة العشرين حيث بلغ الدين المحلي 13,4% فقط من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي، مقارنة بحوالي 81% في الهند، و50٪ في الولايات المتحدة، كما أن المملكة لديها أصول أجنبية بلغت 1,46 تريليون دولار بنهاية شهر أكتوبر 2009م، وأنها مستثمرة في مجالات قليلة المخاطر، وهي تمثل طبقة سميكة تحمي الاقتصاد الوطني وتحقق له الاستقرار في الظروف الدولية غير المواتية بإذن الله.

كما وضح أن القطاع الخاص السعودي تفاءل واستبشر بالانفراجة الأخيرة التي حدثت في مستوى التمويل الممنوح لاستثمارات ومشروعات القطاع الخاص، ويأمل ألا تكون تطورات دبي الاقتصادية دافعاً للقطاع المصرفي إلى العودة للتشدد في منح الائتمان خلال الفترة القادمة.

ولاجل كل هذا اتوقع ان تقود المملكة قاطرة التمويل الاسلامى بالمنطقة خلال الفترة المقبلة بصفة عامة لسببين :

الاول : هو التوجه العام بعد الازمة العالمية نحو مبادىء الاقتصاد الاسلامى او الاقتصاد الحقيقى وليس الاقتصاد الوهمى .

الثانى : السياسات المالية المتحفظة والتى اتبعتها المملكة كما اسلفنا والتى ابتعدت بها المملكة عن المخاطر المرتفعة والتى ساعدت على حصول الاستقرار الاقتصادى الى حد كبير والتى كانت ستكون اكثر تأثيرا لولا مشاكل بعض الشركات العائلية التى ظهرت مؤخرا  .

وانى لارجو ان يحدث هذا فى القريب العاجل امتثالا لامر ربنا واحتكاما الى الله ورسوله .

وفق الله امتنا وشعوبنا  لما فيه الخير انه ولى ذلك والقادرعليه .