استهلت السلع الأسبوع الماضي متخذة موقعا دفاعيا، ولكنها تعافت في ضوء ما أكده إجمالي الناتج المحلي الأمريكي من أن الركود الاقتصادي قد انتهى.
ولسوء الحظ أن الارتداد الذي شهده إجمالي الناتج المحلي، وإن كان إيجابيا، جاء بالدرجة الأولى نتيجة للارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي بمساعدة العديد من برامج الدعم الحكومي، مثل برنامج دعم شراء السيارات الجديدة والاعتمادات الضريبية المقدمة لمشتري المنازل. وقد تم إلغاء هذين الصنفين من الدعم، والسؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت الزيادة في الاستهلاك يمكن استدامتها دون دعم من الحكومة.
رغم الزيادة في النشاط الاقتصادي، انخفضت مدخولات الأسرة المتاحة للإنفاق خلال هذا الربع من العام في ضوء تواصل الارتفاع في معدلات البطالة. وسوف يلعب هذا الغياب دورا مهما أثناء الشهور القليلة المقبلة، أما مسألة ما إذا كانت الشهية للمخاطر سوف تبقى أم لا فتعتمد كثيرا جدا على البيانات الاقتصادية وبيانات التوظيف الأمريكية بالغة الأهمية التوقع صدورها يوم الجمعة المقبل.
ومن جديد حدد المحركان الرئيسيان في السوق الاتجاه خلال الأسبوع المنصرم، حيث أدت قوة سعر صرف الدولار المبكرة، علاوة على بيع تصفية بنسبة 5.5 بالمائة في مؤشر ستاندرد أند بورز 500، إلى بحث السلع عن الدعم. وفي هذه الأثناء تم بلوغ مستويات دعم مثيرة، ولكن الأرقام الأمريكية كانت سببا جيدا بما يكفي لمنع عودة النفور من المخاطر.
وإذا نظرنا إلى الانتعاش في أسعار النفط الخام وجدنا أنه فقد زخمه خلال الأسبوع الماضي، حيث أعطت أسواق الأسهم الضعيفة والتراكم غير المتوقع في مخزونات البنزين فرصة للمتشائمين في السوق العذر للعثور على الدعم الذي كانوا يتطلعون إليه. ولم يدم بيع التصفية إلا بضعة أيام، أدى بعدها الدعم الآتي من ارتفاعات سابقة بسعر حوالي 77 دولارا أمريكيا للبرميل إلى وقف هذا التحرك.
على المدى القريب، نتوقع حدوث تماسك مع تفضيل استراتيجية التعامل ضمن النطاق من قبل جميع المتعاملين. ونوصي بالبحث عن دعم عند مستوى 77 دولارا أمريكيا للبرميل يعقبه مستوى 75 دولارا أمريكيا للبرميل والمقاومة عند مستوى 82 دولارا أمريكيا للبرميل (وهو المتوسط المتحرك لمدة 100 أسبوع) يعقبه مستوى 85 دولارا أمريكيا للبرميل.
انزلقت أسعار الغاز الطبيعي الأمريكي بعد أن ارتفعت المخزونات بمقدار 25 مليار قدم مكعب لتصل إلى رقم قياسي جديد عند 3759 مليار قدم مكعب. ومن الأنباء الطيبة أنه يستبعد الآن بشدة أن يتم تجاوز حدود السعة العاملة الوطنية البالغة 3900 مليار قدم مكعب؛ حيث إن الطلب بمناسبة حلول فصل الشتاء سوف يزداد خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
ولكن السوق مازال بها فائض من المعروض، وهو ما جعل شهر ديسمبر، شهر التسليم التالي، واقعا تحت ضغط بمجرد أن أصبح شهر التسليم الفوري. وما لم نشهد تغيرا في الأحوال الجوية، فإن حدوث مزيد من الارتفاع يبدو شيئا محدودا. وسوف يكون عقد تسليم شهر ديسمبر في بورصة نايمكس عالقا في نطاق واسع بين 5.45 دولار أمريكي و4.35 دولار أمريكي للمليون وحدة حرارية بريطانية إلى حين ورود أخبار جديدة.
العودة قصيرة الأمد للنفور من المخاطر التي شهدت ارتفاع سعر صرف الدولار في لحظة معينة بنسبة 2.5 في المائة تركت أيضا أثرها على الذهب، ومن ثم أكدت العلاقة القوية المستمرة بين الاثنين. وقد انخفض عقد الذهب التسليم الفوري بنسبة 4 في المائة، ولكنه وجد الدعم عند أقصى ارتفاع سابق له عند مستوى 1024.30 دولارا أمريكيا للأوقية قبل أن يرتفع بشدة في وقت سابق على العطلة الأسبوعية.
من ناحية تقنية، يواصل نطاق التعاملات الجديد تشكله، وقد تأكّد الآن الدعم عند مستوى 1024 دولارا أمريكيا للأوقية، كما أثبتت المقاومة متانتها عند مستوى 1070 دولارا أمريكيا للأوقية خلال الشهر الماضي. ويمكن الحصول على مزيد من الدعم القوي عند مستوى 995 دولارا أمريكيا للأوقية، وهو ما يمثل دعم خط الاتجاه من أدنى مستويات المعدن الثمين في 2008.
ثمة تطور مقلق رأيناه أخيرا وهو تجدد الارتفاع في أسعار الأرز. إذ ربما تعود الأسعار - وبحسب منتجي الأرز الأمريكيين - إلى الارتفاع إلى مستويات قياسية؛ حيث أدى سوء الأحوال الجوية إلى تقليص الإنتاج في كبرى الدول المنتجة له ومن ضمنها الهند. علاوة على ذلك، فإن ارتفاع تكلفة النفط دفعت تكاليف الأسمدة إلى الارتفاع مما أدى بدوره إلى رفع أسعار الأرز.
نتذكر جميعا الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي اجتاحت الكرة الأرضية في العام الماضي بعد أن أدت المخاوف من حصول نقص في الإمدادات إلى حدوث طفرة في الأسعار لتصل إلى رقم قياسي عند 25 دولارا أمريكيا للمائة رطل في أبريل 2008. وقد أعنلت الفلبين عن حجم وارداتها من الأرز لسنة 2010 بعد أن اجتاحت الأعاصير البلد وأدت إلى تلف المحاصيل، في حين يتم مراقبة الوضع في الهند عن كثب، إذ لم تعلن الدولة حتى الآن عن أي خطط لاستيراد الأرز؛ نظرا لكفاية احتياطياتها منه.
خلال الأسبوع المنقضي، بلغت أسعار الأرز تسليم شهر يناير في بورصة مجلس شيكاغو للتجارة (CBOT) مستويات لم تبلغها منذ يناير من العام الجاري. ونوصي بالبحث عن المقاومة عند مستوى 14.80 دولارا أمريكيا لشهر التسليم الفوري، في حين أن حدوث كسر لهذا المستوى يمكنه أن يطلق تحركا إلى الوراء في اتجاه 16.35 دولارا أمريكيا.
خلاصة القول، شهدت أسعار السلع أكبر ارتفاع لها منذ شهر مايو الماضي، وجاء هذا الارتفاع بالدرجة الأولى مدفوعا بأسواق الحاصلات الزراعية والطاقة، مع ارتفاع مؤشر مكتب أبحاث السلع (CRB) بنسبة 10 في المائة. ومع دخول شهر نوفمبر، نوصي بمواصلة ترقب أية مؤشرات في سعر صرف الدولار الأمريكي وأسواق الأسهم والنشرات الجوية والبيانات الاقتصادية، ولا سيما بيانات التوظيف الأمريكية يوم الجمعة المقبل الموافق 6 نوفمبر.