الجمعيات العمومية: فرص للمساهمين تضيع بغيابهم عن حضورها ورتابة إجراءاتها (1/2)

25/05/2009 0
حسان بن عبدالله علوش

تعد الجمعيات العمومية العادية فرصة سنوية للمساهمين للالتقاء بمسؤولي الشركات ومناقشة مواضيع الشركة وما يتعلق بها من أرباح وخسائر وأعمال وإيرادات ونحوها مما يتعلق بالسنة الماضية والسنة القادمة أيضا من توقعات.

 

 

ويفرض القانون التجاري عموما على الشركات المساهمة وبالأخص العامة منها عقد جمعية عمومية عادية مرة كل سنة بعد الإعلان عن النتائج المالية السنوية للعام المالي والذي غالبا ما ينتهي في 31 ديسمبر.

 

ويتطلب عقد الجمعية العمومية العادية حضور مساهمين يملكون 50% على الأقل من أسهم الشركة، وهو ما يسمى بنصاب الحضور القانوني.

 

ولدى حضورنا جمعيات عمومية لعدة شركات مساهمة عامة مدرجة في أسواق دبي وأبو ظبي والسعودية، وجدنا أن في الجمعيات العمومية فرصا متاحة للمساهمين قد تضيع مع غيابهم عنها، فهي فرصة لمناقشة واقع الشركة ومستقبلها مع صانعي قرارها والمفوضين بإدراتها من مجلس إدارة وإدارة تنفيذية عليا، كما أنها فرصة للتأكد من حسابات الشركة ومناقشتها مع الماليين في الشركة ومدققي الحسابات الخارجيين، ليخرج المساهم المستثمر بصورة متكاملة وواضحة بعيدا عن أي ضبابية فيما يخص الشركة ومستقبلها، كما أنه بحضوره واستماعه واستفساره بإمكانه أن يتأكد من أي معلومة قد تنشر أو نشرت عن الشركة، وبالتالي يتخذ قرارا سليما تجاه استثماره بعيدا عن الشك والتخمين.

 

غالبا ما تكون بنود جدول أعمال الجمعيات العمومية العادية واحدة، تبتدأ بتقرير مجلس الإدارة مرورا بقراءة سريعة لملخص البيانات المالية عن العام المنصرم ثم تقرير مدققي الحسابات ومن ثم الموافقة عليه وعلى حساب الأرباح والخسائر يتلوه مناقشة توصيات مجلس الإدارة بتوزيع أرباح من عدمه ثم تبرأة ذمة أعضاء مجالس الإدارة ومدققي الحسابات وانتخابهم وتعيين مدققي حسابات جدد أو التجديد للسابقين.

 

إن البنود الآنفة الذكر من المفترض لها أن تعطي المساهم صورة كاملة عن أداء الشركة للعام الماضي، وعن سير الشركة للعام القادم، ومن شأنها أيضا أن تشكل نقاط نقاش مهمة وبناءة فيما بين مجالس الإدرات والمساهمين المستثمرين في الشركة، لتتضح الصورة أمام المساهمين، وليستنير أعضاء مجالس الإدارات بمافيهم رئيس المجلس وحتى الإدارة التنفيذية بآراء المساهمين وملاحظاتهم واقتراحاتهم والتي قد تكون هامة وهامة جدا، وقد تشكل فرصة لمحاسبة بعض مسؤولي الشركات عن تقصير حاصل أو ضعف في الشركة أو خلل ما فيها، أو حتى خطر محدق بها.

 

هناك ملاحظات عديدة على واقع الجمعيات العمومية للشركات المساهمة العامة، طرحت من خلال قرائتنا لتلك الجمعيات بحضورها وتسجيل العديد من الملاحظات تجاهها من ناحية المساهمين والمسؤولين الإداريين والإجراءات القانونية الخاصة بها أيضا، نجملها فيما يلي:

 

·    كما ذكر آنفا إن تغيب المساهمين عن حضور جمعياتهم العمومية يعد هدرا لأحد حقوقهم في مناقشة ماضي وحاضر ومستقبل الشركة التي يساهمون بها، ومعرفة واقعها عن قرب، والتصويت لصالح القرارات التي يرون أنها من صالحهم أو بالعكس.

 

·    كما يعد التغيب عن حضور الجمعيات العمومية بحيث لا تعقد بسبب عدم اكتمال النصاب هدرا ماليا، حيث تتكبد الشركات تكاليف مالية مختلفة نتيجة لإقرار عقد جمعية عمومية، وفي هذا الإطار فإن تكلفة عقد جمعية عمومية واحدة في الإمارات داخل أحد الفنادق لا تقل عن الأربعين إلى خمسين ألف درهم في دبي أو أبو ظبي، وقد تفوق المئة ألف درهم في بعض الفنادق والأماكن، وعدم اكتمال النصاب وتأجيل الجمعية يكبد الشركة تكلفة مماثلة تذهب هدرا نتيجة عدم حضور المساهمين.

 

·    قد لا تراعي بعض إجراءات دعوات المساهمين للجمعيات العمومية في بعض الشركات الوقت أو الدقة في تحديد المساهمين وإيصال الدعوات لهم، فبعض الجمعيات يقرر عقدها تاريخ ما ولكن الإعلان عنه يتأخر حتى قرب هذا التاريخ مما قد يتسبب بإلغاء حضور بعض المساهمين، وقد تكون العنواين البريدية للمساهمين قديمة ولم تحدث كما أن الإعلان في السوق المالي عن الجمعية قد يغيب عن أنظار المساهم نتيجة كثافة الإعلانات...

 

·    تعاني بعض الجمعيات العمومية من الرتابة والسرد في بنودها، كما أن بعضها يقدم محتوى ذو روتين مكرر يصيب بعض المساهمين بالملل والنعاس فيما لو حضروا، عدا عن ملئه بكلمات المديح والولاء والتصفيق للسلطات العليا، في إيحاء غير مباشر من بعض مسؤولي الشركات على مدى التزامهم بتوجيهات السلطات الاقتصادية، خصوصا إذا اصطف موظفوا الشركة جلوسا في المقاعد الأولى منذ بداية الجمعية.

 

·    لمحنا في بعض الجمعيات تجاهلا واضحا من قبل بعض رؤوساء مجالس الإدارات ومسؤولي الشركات لطلب بعض المساهمين مناقشة بند ما أو إعادة مناقشته، خصوصا فيما يتعلق بتوصيات توزيع الأرباح وبند مكآفأة أعضاء مجلس الإدارة.

 

·    يصرف وقت كبير في بعض الجمعيات خصوصا في جمعيات معروفة لشركات كبرى، لمناقشة توزيعات الأرباح، وهو أمر قد يكون دون طائل، بسبب أن تلك الشركات تكون مملوكة بنسبة كبيرة من قبل ملاك كبار (غالبا ما تكون أجهزة حكومية)، ونسبة المساهمين الآخرين ممن حضروا الجمعية لا توازي ملكيتهم ملكية تلك الجهات وبالتالي لا طائل أبدا من الجدل حول هذا البند، خصوصا في ظل الوقت الطويل الذي يصرف لنقاش من هذا النوع والذي يحتدم أحيانا، كما أن الكثير من المساهمين لايعيرون مستقبل الشركة وواقعها والمخاطر المحيطة أي اهتمام مقابل اهتمامهم بالتوزيعات المحسوم أمرها سلفا.