لترى تطبيقياً كيف واجه الإصلاح القرآني مؤشرات انحرافات السياسات الاقتصادية، ونتائج فشلها في تحقيق أهدافها الرئيسة، ليس عليك أن ترهق نفسك كثيراً! لديك المعجزة التي تحققتْ على يد سيّدنا عمر بن عبدالعزيز (رضي الله عنه) في ظرف عامٍ واحد، تلاشتْ في العام التالي من تجربته الفريدة جميع التشوهات الاقتصادية والاجتماعية تماماً؛ رغم استغراقها لعدة عقودٍ من الزمن قبل عهده لتتشكّل، لدرجةٍ لم تجد الزكاة من يستحقها! مقابل سلسلة لا ولم تنته من الفشل الذريع لسياسات صندوق النقد الدولي تجاوزت نصف قرنٍ؛ خلّفت وراءها نكباتٍ عظمى في حق الاقتصادات والمجتمعات.
دخلت فاطمة بنت عبدالملك زوجة عمر بن عبدالعزيز عليه وهو في مصلاه تسيل دموعه على لحيته، فقالت له: يا أمير المؤمنين ألشيء حدث؟ قال: (يا فاطمة إني تقلدت من أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم أسودها وأحمرها، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب الأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربى سائلي عنهم يوم القيامة، فخشيت أن لا تثبت لي حجة فبكيت). كانتْ هذه باختصارٍ شديد محاور السياسة الاقتصادية، ومرتكزات الإصلاح الاقتصادي القرآني التي تبنّاها سيّدنا عمر بن عبدالعزيز، إنها التجربة التي غابت بكل أسف حتى عن أدبيات اقتصاديينا المعاصرين، وأيُّ أسفٍ هنا يختلج النفس! وما يزيد الأسف أن تلك الأدبيات استحضرتْ عوضاً عنها نظريات وسياسات البائد الأمريكي ميلتون فريدمان!
إنه لمن الإجحاف الكبير بحق واحدة من أنجح التجارب الاقتصادية التنموية في التاريخ البشري، إن لم تكن الأنجح على الإطلاق ممثلة في التجربة الإصلاحية لسيدنا عمر بن عبدالعزيز، أؤكد أنه لإجحاف أن تُختصر في مجرد عدة مقالات! فهي تستحق أكبر من ذلك بكثير، أختتم في الغد ما يجب أن نفعله تجاهها..
شكرا أيها الكاتب الذي لا بد منه عبدالحميد العمري عفوا والله تستحق الدكتوراة بل أنت أكبر منها ياليتهم كلوهم مثلك بالطرحك الصادق والأمين على بلدك الحبيب . الذي يسرق آنا الليل والنهار .