دلالات فوز مشروع للتخرج بالمركز الأول في مسابقة أمريكية

13/05/2012 9
بشير يوسف الكحلوت

أن تفوز جامعة قطر بالمركز الأول في مسابقة عالمية سنوية شارك فيها عد كبير من الجامعات، في مؤتمر عُقد بجامعة أورلاندو بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، فذلك أمر مهم يستحق الوقوف عنده والتأمل في دلالاته ومعانيه، وأن تكون هذه هي المرة الثانية التي يتحقق فيها هذا الإنجاز في غضون سنوات قليلة لهو دليل مؤكد على أن الفوز لم يكن مجرد صدفة أو حدث عابر وإنما هو نتيجة حتمية لعمل دؤوب وتحديث مستمر للنظام التعليمي بجامعة قطر وكلية الهندسة فيها على وجه الخصوص. وقد كنت قد تابعت قبل أسابيع قليلة حواراً ساخنا على صفحات الجرائد بين إثنين من أساتذة الجامعة هما الأستاذان محمد المسفر وخالد شمس، حيث تصدى د. خالد للدفاع عن جامعة قطر وإنجازاتها العلمية وتفوقها في ميادين شتى. وقد جاء خبر الفوز بالمركز الأول ليؤكد ما ذهب إليه الدكتور خالد شمس، وأن هذه الجامعة الفتية بخريجيها قادرة على منافسة أعرق الجامعات في العالم، ليس في مقر الجامعة بالدوحة وإنما في جامعة أورلاند بفلوريدا بالولايات المتحدة.

لقد تطلبت المشاركة في المسابقة- ناهيك عن الفوز بالمركز الأول فيها بين 81 مشروع- أن يكون معدي المشروع الهندسي على دراية تامة بتفاصيله، ومدركين لأبعاده ومكوناته، وقادرين على الإجابة عن الأسئلة التي يتم طرحها عنه سواء من الناحية النظرية أم التطبيقية. كما كان عليهما إجادة اللغة الإنجليزية بالقدر الكافي لإقناع المشاركين بأهمية المشروع وفوائده. ولقد كان الطالبان أسامة بشير الكحلوت وسامر سعيد عند حُسن الظن بهما فأبليا بلاء حسناً واستطاعا بفضل الله وكرمه انتزاع الجائزة الأولى، وسطرا بذلك صفحة للمجد لقطر وجامعتها العتيدة. وهذا الفوز العلمي الرائع ينسجم ويتناغم مع اهتمام قطر بالبحث العلمي، وتكريمها للعلماء والباحثين على مختلف الأصعدة، ولكنه أيضاً يضع جملة حقائق عن التعليم في قطر لعل من بينها ما يلي:

• أن التعليم العام في قطر سواء في المدارس العادية أو المستقلة هو من الجودة بحيث أن من بين خريجي تلك المدارس من استطاع أن يشق طريقه إلى التعليم الجامعي بقوة واقتدار. الجدير بالذكر أن الطالبين الفائزين بالجائزة كانا من المتفوقين في الثانوية بمجموع يزيد عن 94%، وهما قد تمكنا من الإلتحاق بالسنة الأولى بجامعة قطر دون الالتحاق بالسنة التمهيدية؛ حيث نجحا بامتياز في اختبارات الحاسوب واللغة الانجليزية والرياضيات.

• أن التعليم العام بمناهجه المتطورة ومدرسيه الأكفاء كان بحاجة فقط إلى أمرين الأول: المزيد من الاهتمام بالمدرس وإعطائه ما يستحقه من دخل مادي يكفيه، وأن تكون لديه الصلاحيات لفرض هيبته في الفصل تحقيقاً لقول الشاعر: "قم للمعلم وفه التبجيلا... كاد المعلم أن يكون رسولاً". والأمر الثاني: متابعة الأسر للتحصيل العلمي لأبنائها بالتنسيق مع إدارات المدارس، وعدم الإفراط في التدليل على حساب مستقبلهم التعليمي.

• أن جامعة قطر قد وفرت لطلابها مناخاً تعليمياً متكاملاً من حيث قاعات المحاضرات والمناهج والكتب التعليمية ومعامل البحث والمكتبات، والكتب الحديثة، والأساتذة الأكفاء. ورغم أن لكل قاعدة شواذ، وأن الأمر قد لا يسلم من وجود بعض الأساتذة غير الأكفاء بالدرجة المطلوبة في أي وقت، إلا أن إدارة الجامعة وعلى رأسها الدكتورة شيخة المسند، وعمداء الكليات، ونخص هنا بالذكر د. مازن حسنة، يعملون على متابعة التحقق من عنصر الكفاءة التعليمية لدى الاساتذة، لاستبعاد من يثبت تقاعسه وترفيع من تثبت جدارته. ولا شك أنه تقع على عاتق الأساتذة المشرفين على أبحاث ومشاريع الطلاب للتخرج أهمية كبرى فيما يحققه الطلاب من إنجازات. وقد كان للبروفيسور خالد الليثي الأستاذ بكلية الهندسة جامعة قطر دور كبير في اختيار مشروع التخرج للطالبين أسامة الكحلوت وسامر سعيد، وفي متابعة تنفيذه وإنجازه والتأكد من صحته وخلوه من الأخطاء. وأود بهذه المناسبة أن أشد على يده، وأن أبارك فيه وفي أمثاله.

• أن مثل هذا الإنجاز يشجع الطلبة الآخرين على محاكاته، وتكراره في مشاريع قادمة، مع ضرورة أن يتم الربط بين مشروعات التخرج واحتياجات التنمية المستدامة في قطر لأفكار ومقترحات تقبل التطوير والبناء عليها في مرحلة الدراسات العليا لدرجتي الماجستير والدكتوراه.

• أن من الأمانة أن يُنسب الفضل لأهله وأن نشيد باهتمام حضرة صاحب السمو الأمير المفدى حفظه الله، وولي عهده الأمين وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر بما يقومون به من رعاية للتعليم في قطر بكافلة مراحله، وسهرهم الدائم على متابعة المسيرة التعليمية، والعمل على تصحيح مسارها كلما اقتضى الأمر ذلك.

• أن من العدل والإنصاف أن يحظى الطالبان الفائزان بنوع من التكريم لا يقتصر فقط على الجامعة، وإنما أيضاً من جانب الهيئات والمؤسسات العاملة في قطر وهي كثيرة، بحيث يُمنحان فرص عمل مناسبة لسداد ما في عنق كل منهما للمجتمع القطري من دين. فالشباب القطري أو العربي وخاصة مواليد قطر، ومن تعلموا في مدارسها وجامعتها، يكون لديهم في الغالب ولاء منقطع النظير لهذا البلد ورغبة عالية لخدمته والارتقاء بإسمه عالياً بين الأمم.