الشيك الذهبي.. فرصة لتطوير بيئات العمل

23/04/2012 2
سعود الأحمد

يبدو أن الوضع متطابق في دول مجلس التعاون الخليجية ومتشابه في معظم الدول العربية في ما يتعلق بمشكلات البيروقراطية في بيئات الأعمال، مما يخلق عائقا في وجه خطط التنمية الإدارية والاقتصادية. فهناك موظفون قدامى يشغلون كراسي الوظيفة وهم لا يستطيعون مواكبة تطلعات منشآتهم، وفي ذات الوقت يصعب تسريحهم وتوظيف آخرين مكانهم. كما أن توظيف كوادر شابة في وجود هؤلاء القدامى يؤدي إلى مشكلات كثيرة، منها بطالة مقنعة وتضخم وظيفي ولجوء إلى تسميات وظيفية يمكن جمعها وتوحيد بعضها في بعض.

والغريب أن مشاعر غالبية أفراد هذه الفئة من الموظفين تكون سلبية تجاه الجهات التي يعملون بها وتجاه أصحاب القرار فيها، كونهم يشعرون بالظلم والتهميش وسلب الحقوق. كما أن مشاعر أصحاب القرار في هذه الجهات ليست بأحسن حالا من ذلك، كونهم يرون في هذه الفئة حجر عثرة أمام مساعي الاستفادة من التقنيات الحديثة.. جراء عزوف هذه الفئة عن الدخول في برامج التعليم والتدريب، ويرون فيهم تكلفة مستمرة تتحملها ميزانيات هذه الجهات!.. والآثار السلبية لهذه المشكلة كثيرة حتى على حركة المرور! هذا في وقت هناك معالجات إدارية لمثل هذه المشكلة تحفز هؤلاء الموظفين على ترك الوظيفة طواعية والتفرغ لمجالات حيوية أخرى أقرب إلى رغباتهم وطموحاتهم. وهو أسلوب مجرب وقد آتى أكله في بيئات أكثر منا تقدما... ومن ذلك ما يعرف بالشيك الذهبي.

فالشيك الذهبي يحفز قدامى الموظفين للتقاعد وفتح المجال للشباب الواعد لأخذ فرصته للتطوير الإداري. ويحقق هدف تخفيض أعداد وظائف الخروج لمصلحة وظائف الدخول، وفي ذلك مساهمة لخفض نسبة البطالة والفقر. وفيه مصلحة مادية للمنشآت والموظفين.. والمسألة هنا سهلة الحساب، فلو أن موظفا يكلف جهته (كمتوسط) أربعين أو خمسين ألف ريال، وأن تقاعده سيبلغ نصف هذا المبلغ، فإن من مصلحة جهته أن يتقاعد وأن تدفع كامل فروقات مستحقاته نقدا. لأن هذه الجهة ستجد لهذا الموظف بديلا أنفع منه وأكثر إنتاجية وبتكلفة أقل من المبلغ الذي ستدفعه لهذا الموظف نظير تحفيزه للتقاعد. والمصلحة ظاهرة لهذه الجهات حتى لو منحت لذلك حوافز كالترقيات واستمرار خدمات التأمين الصحي وغيرها.

والأمر الآخر أن هذا الموظف صاحب الخبرة سيجد له فرصة ودورا أكبر فعالية في مجتمعه، فقد يجد وظيفة استشارية في جهة تبحث عن مثله، أو يعمل بمكتب استشارات بنظام الساعة أو يتفرغ للأعمال التطوعية لخدمة أسرته أو مجتمعه أو لخدمة أنشطة توعية أو فكرية. وسيترك انطباعا إيجابيا لدى المقبلين على الوظيفة، لأنهم سيجدون في هذه النهايات السعيدة حافزا لهم للعمل بأمل كبير وبروح عالية. كما أن الموظف المتقاعد سيجد الفرصة لكي يمارس ما يرغب فيه من نشاط حر، وقد ينجح فيه ويحقق نموا اقتصاديا لنفسه وأسرته ومجتمعه واقتصاد الوطن. وسيرتاح من حضور الدوام الرسمي ومتطلبات الروتين الوظيفي.

الخلاصة.. أن حوافز التطوير الإداري متاحة وتحتاج إلى قرارات من أصحاب القرار تعود بالنفع على الأجهزة الإدارية وعلى المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني.. وبما يساهم في معالجة مشكلات اقتصادية بطرق مباشرة وغير مباشرة في الحاضر والمستقبل.