أتابع فعاليات لجنة الإعلام والتوعية المصرفية وما يتعلق منها بحملات نشر الوعي المصرفي.. وفي كل مناسبة أحضرها أسمع (مع كل أسف) أرقاما مخيفة لحالات النصب والاحتيال المصرفي لكثير من المواطنين والمقيمين. ويحزنني أن معظمهم يقعون ضحايا التفريط في معلوماتهم الشخصية وأرقامهم السرية.
هذا مع أن حملات نشر الوعي من خلال لجنة الإعلام والتوعية المصرفية للبنوك السعودية مستمرة بتوجيه الرسائل والنشرات لمختلف شرائح المجتمع، إلا أن حالات النصب والاحتيال (رغم ذلك) مستمرة.. وأسأل عن السبب في الوقت الذي دأبت فيه. ولا ننسى أن لمؤسسة النقد جهودا في مجال نشر الوعي المصرفي والتحذير من الرسائل والمكالمات المشبوهة، وإن لم تصل إلى مستوى حاجة المجتمع. لكن الواقع يشهد أنه كلما وجدت إجراءات حماية لحسابات العملاء وجدت عصابات الاحتيال أبوابا أخرى للجريمة.. وعمليات الاحتيال في تزايد حتى على مستوى العالم.
فقد وردتني رسالة من صديقي الكاتب الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد أخي الدكتور مقبل الذكير، تنبه إلى خطورة إعادة مفتاح باب الغرفة الإلكتروني بالفنادق والمنتجعات، لأنه يتضمن معلومات كاملة عن النزيل. مثل الاسم بالكامل ورقم الجواز وتاريخ الميلاد (إلى غير ذلك). بحكم أن هذه المعلومات الخاصة يمكن أن يساء استخدامها لأغراض الاحتيال المصرفي. وكذلك اطلعت ليلة البارحة على برنامج في إحدى القنوات الفضائية عن طرق جديدة للاحتيال، باستخدام جهاز إلكتروني لا سلكي لقراءة معلومات بطاقات الائتمان المصرفية Credit Card Reader. يمكنه بمجرد المرور بقرب أي محفظة أن يقرأ معلومات بطاقة الائتمان التي بداخلها.
وبحكم متابعتي لجهود نشر الوعي المصرفي، فإنني لا أجد قصورا في أداء برامج التوعية التي تقوم بها اللجنة كما وكيفا، بالقدر الذي يعتبر السبب في تكرار أخطاء عملاء البنوك وتورطهم في عمليات اختلاس نتيجة تفريطهم في معلوماتهم الشخصية والسرية للغرباء. كما لا أعتقد أن طبقة عملاء البنوك في المجتمع السعودي بهذا المستوى من الجهل، لدرجة أن أحدهم يفرط في معلومات هامة جدا لدرجة الخطورة على أرصدة حساباته لدى البنوك. وبالتالي فالمسألة بحاجة إلى إعادة بحث أسباب هذا التفريط. هل لأن المجتمع لديه حسن نية مفرط؟ أم أن هذه الفئة من العملاء لا تتابع برامج التوعية؟ وباختصار أرى أننا بحاجة لإعادة دراسة مدى فعالية تأثير برامج التوعية. وأؤكد على عبارة «فعالية» وأنني لست أقصد الأداء.. لأن هناك فرقا بين الأداء والفعالية.
والذي أقترحه.. أن تبادر لجنة الإعلام والتوعية المصرفية، بالتعاون مع الجهات المهنية والأكاديمية المعنية بفنون وأساليب رفع مستوى الوعي العام، وفي مقدمتها الجامعات. وليكون العمل في مجالات نشر الوعي بمشاركة نخبة من أساتذة الجامعات ودور الخبرة. فنحن في الدول النامية دأبنا في تعاملنا مع قضايانا بالاستفادة من مجهوداتنا الشخصية، متغافلين عن حقيقة أن للجامعات دورا اجتماعيا يمكن الاستفادة منه. وهذا أمر طبيعي مجرب في المجتمعات المتقدمة، وفي كل مناسبة يحقق نجاحات ملموسة.