أعْطوا المواطن «وجه»!

04/03/2012 3
عبد الحميد العمري

يتباين أداء الأجهزة الحكومية من جهازٍ إلى آخر، وكذا الحال حتى بالنسبة للشركات والمؤسسات في القطاع الخاص. كما أن هذا التباين المحصور بين النجاح والكفاءة في أعلى درجاته والفشل الذريع في أدناها؛ يشوبه أحياناً عدم الدقة في تحديد الدرجة المستحقة من التقييم للأداء، خاصةً إذا غابتْ الشفافية والإفصاح المستمر حول نتائج بعض أعمال ومشروعات تلك الأجهزة الحكومية والأهلية على حدٍّ سواء! وتزداد ضبابية التقييم حدّةً وتشويشاً كلما ارتفعتْ “بروباغندا” الإنجازات المزعومة لبعض تلك الأجهزة، في الوقت الذي تجهدُ عينيك لعلك ترى “نملة” إنجازٍ من هذه الإنجازات فلا ترى إلا السراب.

“مسؤولٌ” أو “تاجر”، أيٌّ منهما يُصرّح في الآفاق أنه يرى بأمّ عينيه جناتٍ ونعيماً، وأنه يشعرُ بنسماتٍ من عبير إنجازاتٍ تفوق الوصف، وأحياناً تتمادى كلماته “العذبة” لما وراء الحدود أنها الأعظم على مستوى العالم! يحيطُ بمقامه تصفيقٌ حاشد، وفلاشات وكاميرات، تتناثرُ صوره وتصريحاته في سماءات الإعلام حتى تحجب الشمس. تدور حول نفسك مرةً، وعشر مراتٍ أخرى، وتظل تدور وتدور حتى تدوخ بحثاً عمّا يراه هذا “الكائن الحي”، معتمداً على نفس الحواسّ التي لديه بالضبط! فلا ترى، ولا تشعر، ولا تلمسُ مما يتحدث عنه إلا “الغبار”.

أيها المسؤول، أيها التاجر، هلّا تمهلتما قليلاً! مضتْ عقودٌ طويلة جداً لا صوت يعلو فوق صوتكما “العذب”. هنا “كائنٌ حي” اسمه مواطن! مضى عليه زمن طويل وقد بحَّ صوته، وشاخ جسده، وهو لم يرَ أو يسمع أو يجد جنّاتكم ونعيمكم الذي عنه تتحدثان! قد تلتفتانِ إلى بعضكما البعض من الدهشة لسماعكما بهذا المصطلح لأوّل مرةٍ “مواطن”. لا تقلقا؛ ستتعرّفانِ عليه جيداً، وستفهمان لاحقاً أنه شريككما في الوجود، وأنه يرى ما لا ترون، وفي الوقت ذاته هو لا يرى إطلاقاً ما ترون! ولكن ليتحقق ذلك أعْطوا ذلك المواطن “وجه”!