أولاً إن المقصود بالحكومة في هذه المقالة هي جميع الجهات الحكومية المخولة باستثمار أموال الدولة، وأشهر مثالين على ذلك هما صندوق الاستثمارات العامة ومؤسسة النقد العربي السعودي، وبشكل محدود المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمؤسسة العامة لمعاشات التقاعد، حيث إن هاتين الأخيرتين تستثمران لصالح المستفيدين لديهما. كما إن هناك صناديق خاصة للحكومة تم إنشاؤها لأغراض متخصصة مثل صندوق سنابل، إلا أن هذا الصندوق رصد له مبلغ ضئيل ولا نعلم هل بالفعل تم تفعيلم أم لا. إنما السؤال المطروح هو عن جدوى أن تقوم الحكومة بالاستثمار المباشر في سوق الأسهم بشكل أكثر فاعلية مما هو حاصل الآن، حيث إن الحكومة حالياً لديها عدد من الاستثمارات المباشرة في الشركات المدرجة في السوق، بحكم إن هذه الشركات كانت بالأصل مؤسسات حكومية تم تخصيصها وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام، مع احتفاظ الحكومة بنسبة كبيرة من أسهمها، وهي شركات مثل سابك والكهرباء والاتصالات السعودية، إضافة إلى شركات أخرى تم الاستثمار فيها حسب ظروف مختلفة وتشمل شركات في القطاع الزراعي والبنوك. إلا إن جميع هذه الاستثمارات تعتبر استثمارات خاملة ليست نشطة بالشكل المطلوب. إذا المطلوب هو التوسع في استثمارات الحكومة في سوق الأسهم عندما تكون الظروف مؤاتية، فيتم الشراء عند جنوح أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية والبيع عندما تجنح الأسعار إلى مستويات مبالغ في ارتفاعها.
قبل التطرق للآليات والفوائد أشير إلى أن كثير من الحكومات حول العالم تقوم بممارسة هذا الدور لأسباب ربحية بحتة قبل أن تكون لأسباب سياسية أو اجتماعية، وذلك لأن الحكومة في نهاية الأمر تعمل مثل الشركات، حيث إن لديها عائدات ومصروفات وهي معرضة للربح والخسارة من خلال وجود وفر أو عجز في ميزان مدفوعاتها وحسابها الجاري، ومعرضة للإفلاس مثل أي شركة. والشواهد على إفلاس الحكومات كثيرة منها حكومة أيسلاندا والأرجنتين وروسيا وألمانيا (مرتين) ودول كثيرة أخرى شارفت على الإفلاس لولا تدخل صندوق النقد الدولي لإنقاذها، مثل فنزويلا وأوكرانيا، وحالياً عدد من الدول معرضة للإفلاس مثل اليونان والبرتغال واسبانيا. وفي السابق استفادت دول مثل تايلاندا من الهبوط الشديد لأسهم الشركات المدرجة في سوقها، عقب أزمة العملة التايلندية التي تهاوت بعد تعويمها وفكها من الارتباط بالدولار ودعم صندوق النقد الدولي لها بمبلغ 16 مليار دولار، حيث قامت الحكومة بشراء أسهم بأسعار رخيصة جداً، وتم بيعها لاحقاً بأسعار عالية. وقبل ثلاث سنوات طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في خطاب أمام البرلمان الأوروبي بضرورة شراء أسهم الشركات الأوروبية الكبيرة للاستفادة من أسعارها المتدنية، إضافة إلى، حسبما صرح، لمنع المستثمرين من خارج أوروبا من امتلاك الشركات الأوروبية.
وفي الولايات المتحدة قامت وزارة الخزانة الأمريكية بشراء كميات كبيرة من أسهم شركة أي آي جي التأمينية لامتلاك حوالي 92 بالمئة من أسهم الشركة، بعد هبوط سعر السهم بنسبة تجاوزت 99% خلال عام واحد، وفي الفصل الرابع من عام 2011م حققت الشركة ربحاً صافياً بحوالي 20 مليار دولار، وفي الربع الأول من هذا العام حققت ربحاً بمقدار 16 مليار دولار. كما حققت الحكومة الأمريكية ربحاً صافياً قدره 12 مليار دولار من شرائها لنسبة 27 في المئة من أسهم مصرف سيتي قروب أثناء الأزمة المالية، وحالياً شراءها لحصة 25 في المئة من شركة جنرال موتورز يبدو ناجحاً إلى حد كبير بالرغم من حدة الأزمة المالية وتأثيرها على الشركة، حيث قامت الحكومة بشراء 50 مليار دولار من أسهم جي إم، واستعادة حوالي نصف هذا المبلغ من أرباح الشركة حتى الآن.
هل من حاجة حالياً لقيام الحكومة السعودية بالاستثمار في الأسهم؟
نعم هناك حاجة ملحة، ويجب أن لا ننتظر وقوع الأزمات لنبحث عن الحلول. مرة أخرى أكرر إن الهدف من الدعوة لقيام الحكومة بالاستثمار في الشركة المدرجة ليس لتحمل الخسائر بدلاً من المستثمرين بقدر ما هو فرصة للحكومة للحصول على أسهم بأسعار متدنية لتحقيق عوائد مستقبلية مجزية، ولأسباب أخرى مهمة منها دعم استقرار السوق وبعث الثقة فيه، وحماية المستثمرين من الخسائر الناتجة عن ضعف آلية عمل السوق وليست بسبب ضعف أداء الشركات العاملة فيه، لإضافة لأهمية سوق الأسهم في دولة مثل السعودية حيث تشكل تعاملات الأفراد فيه أكثر من 90 في المئة من حجم التداول، وما لذلك من تأثيرات اجتماعية وسياسية في نفوس المتعاملين.
إذا كان على الحكومة ممارسة هذا الدور، فما هي الآلية المناسبة للقيام بذلك؟
أولاً هناك من قد يتساءل عما إذا كان باستطاعة الحكومة شراء كميات كبيرة من الأسهم والمحافظة على سعرها من الهبوط مما قد يعرض أموال الدولة لخسائر كبيرة. والواقع إن الحكومة حالياً تمارس عملاً أكبر من ذلك بشكل كبير وتمارسه كل يوم، ألا وهو الحفاظ على سعر تثبيت الريال مقابل الدولار، حيث إن هذا الأمر يتطلب من الحكومة ممثلة بمؤسسة النقد بالبقاء على أهبة الاستعداد لدفع دولار أمريكي واحد مقابل ثلاثة ريالات وخمس وسبعون هللة متى ما أراد شخص القيام بتحويل العملة السعودية للدولار، الأمر الذي يتطلب امكانيات ضخمة مهولة لدى الحكومة للاستمرار في ذلك، وسنأتي لتشبيه ذلك بالدور الذي على الحكومة القيام به فيما لو قررت أن تلعب دوراً فاعلاً في سوق الأسهم. ولكن للإيضاح فإن تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار يعني إن الحكومة قد قدرت سعر صرف عملتها الوطنية بمبلغ 3,75 ريال لكل دولار، وذلك لاقتناعها بأن هذا السعر هو السعر العادل لعملتها، وبذلك فلو اعتقدت مجموعات من المضاربين بأن هذا السعر مبالغ فيه (كأن يرونه من المفروض أن يكون 5 ريالات لكل دولار) فقد يقومون ببيع ما لديهم من ريالات للحصول على الدولار، فتضطر الحكومة إلى مدهم بالدولارات بقدر ما يحتاجون طالما إنها على ثقة بأن لديها ما يكفي من الدولارات والعملات الأجنبية الأخرى للتصدي لهذه العمليات والحفاظ على سعر الصرف كما ينبغي. وقد حدث ذلك بالفعل عدة مرات وتمكنت الحكومة من تأكيد صحة سعر صرف عملتها. إلا إن هناك دولاً كثيرة لم تستطع القيام بذلك، ومنها تايلندا وعدد من الدول الآسيوية في أواخر التسعينيات الماضية، ودول أخرى كالمكسيك ومؤخراً الصين إلى حد ما.
ما علاقة ذلك بسوق الأسهم؟
لنأخذ مثالاً متطرفاً نوعاً لإيضاح الفكرة، فلو إن الحكومة ارتأت أن سعر شركة سابك يستحق بكل جدارة مبلغ 90 ريال، وذلك لعلمها بقوة الشركة ومستقبلها، فقد تضع مبلغ 90 ريال كـ"سعر صرف" أدنى لأسهم سابك. فلو كانت هناك حالات بيع لأسهم شركة سابك نتج عنها انخفاض السعر إلى أقل من 90 ريال فستقوم الحكومة بشراء الأسهم عند ذلك السعر لأنها تعتبر رخيصة بالنسبة لها، ولو إن السعر تجاوز حد أعلى آخر (مثلاً 150 ريال)، فتقوم الحكومة بالبيع عنده.
ماذا لو استمر البيع فماذا على الحكومة عمله؟
الجواب أن تستمر في الشراء إلى أن تمتلك جميع أسهم الشركة إن لزم الأمر، طالما إنها فعلاً تعتقد بأن 90 ريال يعتبر سعر مغر جداً. وهل على الحكومة القيام بذلك مع جميع أسهم السوق؟ بالطبع لا، لأن الهدف كما ذكرنا هو لتحقيق ربح لصالح الدولة في المقام الأول، فلو إن هناك شركة لا تستحق السعر الذي انخفضت إليه فلن يتم شراءها إلى أن تصل للسعر المستحق.
إذا كانت المسألة تقييم لأسعار الشركات وشراء المناسب منها، أليس ذلك متاح للجميع وبالإمكان القيام بذلك من قبل كبار المستثمرين والمستثمرين بشكل عام؟
الجواب نعم، ولكن تتميز الحكومة بأن لديها امكانيات مادية غير متاحة لغيرها، وإن "نفس" الحكومة أطول من غيرها بكثير، بمعنى إنها تستطيع الانتظار مدة أطول من غيرها، إضافة إلى أن لدى الحكومة أسباب أسمى وأعظم من بقية المستثمرين في الحفاظ على استقرار السوق وجعله ركيزة اقتصادية أساسية بشكل يختلف تماماً عن أهداف المستثمرين بشكل عام. إذا هل الدور المقترح للحكومة هو دور صانع سوق؟ لا، لأن أهداف صانع السوق مختلفة، فهو عبارة عن جهة مخولة بالتداول اليومي لسد الفارق بين العرض والطلب وهو جهة تجارية هادفة إلى الربح.
في هذه العجالة يمكن تلخيص المقترح في إنشاء ذراع استثماري نشط يعمل لصالح أملاك الدولة، مكون من خبراء اقتصاديين وماليين يتم تعيينهم من قبل سلطة عليا في الدولة يمارسون عملهم باحترافية عالية وتحت إشراف مجلس رفيع المستوى يراقب أعمالهم ويجيز قراراتهم.
الحكومة تعلم ان سوقها لا يملك مقاومات الأستثمارومنها الشفافية والإنصاف ..والدليل ..(((المتكاملة )))...المتسبب في ادراجها والتغرير بالمستثمرين فيها هي (ثلاث جهات حكومية ) والنتيجة النهائية احترقت اموال المساهمين ومدخراتهم..بدون توضيح او انصاف ........!!
3مليون سهم تم لهطها من التامينات
السهم سابك عفوا
ما حولك احد!!يمين وشمال !! نخلة.............