حول إمكانية شق قناة تربط البحر بالخليج

06/02/2012 7
سعود الأحمد

في مقالي الأسبوع الماضي بهذه الزاوية، اقترحت استغلال شبكات السكك الحديدية التي تربط جدة بالجبيل مرورا بمدينة الرياض والدمام، وذلك بشق أنفاق يخصص أحدها لنقل وربط مياه البحر الأحمر بمياه الخليج، وآخر يخصص لما يمكن إيصاله من شبكات الاتصالات التي قد تحتاج لها المدن والبلدات التي قد تحتاج لذلك. وقد وردتني تعليقات بعضها يؤيد وبعضها يعارض الفكرة.. ولعلي أناقش أهمها هنا.

في موقع الجريدة يقول سامي أبو إسماعيل، ويتفق معه أحد كبار المسؤولين، إن المشروع سيواجه معضلة أن مستوى سطح البحر الأحمر صفر وأن الرياض ترتفع بمقدار ستمائة متر فوق سطح البحر. وأعتقد أنه يمكن معالجة هذه المشكلة بمضخات دفع ضخمة كما هو حاصل في نقل مياه التحلية من الشرقية إلى الرياض والقصيم وغيرهما. ونعتبر أننا عملنا مشاريع تحتاج إلى مضخات ضخمة مثل مضخات نافورة جدة التي تزين كورنيش الحمراء. وأعتقد أنه يمكن حل هذه المشكلة بمجرد ضخ المياه إلى قمة جبل الكر (الهدا) التي ترتفع 2500 متر فوق سطح البحر، لينحدر قويا ليصل إلى أي نقطة في الجزيرة العربية.

الملاحظة الثانية أن وزارة النقل قد حددت مسافة 25 مترا كحرم على جانبي قطار الحرمين السريع (المقرر تنفيذه)، وبالتالي يمكن عمل شبكات المياه الخراسانية تحت الأرض في هذا الحرم ومنه تتفرع للمدن والبلدات المحتاجة.. وأعتقد أنه مقترح وجيه.

أحد الإخوان يقول إن مياه البحر لو تدفقت للمياه الجوفية بوسط الجزيرة العربية فهذا سيقلبها إلى مياه مالحة وسيفسد المياه الجوفية في الجزيرة العربية. ويقترح تخفيض ملوحة مياه البحر قبل ضخها، ويمكن توجيه الضخ من جدة إلى المدينة المنورة ومنها إلى وادي الرمة وسيتجه الماء بفعل منسوب الأرض والرياح وعوامل اتجاه المياه الأخرى ليشق الجزيرة العربية عبر وادي الرمة حتى يصل إلى الشمال الشرقي.

وهذا المقترح البديل سيكون أقل تكلفة لأن مسافته أقصر بكثير، وهذا المقترح يستحق الدراسة. ويؤكد على أن المشروع الذي سيربط البحر بالخليج هو الجسر البري السعودي وهو الذي سيربط غرب المملكة بشرقها أو سيربط مدينة جدة بالجبيل مرورا بالرياض والدمام بتكلفة من 50 إلى 60 مليار ريال، وهذا المشروع لا يزال تحت الدراسة. وهذا مما يؤيد المقترح لأن المشروع في مراحله الأولى. ولا شك أن العوائق ستكون محل نظر، لكن مضاهاتها بالعوائد هي الفيصل في المضي قدما والبت في هذا المشروع من عدمه.

ومن ذلك تلطيف الأجواء والقضاء على مشكلة التصحر التي تعاني منها معظم مدن وبلدات وهجر المملكة العربية السعودية وتنمية الحياة البيئية، وما ستسببه من توازن في التوزيع السكاني بمختلف مناطق المملكة المتعطشة للمياه، وما لذلك من انتعاش الإنتاج الزراعي والحيواني وتخفيض تكاليفها، مما سيؤدي إلى تخفيض أسعارها في الأسواق المحلية.

وقد نصل إلى مرحلة تنافسية في هذا المجال وما سيكون له من مساهمة إيجابية في تنويع مصادر الدخل وزيادة الناتج القومي. وختاما.. لعلي أذكر بأن مشروع كورنيش جدة كان شبه حلم، وكأني أشاهد المعدات الثقيلة (قبل ثلاثين عاما) وهي تجلب الأحجار الضخمة لتضعها على الكورنيش المخطط ردمه، وأخرى معدات ثقيلة جدا مخصصة لشفط التراب والأحجار من أعماق البحر لتردم به هذه الأحجار الضخمة.. وكنا نشاهد هذه العملية بنوع من الاستغراب كيف سيتم بناء كورنيش جديد على طول ساحل جدة.. وها نحن نراه اليوم، بفضل الله وهمة الرجال، وقد أنجز عيانا. ومثله مشاريع أنفاق مكة المكرمة وغيرها.

مما يؤكد أن الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية تكلف المال والوقت والجهد، لكن عوائدها على المدى الطويل تكون مجزية. ولولا ذلك لما وجدت سكك القطارات وأمثالها في معظم دول العالم.