إستكمالاً لسلسلة مصر في عام 2011 – تغطية اقتصادية اجتماعية (2) من المؤكد ان ثورة المصريين فى الخامس والعشرين من يناير قد نتج عنها الكثير من الإيجابيات ولكن اختلطت بها بعض السلبيات التى من المتوقع أن تهدد مصير تلك الثورة فالواقع الذى نراه الآن يكاد يكون مؤسفاٌ نظرأ لطبيعة الشعب المصرى الذى لم يحظى بالحرية وممارسة الديمقراطية فى ظل مناخ صحى وسليم منذ القدم.
و ما يعد من إيجابيات تلك الثورة التغيرات الملموسة فى جميع النواحى للدولة من تحول افضل نحو الحرية وثقة الشعب المصرى من إمكانياته لتغيير الواقع وعودة حيوية الدور المصرى على المستوى العربى و العالمى وشعور المواطن المصرى بعظمة إنتمائه لهذا البلد العظيم .
أيضا لا ننكر ما ظهر من سلبيات ما قد يؤخر من إنتاج مكاسبها ، حيث تراجع مؤشر البورصه المصرية على المستوى الداخلى والعالم , كما لوحظ ظهور مطالب فئوية إجتاحت جميع هيئات وطوائف الدولة ؛ مع العلم بأننا لا نهاجم هذه المطالب بل لكل منها قد يكون له جدواه ، ولكن نريد القول بأن المريض لا يخرج إلى الحياة العملية مباشرة بعد إجراء عملية جراحية له تم خلالها إستئصال ورم خبيث كامن بجسده ثم يطلب منه بالعمل كإنسان طبيعى ، فلابد من فتره نقاهه لمداواة جرحه بالدواء فمصر تمر بفترة عصيبه لم تمر بها منذ خليقة هذا الكون.
وعلى الجانب الأخر لا نريد أن نحمل جميع هذه السلبيات على الثورة المصرية فالفساد فى أنظمة الدولة بداية من السلطات الحاكمة كان من جراء أفعاله ما نتحمله الأن مع العلم بالإصلاح الذى يبدأ من النظام السياسى يكون له بالطبع تأثيرأ شامخاٌ على جميع نواحى الدولة من إصلاحات على المستوى الإقتصادى والإجتماعى والسمو بالمستوى الإقليمى والعالمى لهذه الدولة.
فإنه على مدار عقدين من الزمن انتظر المصريون ثمارا لما سمي بالإصلاح الاقتصادي، ولكنهم وجدوا في النهاية ارتفاعا في معدل البطالة وصل لنحو 15%، وكذلك ارتفاعا في معدل التضخم اقترب من 18% ، و الأمر من ذلك خط الفقر الذي انضوى تحته نحو 25% من سكان مصر، أما الفساد الذي ساد كافة أرجاء الجهاز الإداري للدولة، فحدث ولا حرج .
فقد وصل عدد قضايا الفساد بهذا الجهاز سنويا لنحو سبعين ألف قضية. وتقدر خسائر مصر بسبب الفساد بحوالي ستة مليارات دولار سنويا. بينما قدر البعض حجم اقتصاديات الفساد في مصر بنحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي ، وانعكس هذا كله في وجود مؤشرات اقتصادية مضللة تم العبث بها لإيهام المواطنين بأن هناك ثمة إصلاحات اقتصادية.
ولا يغيب عن أحد ممارسات رجال الأعمال في تسقيع الأراضي والمضاربة عليها مما بدد ثروات كبيرة، وبعد أن حصل رجال الأعمال على كافة المزايا من ضرائب وجمارك وأسعار شديدة الانخفاض لأراضي ومرافق الدولة، اتجهوا للتجارة وأهملوا الصناعة، مما جعل من مصر مجرد سوق للمنتجات الأجنبية وعلى رأسها السلع الصينية.
كما ظلت حكومات عهد مبارك تعلق أداءها السلبي اقتصاديا على شماعتي الزيادة السكانية، والأزمات الاقتصادية والسياسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
التحديات الراهنة للإقتصاد المصرى بعد ثورة 25 يناير:-
يمر الإقتصاد المصرى بفترة حرجة نتيجة أحداث ثورة 25 يناير، إذ تأثرت جميع القطاعات تقريبا بما حدث، ومازال هناك قدر كبير من الشلل يعوق عودة دورة الحياة الاقتصادية الطبيعية، ويمثل انعدام الأمن أحد المعوقات الرئيسية أمام استعادة دوران عجلة الإنتاج وانتظام المعاملات الاقتصادية، وفى تقديرى أن عام 2011 كان بمثابة فترة انتقالية لاستعادة العافية والاستقرار، بينما سوف يكون عام 2012 بمثابة فترة نقاهة للاقتصاد المصرى تمهيدا لأن يكون عام 2013 بداية انطلاقة جديدة للاقتصاد المصرى نحو النمو والارتقاء.
فى واقع يحقق آمال الشباب، الذي لا ينحصر فقط في تلبية مطالبهم في الحصول على العمل والخروج من دائرة الفقر، واقعًا جديدًا يجعل من الأداء الاقتصادي لمصر وجها جديدا، يكرس مبدأ تقديم أهل الخبرة على أهل الثقة ويكبح الفساد، ويصنع إرادة سياسية واقتصادية، تستغني بها مصر عن المعونات ولا تخضع للتبعية أو وجود شبهة تأثير على قرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
إن الثورة في بدايتها كانت جيدة ولكنها أدت بعد سقوط النظام إلى شعور كل فرد بالحرية غير المسئولة وأن هذه البلد بلده يفعل بها ما يشاء دون رقيب أو حسيب فكل شخص يعتقد بأنه يحمل فى جيبه جزء من الشرعيه الثورية فيفعل به ما شاء دون ضوابط فلابد من إتباع القانون لإستخدام الشرعية الأستخدم الأمثل للنهوض بالبلاد.
و نحن حقا كنا بحاجة إلى مقولة الشيخ الشعراوى "الثائر الحق هو الذي يهدأ ليبني الأمجاد" فهذا هو الوقت المناسب الذي يجب علينا فيه أن نبدأ بالبناء و النهضة لبلدناالغالية مصر و البناء يبدأ بأن يكون لنا حجميعا حلم و نشارك فيه جميعا مع تقديم كافة التضحيات لتحقيق هذا الحلم.
و على شباب مصر ان يكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وهذا ما حدث في المظاهرات و التي أدت إلى الثورة كما رأيناها ونجحت لتكاتفنا جميعا، ويجب على كل فرد لابد أن يضيف شيئا للحياة يوميا و أنه يجب أن يحاسب نفسه في نهاية كل ليلة على الإضافة أوالإنتاج الذي أنتجه يوميا .
فأننا خسرنا أشياء كثيرة في العهد الماضي خاصة تنوع منتجات التصدير وعدم الأستفادة من المميزات التاريخية والحضارية لمصر في جذب اكبر عدد من السائحين ، و يجبنتطرق إلى العشوائيات في مصر و ضرورة تكاتف قوى المجتمع للقضاء على تلك العشوائيات التي تؤثر سلبا على كافة قطاعات المجتمع.