أختتم هذه السلسلة القصيرة من رؤية الإصلاح الاقتصادي في القرآن الكريم؛ بدعوة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى تبنّي جميع المفاهيم القرآنية حول الإصلاح! وأن تختصر الزمن على جهازها حديث النشأة بعقد مؤتمر رفيع، تستقطب إليه خلاصات الفكر في هذا الشأن، وتبدأ من هناك بوضع الخطوط العريضة والتفصيلية على حدٍّ سواء لمنهج وآلية عملها العالي الأهمية.
إن التجارب الناجحة بصورة عامّة تقتضي أولاً: إرادةً صادقة، ورؤية واضحة ودقيقة، وهو ما أكّدته تجربة سيدنا عمر بن عبدالعزيز التي أنجزتْ ما كان مستحيلاً في مدة وجيزة من الزمن لم تستغرق أكثر من عام! وذلك على الرغم من ضخامة حجم مساحة الدولة الأموية (من حدود الصين إلى غرب الأندلس)، وهو ما يقتضي بالضرورة أن تُستلهم هذه التجربة الفريدة في العصر الراهن، وأن يتم دراستها وبحثها كما في الفقرة التالية. ثانياً: إن المؤتمر المقترح عقده في شأن الإصلاح ومحاربة الفساد وفقاً للمفهوم القرآني، سيساهم بصورة فاعلة وقوية في توفير البيئة الخصبة والثرية للهيئة الحديثة العمر، التي ستساعدها بقوةٍ على الاستفادة منها، والانطلاق نحو تحقيق الإصلاح ومحاربة الفساد بوسائل أكثر فاعلية، وأكثر احترافاً، بما سيؤهلها عبر زمنٍ قصير لأن تؤسس تجربة إسلامية معاصرة في عصرٍ فشلتْ أغلب مدارسه الوضعية في تحقيقه، إلا على نطاقات ضيقة من بقاع العالم.
ثالثاً: (العمل التكاملي لا التنافسي) أن تضع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يدها في يد بقية الأجهزة الحكومية الأخرى، وتعمل معها بطرقٍ تكاملية لا تنافسية لتحقيق تلك الأهداف! على سبيل المثال؛ مع الوزارات المعنية بالتربية والتعليم تبدأ بترسيخ تلك المفاهيم الإصلاحية في المناهج التربوية، ومع الأجهزة في المجال المالي والاقتصادي بتأصيل مفاهيم محاربة الفساد في كل حلقات عملها، بدءاً من إقرار المشروعات مروراً بتنفيذها، ومتابعتها، والرقابة عليها. وسيكون لي عودة مستقبلاً لهذه القضية كواجبٍ لا بد من منه..