تنويع مصادر الدخل

07/01/2012 3
صلاح الدين خاشقجي

كتبت الكثير من المتفرقات حول هذه القضية، والكل في السعودية يعرف أهميتها. فمن غير المعقول أن يبقى النفط هو المصدر الرئيسي، حتى وإن كانت احتياطياتنا منه كبيرة، وحتى إن لم يوحد مصدر طاقة بديل خلال الخمسين سنة القادمة. والسبب الرئيس وراء ذلك هو أننا نضع كل "مصادرنا" في سلة واحدة. فيما يخص أسعار النفط، فمن غير المتوقع أن تنخفض على المدى القصير أو المتوسط. فالنفط الغير تقليدي ذو كلفة عالية، وعليه لتحقق أمريكا نظريتها في أمن الطاقة، من الضروري بقاء أسعار النفط حول 100$ للبرميل. ولكن هل لهذا الواقع أن يستمر للأبد.؟ لا يمكن لأحد الإجابة عن هذا السؤال.

في العام 2008، قامت شركة جينيرال موتورز بإشهار إفلاسها بحسب الفصل الحادي عشر لحمايتها من الدائنين، وقامت باستخدام أموال دافعي الضرائب لإعادة هيكلتها. وقتها لاحت لنا فرصة الاستحواذ على جزء من الشركة، وفرض بعض من الشروط الخفيفة. مثل نقل بعض مصانع الشركة إلى السعودية لتكون لبنة أساس صناعة تحويلية رئيسية، تمتد حولها شبكات من الصناعات اللوجيستية من نقل وتخزين وإعادة تدوير إلخ. مثل هذه النقلة كانت ستضيف الكثير للاقتصاد السعودي بحيث يتم تنويع مصادر الدخل، كمل ستخلق عدد كبير من الوظائف لمكافحة البطالة وتشغيل مدننا الاقتصادية التي ما تزال في طور النمو. مثل هذه النقلة النوعية تقوم بها إمارة أبو ظبي بتحويل قاعدتها الصناعية إلى أكبر مركز لتصنيع الطائرات التجارية بالاتفاق مع إيرباص حاليا.

النوع الآخر من تنويع مصادر الدخل هو البقاء في مجال صناعة الطاقة، ولكن بشكل يضمن لنا الاستمرارية لعقود، بل لقرون مقبلة عن طريق الاستثمار في الطاقات المتجددة والبديلة. أهم هذه الطاقات هي الشمسية، فكما حبانا الله بالنفط، فقد حبانا بمساحات شاسعة وأيام مشمسة معظم السنة. إسبانيا تعد الدولة الرائدة في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لأن عدد الأيام المشمسة فيها هو الأعلى في أوروبا، والسعودية تتفوق في هذا على أي دولة أخرى. مبادرة أرامكو في تنويع محفظتها من الطاقة مع شركة كورية خطوة مميزة. ولكن بقاء المصانع في كوريا، واستخدام مواد أولية غير متوفرة في الأراضي السعودية لن يساعدنا في توسيع قاعدتنا الصناعية ونقل التقنية. وبالتالي إنتاج كافة ما يتعلق بهذه الصناعة الجديدة على أراضينا وخلق صناعة جديدة تساند الصناعتين النفطية والبتروكيماوية.

آخر هذه الأنواع هو الاستثمار الخارجي في مشاريع البنية التحتية طويلة الأمد، والتي تدر العوائد بشكل مستمر. فإمكانية الاقتصاد السعودية على إستيعاب استثمارات ضخمة بدون التأثير على معدل التضخم ضيقة. فبمجرد رفع قرض صندوق التنمية العقارية إلى 500 ألف ريال وتفعيل إمكانية تطبيقه على الشقق السكنية، فقد ارتفعت أسعار الأخيرة بعد أن كانت راكدة لردح من الزمن. أن حجر الأساس لتنويع مصادر الدخل ولأي نقلة نوعية للاقتصاد السعودي من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج هو الاحتياطيات النقدية. فالعائد على الأوراق المالية للحكومة الأمريكية يقارب الصفر، ما يعني أن هذه الاحتياطيات تخسر من قيمتها عند احتساب التضخم. كما تلعب هذه الاحتياطيات دور الضمانة للاقتصاد السعودي والعالمي (إلى حد ما) فإن تفعليها بكفاءة أكبر سيؤدي إلى دور أكبر للاقتصاد السعودي.