أسبوع واحد فقط يفصلنا عن نهاية العام 2011، وبعده تتضح للمهتمين بالشأن الاقتصادي والمالي محصلة أداء القطاعات المختلفة. وفي حين يتأخر الإعلان عن نتائج كثير من المتغيرات والمجاميع الاقتصادية، فإن أرقام البورصة تكون سباقة في الظهور، وقد رأيت أن أسبق الجميع بقراءة سريعة لأهم ملامح أداء البورصة من بداية العام وحتى الأسبوع ما قبل الأخير من ديسمبر، فكيف كان أداء البورصة القطرية هذا العام من حيث التغيرات التي طرأت على المؤشر، وإجمالي التداولات، والمتوسط اليومي لها وحجم الرسملة الكلية، وما هي القطاعات التي ارتفعت مؤشراتها، وما تلك التي انخفضت، وما هي التغيرات التي طرأت على أسعار أسهم الشركات؟
وقبل أن نجيب على هذا الأسئلة، نشير في عجالة إلى أهم المعطيات التي أثرت على الأداء ومنها أن الاقتصاد القطري قد حقق نمواً اقتصادياً يقدر بنسبة 15.7% بالأسعار الحقيقية، وأن الموازنة العامة للدولة قد حققت فائضاً قُدر له عند صدور الموازنة أن يكون 22.5 مليار ريال،. وفي المقابل بدل مصرف قطر المركزي سياسته النقدية بحيث خفض سعر فائدة الإيداع لدى المصرف إلى 0.75 %، وخفض سعر فائدة الاقتراض من المصرف إلى 4.5%، وأصدرت الحكومة سندات وأذونات خزانة بقيمة تصل إلى نحو مائة مليار ريال، وضاعفت الحكومة وشركات القطاع العام من اقتراضها من الجهاز المصرفي إلى ما مجموعه 141 مليار ريال حتى نهاية شهر نوفمبر، لتمويل التوسع الاستثماري الخارجي، ولضبط السيولة المحلي. كما نشير إلى أن أرباح الشركات المساهمة المدرجة في البورصة في تسعة شهور قد بلغت 27.9 مليار ريال-بدون خسائر فودافون- وأنها بذلك قد ارتفعت بنسبة 22% عن الفترة المناظرة من العام السابق. ويضاف إلى ما تقدم أن الحكومة زادت رواتب القطريين بنسبة 60% منذ شهر سبتمبر، وأن الأوضاع المالية العالمية كانت غير مستقرة بسبب أزمة الديون السيادية في أوروبا، ومعضلة تمويل عجز الموازنة العامة في الولايات المتحدة، وأثرت الثورات العربية بدرجة ما على بورصة قطر وعلى البورصات العربية بوجه عام.
وسط هذه الأجواء حققت بورصة قطر بعض التقدم على صعيد المؤشر العام وبعض المؤشرات القطاعية، وعلى صعيد إجمالي التداولات والمتوسط اليومي، ولكن الرسملة الكلية لم يطرأ عليها تغير يذكر. وفي حين سجلت أسعار أسهم بعض الشركات ارتفاعات كبيرة وغير متوقعة، فإن أسعار أسهم شركات أخرى قد ظلت مستقرة، وانخفضت أسعار أسهم بعض الشركات بشكل ملموس. ونوجز فيما يلي أهم ملامح الأداء:
1- ظل مؤشر البوصة معظم شهور السنة دون مستواه عند بداية العام، ولكنه حقق ارتفاعاً في الأسابيع الأخيرة تجاوز به مستواه عند نهاية العام بنسبة 1.14% عن إقفال العام الماضي. وتشير المؤشرات القطاعية إلى أن قطاع البنوك قد حقق زيادة بنسبة 7.1%، في حين تراجعت مؤشرات القطاعات الأخرى بنسب 6.8% للتأمين، و 7.8% للخدمات ، و 0.7% للصناعة. وظل مستوى الرسملة عند مستوى 450.1 مليار ريال بانخفاض طفيف عن نهاية العام 2010.
2- أن إجمالي التداول قد ارتفع بنسبة 14.9% إلى 77 مليار ريال بمتوسط يومي 308 مليون ريال، مقارنة بمتوسط 268 مليون ريال في عام 2010.
3- أن أسعار أسهم 13 شركة قد ارتفعت بشكل ملحوظ وهي الريان والأهلي والدولي والإسلامية للتأمين، وكهرماء والرعاية والسينما، والمواشي، والمخازن، والميرة، وقطروعمان والمصرف ووقود.
4- أن أسعار أسهم 18 شركة قد تراجعت ومنها الملاحة، وأعمال، وبروة وناقلات وأزدان، والخليج الدولية والمجموعة الإسلامية القابضة، والخليج القابضة، والطبية، ومزايا وفودافون، وزاد، والتجاري، وقطر للتأمين، والإسمنت، وصناعات قطر، والإجارة والمناعي.
5- أن أسعار أسهم بقية الشركات قد ظلت مستقرة أو أنها انخفضت قليلاً نتيجة توزيع أرباح أسهم مجانية أو زيادة رأس المال، ومنها الوطني وبنك الدوحة والخليجي، والعامة للتأمين، والخليج التكافلي، والمتحدة للتنمية، ودلالة، والدوحة للتأمين.
وارتفاع سعر السهم قد يكون بسبب زيادة في الأرباح المتحققة والمتوقع توزيعها على المساهمين في حين أن تراجع الأرباح أو زيادة عدد الأسهم ومن ثم تراجع الأرباح الموزعة، يؤدي إلى انخفاض سعر السهم. وهناك عوامل أخرى من بينها ما يتصل بمستقبل الشركة كإتمام صفقة الحي المالي لبروة، أو استحواذ الحكومة على شركة مواشي.
وفي الجزء الثاني من هذا المقال نلقي الضوء على الأسباب المحتملة لارتفاع أو انخفاض أسعار أسهم كل شركة من الشركات المشار إليها. ولكننا نشير في محصلة ما تقدم في هذا المقال إلى أن الزيادة الطفيفة في قيمة المؤشر في عام 2011، وتراجع ثلاث من المؤشرات القطاعية، وعدم تغير الرسملة الكلية للسوق، رغم ارتفاع أرباح شركات السوق في مجملها في 9 شهور بنسبة 22% عن الفترة المناظرة، وتراجع أسعار أسهم 18 شركة، هي أمور تدعو للقلق، وتحتاج إلى مراجعة شاملة لأوضاع البورصة حتى يأتي أداؤها منسجماً مع معدلات نمو الاقتصاد القطري، أو أن متغيرات السياستين المالية والنقدية هي التي بحاجة إلى مراجعة لتحقيق نفس الهدف والغاية.