اقتصاديات شهر رمضان المبارك

24/08/2009 3
حسان بن عبدالله علوش

من وصفه الملازم له هو مبارك، مبارك في كل شيء، وتطال هذه البركة المعاش، حيث يتزايد نشاط الأسواق، عاكسا تزايد الاستهلاك بشكل كبير، ويتزايد التكافل عاكسا جانب الإحسان بشكل واضح.

تحظى السلع الاستهلاكية في رمضان بنصيب الأسد من الدخل والإنفاق، وعلى الرغم من كونه شهر صيام قد يفترض البعض له إنقاصا من الطعام والشراب موازيا للصوم، لكن الذي يحدث أنه يشكل شهر فضيلا يتزايد فيه التآلف الاجتماعي بشكل كبير مما يدعم الزيادة في الاستهلاك.

يرى البعض وأنا منهم أن كل استهلاك للحلال لا يطاله ولا يشوبه الإسراف والتبذير هو مقبول طالما كان في إطار الدخل المتاح، وطالما لا يشكل عبئا على رب الأسرة أو على دخل الفرد أو يضطره للاقتراض للوفاء بكماليات ومظاهر.

ما يحدث في رمضان، هو أن حرص الأسر وأفراد المجتمع على الوفاء بمتطلبات الإفطار والسحور اليومي، والمناسبات الجماعية المتكررة في هذا الشهر، وعلى الإحسان والبر يدفع الاستهلاك إلى الزيادة بنسبة كبيرة مقارنة بأشهر أخرى، وفي بعض الأحيان يخشى أن تؤدي زيادة الطلب على بعض المواد الاستهلاكية إلى رفع أسعارها في هذا الشهر وهو ما لوحظ في بعض الأسواق.

الجانب الاقتصادي الآخر في هذا الشهر وهو مهم جانب الإحسان المتمثل في توفير الطعام للكثير من الناس، وزيادة في وتيرة الصدقات ودفع الزكاة المفروضة التي يجعلها الكثيرون متزامنة مع رمضان، وأخيرا زكاة الفطر في ختام هذا الشهر.

وقد ذكرت تقارير حديثة أن قيمة موائد الإفطار والسحور الخيرية التي تقام في دولة مصر (مثلا) تزيد عن 300 مليون دولار، مما يعني أن تلك الموائد قد شكلت جانبا مهما من الدخل الوطني أو القومي ورافدا من روافده، كما أن زكاة الفطر في ختام هذا الشهر ستزيح هما عن كاهل الفقراء وتضيف لهم دخلا وقوتا. 

تتضح في رمضان صورة مصغرة للدورة الاقتصادية فالاستهلاك (المتزايد) يزيد من الإنتاج وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة دخول المنتجين والبائعين وبدورهم هم يقومون بالاستهلاك أيضا (ضخ أموال في الاقتصاد) وهكذا، كما أن النفقات الخيرية تشكل دخلا يذهب للمحتاجين والمنتجين والبائعين.

في رمضان هناك موسم للعمرة ينعش اقتصاد مدن الحجاز الثلاثة مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة أيضا من خلال تجارتها وخدماتها لا سيما الفندقية منها، كما ينعش شركات العمرة والسياحة في مختلف البلدان بحيث يرفدها برافد مالي هام، تزداد أهميته هذه الأيام في ظل الأزمة الحالية.

لا ننسى في رمضان أن الإعلانات تستحوذ على نصيب كبير من الاهتمام التجاري، وتتزايد عوائدها بنسبة كبيرة لدى المعلن ولدى شركات الإعلان ووسائل الإعلام أيضا التي تعتمد بشكل شبه كلي على تلك العوائد.

ومع نهاية الشهر الكريم تتسارع الاستعدادات للعيد بالتجهيز له وتمتلئ الأسواق بالباعة المشترين، وتحظى الملابس والكماليات هنا بنصيب موازٍ إلى حد ما لنصيب المواد الغذائية من الإنفاق والمبيعات.   فهو شهر كريم مليء بالخيرات .. تقبل الله من الجميع صيامه وقيامه.