كل عام وأنتم بخير.. ونرجو أن يكون عام 2012 عام خير وبركة على أمتنا العربية والإسلامية.. وقد شهد العام المنصرم العديد من الأزمات المالية والاقتصادية في الدول الصناعية المتقدمة وخاصة أوروبا والولايات المتحدة واليابان. ولكن الأداء الاقتصادي في قطر ودول منطقة الخليج كان أفضل بسبب ارتفاع أسعار النفط، ووجود فوائض في الموازنات العامة، ونمو الاقتصادات بمعدلات كبيرة. ومع ذلك كان أداء البورصات الخليجية سلبياً في مجمله حيث تراجعت مؤشرات كل البورصات بنسب متفاوتة بلغت 18% في دبي و 12% في أبوظبي، و 10% في البحرين كما سجلت بورصات مسقط والكويت والسعودية تراجعات مختلفة, وسجل مؤشر بورصة قطر ارتفاعاً محدوداً بنسبة 1.12%. وقد سجل المؤشر ارتفاعه المشار إليه رغم أن المؤشرات القطاعية للتأمين والصناعة والخدمات قد تراجعت، ورغم أن أسعار أسهم 26 شركة قد انخفضت، في مقابل ارتفاع أسعار أسهم 16 شركة فقط.
ويمكن أن نعزو ارتفاع المؤشر في قطر بنسبة 1.12% إلى ارتفاع مؤشر قطاع البنوك وبوجه خاص سعر سهم الريان الذي ارتفع بنسبة 45.8%، وسعر سهم الأهلي بنسبة 33.6%.
ولقد شهد العام 2011 ظاهرة انفلات أسعار أسهم بعض الشركات، مثلما حدث مع الريان والأهلي إضافة إلى ارتفاع سعر سهم السينما بنسبة 163.9%، وارتفاع سعر سهم الميرة بنسبة 143.7%، والمواشي بنسبة 108.2% والمخازن بنسبة 56.1%، والرعاية بنسبة 35.1%. وباستثناء سعري السلام، وقطروعمان اللذين ارتفعا بنسبة 19.5% لكل منهما، فإن التسع شركات المتبقية كانت ارتفاعات أسعار أسهمها بنسب محدودة. وقد كان وراء انفلات أسعار أسهم بعض الشركات أسباب لم يكن أغلبها مفهوماً ، فمصرف الريان لن يوزع في الغالب أكثر من ريال واحد للسهم انطلاقاً من حجم أرباحه المتحققة في 9 شهور، ومع ذلك كان التداول على سهم الشركة قوياً طيلة فترات السنة. وكان الطلب على سهم الميرة قوياً جداً في بعض الفترات بحيث ارتفع سعر السهم إلى مستوى 170 ريالاً رغم أن أخبار الاستملاكات التي حققتها الشركة مع المخازن الكبرى والمخابز الأميرية وغيرها، لا تبرر ذلك كما أن التوزيعات السابقة للأرباح في حدود 5 ريال للسهم لا تدعم سعراً مرتفعاً حتى لو زادت التوزيعات إلى 7 ريال للسهم، باعتبار أن البنك التجاري يوزع 7 ريال وسعره في حدود 84 ريال. أما ارتفاع سعر سهم المواشي فهو نتيجة لجهود الشركة في تحسين مركزها المالي قبل استملاكها من وزارة الاقتصاد والمالية، مع قدر لا بأس به من المضاربات على السهم.
وفي المقابل فإن انخفاض أسعار أسهم 26 شركة وبنسب كبيرة في بعض الأحيان لهو أمر محير ويحتاج إلى تفسير. وقد كان في مقدمة الأسهم التي انخفضت أسعارها كيوتيل بنسبة 21.2% والوطني بنسبة 17.8% وبروة بنسبة 17%، وأعمال بنسبة 29.9%، ومجمع المناعي بنسبة 28.8% وأزدان بنسبة 27.3%، ومزايا بنسبة 22.7% والخليج الدولية بنسبة 16.3%، وناقلات بنسبة 12.5% والملاحة بنسبة 18%، وزاد بنسبة 22.1% والعامة للتأمين بنسبة 20%.
ويرجع انخفاض سعر سهم الوطني إلى زيادة عدد الأسهم المتداولة نتيجة توزيع أسهم مجانية ثم
زيادة رأسمال البنك بنسبة 25% بسعر 100 ريال للسهم في النصف الأول من العام 2011. وأما انخفاض أسعار أسهم معظم الشركات الأخرى فيرجع إلى عوامل مختلفة منها ما يعود أيضاً إلى توزيع أسهم مجانية كالعامة للتأمين، ومنها ما يعود إلى تراجع أداء الشركات ونتائجها في الشهور التسعة الأولى من العام 2011، ومنها ما يتعلق بضعف التداولات في البورصة بوجه عام.
ولقد كان من المتوقع أن يؤدي تراجع معدلات الفائدة على الودائع المصرفية في قطر إلى ما بين 1-2% إلى تعزيز الإقبال على تجارة الأسهم وتنشيط التداولات في البورصة، إلا أن ذلك لم يحدث ربما بسبب استمرار المخاوف من الأجواء غير المواتية للاستثمار عالمياً في ظل الأزمات الاقتصادية وثورات الربيع العربي في بعض الدول العربية. ونلاحظ أنه عندما كان الانتعاش قوياً في عام 2007، ومعدلات الفائدة مرتفعة، فإن تداولات البورصة كانت كبيرة والأسعار في حالة ارتفاع أما عندما انخفضت معدلات الفائدة فإنها سحبت معها معدلات العائد على معظم الأنشطة الاقتصادية ومنها تجارة الأسهم. وأخشى أن يستمر هذا الحال في عام 2012 حيث من غير المتوقع أن ترتفع معدلات الفائدة في العام الجديد.
ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله جل جلاله أعلم.