قفز عدد السكان في نهاية شهر يناير الماضي إلى أعلى مستوى له وهو 1.76 مليون نسمة مقارنة بـ 1.69 مليون بنهاية شهر يناير 2011، و 1.56 مليون بنهاية يناير 2010. وبذلك يكون عدد السكان قد نما بنسبة 12.7% في سنتين وبمعدل 6.35% في السنة الواحدة. وإذا استمر العدد في النمو بنفس الوتيرة أي بمعدل6.35% سنوياً، فإن إجمالي عدد السكان بنهاية عام 2016 -التي هي نهاية فترة استراتيجية التنمية الأولى- مرشح لأن يصل إلى مستوى 2.38 مليون نسمة. الجدير بالذكر أن النمو السكاني في قطر قد تباطأ في عامي 2009 و2010 نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد القطري، وشكل الرقم 1.7 مليون نسمة السقف الأعلى للعدد في تلك الفترة. وبارتفاعه عند نهاية شهر يناير الماضي إلى مستوى 1.76 مليون نسمة يكون العدد قد خرج من دائرة التباطؤ وعاد إلى الارتفاع من جديد بمعدل يقترب من المعدل المتوسط لنمو السكان في 40 سنة وهو 7% تقريباً. فهل أدى انخفاض معدلات الإيجارات إلى نصف ما كانت عليه في منتصف عام 2008، وانخفاض معدل التضخم إلى 2.1% في ديسمبر الماضي، إلى عودة عائلات أعداد من المقيمين التي تركت البلاد في فترة ذروة ارتفاع الإيجارات، وخاصة في ظل اضطرابات سياسية عميقة شهدتها دول الجوار العربي في مصر وسوريا واليمن؟ أم أن عجلة النشاط الاقتصاد للقطاع الخاص قد بدأت تدور بشكل أسرع مما ألفناه في العامين السابقين؟
يمكن القول من حيث المبدأ أن زيادة عدد السكان على النحو المشار إليه تعود بالدرجة الأولى إلى العامل الأول الذي هو عودة العائلات إلى قطر بتأثر مزدوج من تراجع معدلات الإيجار في قطر، واضطراب الأحوال السياسية والأمنية في المنطقة العربية، والدليل على ذلك أن نسبة الأناث في مجمل السكان قد سجلت زيادة مطردة في السنوات الأربع الأخيرة، ففي حين كانت 21.9% في يناير 2009، فإنها قد ارتفعت إلى 23.7% في يناير 2010 ثم إلى 25.4% في يناير 2011، وإلى 26% في يناير 2012. ويفسر هذا التغير الملحوظ في نسبة الإناث في التركيبة السكانية ما تشهده الدوحة والريان في الشهور الأخيرة من ازدحام في حركة المرور رغم كل ما تم إنجازه من مشروعات طرق وجسور وأنفاق.
ومن الشواهد الأخرى التي تدعم الأخذ بالتفسير الأول وليس الثاني، أن البيانات المصرفية الدالة على مدى نمو أنشطة القطاع الخاص في عام 2011 في قطر قد أشارت إلى نمو محدود في كل من ودائع القطاع الخاص والائتمان المحلي الممنوح له في عام 2011. فقد نمت ودائع القطاع الخاص بنسبة 6.2%، في حين نما الائتمان الممنوح لقطاع الخدمات بنسبة 4.8%، وتراجع الائتمان الممنوح لقطاع الصناعة بنسبة 6.6%، وتراجع ائتمان المقاولين بنسبة 5.3%، مقابل نمو القروض الاستهلاكية بنسبة 19.8%، والتجارة بنسبة 18.5%.
وتجدر الإشارة إلى أن الزيادة التي طرأت على العدد الكلي للسكان، هي زيادة فعلية وليست ظاهرة موسمية، باعتبار أن البيانات المشار إليها هي لشهر يناير، وليس لشهر يوليو. ففي حين ينخفض عدد السكان بأكثر من 150 ألف نسمة بسبب موسم الإجازات السنوية في فصل الصيف، فإن نسبة المغادرين لأعمال أو في إجازات في شهر يناير تكون منخفضة جداً.
وتظل ملاحظة لا بد من الإشارة إليها وهي أنه رغم الزيادات التي طرأت على العدد الكلي للسكان إلا أنها تقل عن المتوسط العام للنمو الذي حدث في السنوات 2004-2010 والذي بلغ 14.8%. ومع ذلك تتفق تلك الزيادت مع أحد السيناريوهات التي أشرت في مقال سابق في يونيو 2010، عندما نبهت إلى أن المعدلات المرتفعة للنمو السكاني قد ترفع عدد السكان- إذا ما استمرت بنفس المعدل إلى 2.34 مليون نسمة في عام 2016.
ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ، وإن كان ما ورد في المقال يعتمد على بيانات رسمية منشورة وليس مجرد تكهنات