افتتح يوم الاثنين أحد أهم معارض العقار بالمنطقة سيتي سكيب دبي وسط تراجع كبير في أعداد العارضين، وكذلك الزوار والمساحات المخصصة بالمعرض، بنسب فاقت 30 في المائة، ولم يكن ذلك التراجع مفاجئاً فالأزمة المالية كانت وما زالت مؤشراً واضحاً لما حدث بالمعرض، ولكن في ثنايا الوضع القائم يمكن قراءة العديد من المعطيات.
فقواعد اللعبة تغيرت بسوق العقار من خلال التركيز على احتياجات السوق حالياً، وليس البناء على توقعات متفائلة بالمستقبل كما كان يحدث سابقاً، مما أوجد بيئة سلبية لاستثمارات بعضها تبخر والآخر يعاني مشاكل تمويلية وتسويقية في آن واحد، بخلاف القناعة بضرورة انخفاض أسعار العقارات والأراضي حتى يعود الطلب من جديد، وهذا يعني تحقيق المزيد من الخسائر لمن راهنوا على قوة السوق وبالغوا بالأسعار، وكذلك سيزيد من ضعف سوق الائتمان، فالمصارف بخلاف ما تعانيه من الأزمة المالية الحالية ستزداد قناعتها بتشديد عمليات المشاريع العقارية بشكل كبير، مما يعني معاناة بعض المطورين من حالة أشبه بالشلل لتطوير أعمالهم وتراجع كبير بنمو أرباحها إذا لم نقل تحقيق خسائر أيضاً، وكذلك انخفاض بقيمة الأصول بسبب تراجع الأسعار.
وقد يرى البعض أنّ هذا ما يحدث بدبي، ولكن في حقيقة الأمر له انعكاس على سوق المنطقة، فالمعرض شكل غياباً كاملاً لشركات من بعض دول الخليج، بينما انخفضت نسبة المشاركة للشركات السعودية بنسبة 80 في المائة من 20 شركة إلى أربع فقط.
وهذا يعني أنّ للشركات الخليجية مشاكلها عموماً وإعادة صياغة أولوياتها مع ازدياد حصار التمويل وضعف السيولة للتفكير بمشاريع جديدة، مما يعطي صورة مشابهة لما قد يحصل بكافة الأسواق الخليجية من قناعة بضرورة إعادة تقييم المشاريع، خصوصا أنّ مواد البناء تراجعت أسعارها بنسب كبيرة.
وعلى صعيد آخر فإنّ المضاربين المستغلين لمثل هذه المعارض، ستتوقف عجلة دورة أموالهم بسوق العقار، ولن يستطيعوا التأثير على الأسعار، فلا يوجد مشاريع جديدة ولا يوجد مشترون أصلاً، ولذلك لا بد من تحديد وجهة جديدة لهم سيكون للأسواق المالية نصيب الأسد منها، فحتى المضاربة على الأراضي ستتأثر تبعاً لواقع سوق العقار.
فالشراء بالأصول المالية أقل تكلفة ولكن ليس أقل خطراً، مما يعني وبحسب النفسية التي يتمتع بها المضاربون من الركض وراء المغامرات عودة كبيرة لهم للأسواق المالية عموماً ولو بشكل مؤقت، حتى يستفيدوا من عمليات تدوير السيولة حتى أنه لوحظ ارتقاع سوق دبي المالي والشركات العقارية بالتحديد، معتمدين على تكريس التركيز على الشركات التي ستنهي مشاريعها، وهذا يعطينا مدلولاً إضافياً إلى أنّ الاتجاه القادم للأسواق المالية سيكون بوتيرة سريعة وفق محفزات معروفة أصلاً، ولكن سيكون التركيز عليها بشكل أكبر.مما يعني أننا سنشاهد تقلبات حادة بالأسواق خلال الفترة القادمة سيكون طابعها السرعة، ولكنها ستكون مغلفة بكثير من الحذر لعدم مخالفة الأنظمة والتعرض للعقوبات، وهذا بدوره يستدعي إعادة صياغة لأسلوب القروبات السابق بأسلوب جديد يمنع الوقوع في المحظور. فالأموال الساخنة هي ما ينتظر أسواقنا الناشئة على ما يبدو حالياً والتي تعتبر ضحية لها كنتيجة طبيعية لحجمها من حيث العمق والتنظيم، واستمرار حالة التطوير التي تجعل دوراتها سريعة وقصيرة بشكل عام، وما نأمله أن لا تتحقق كل تلك التوقعات وتبقى أسواقنا متجهة نحو المنطقية بالأداء، ولكن ذلك لا يلغي ضرورة التركيز باتجاهاتها المستقبلية ومعرفة الأسباب المحددة لذلك.
أنتهت الطفرة وسيستمر الركود لعدة سنوات