التوعية بترشيد الخدمات تكون أكثر فعالية بين النشء في مراحلهم العمرية المبكرة.. وهي فكرة ما زالت تحتاج إلى تبنٍّ جاد وشروع فاعل في التنفيذ. ولكي تنجح لا بد من التركيز على الجانب الاقتصادي فيها، ليكون المدخل الفكري للتوعية. وليكون ذلك العمل بالتنسيق بين المنظمات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.. والمنظمات التعليمية العالمية المتخصصة، وفي مقدمتها منظمة اليونيسكو.
فالإشارة إلى تكاليف إهدار الموارد الاقتصادية في المجتمعات التي تدفع فيها الحكومة معونات لشركات توليد الطاقة (مثل السعودية) عطفا على تكلفة الطاقة بصورة رقمية، وذلك بالاستدلال على أن تكلفة وحدة الكيلوات الكهربائية على الدولة تصل إلى عشرين هللة، وأنها تباع للمستهلك بمبلغ يقارب خمس هللات، وأن المتر المربع يكلف قرابة ستة ريالات ويباع للمستهلك بست هللات! مثل هذه المداخل ربما تكون أوضح وأبلغ من تكرار الحديث عن فضائل الإيثار وترديد شعارات حملات التوعية التقليدية التي لم ولن تجدي نفعا؛ لأن موضوع اقتصادات استهلاك الطاقة لم يعد هدفه تحقيق منافع عامة، بقدر ما هو لتفادي شبح نقص وتأخر توفير وانقطاع هذه الخدمات الضرورية. وبشيء من التركيز، نذكر بتأخر توصيل خدمة المياه ببعض الأحياء وبعضها لديها التوصيل وليست لديها الخدمة بالعواصم كمدينة الرياض، كما نذكر بالانقطاع الذي يحصل كل عام ببعض المدن والبلدات في الكثير من دول العالم، من منطلق أن درء المخاطر مقدم على جلب المنافع، ناهيك عن العبء المالي على الخزانة العامة للدولة.
وحول موضوع أساليب وقنوات التوعية بترشيد الطاقة، فإن الأسئلة تتزاحم في الأذهان. فما المانع أن تتضمن مناهجنا الدراسية في مراحلها المبكرة، بحيث تخصص أبوابا لرفع مستوى الوعي لدى النشء بمثل هذه الثقافات؟! ولماذا لا يخصص يوم سنوي للتذكير بدواعي ترشيد استهلاك الطاقة (وكذلك المياه)؟! وذلك لغرس ثقافة ترشيد الطاقة في أذهان النشء، أملا في تحسين عاداتنا الاستهلاكية في المستقبل، خصوصا أننا مع بدايات العام الدراسي الجديد! ولأن لوزارات التربية والتعليم في دول مجلس التعاون دورا مفقودا في مجال نشر الوعي بترشيد الطاقة، وبالأخص ما نشاهده من ضعف مشاركات وتفاعل الوزارات التي لا تصل إلى الحد الأدنى من المستوى المنشود! ولعلي أطرح السؤال التالي: ما قيمة مناهج التعليم إذا لم تغرس في أذهان الطلاب معنى الترشيد والاقتصاد في استخدام الموارد المتاحة واستغلالها الاستغلال الأمثل؟! والحديث ليس (فقط) عن غياب دور وزارات التربية والتعليم، بل إن الملاحظ أن مشكلة حملات التوعية لا تلقى الدعم والمساندة من مختلف الجهات الحكومية المعنية؛ فوزارة الشؤون البلدية ووزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط وهيئة المواصفات والمقاييس وغيرها من الجهات الحكومية المعنية، كل هذه الجهات معنية، كل فيما يخصه، بمساندة هذا التوجه، والتفاعل إيجابيا معه، خدمة للصالح العام.
وختاما.. وحول حملات التوعية ورفع مستوى الوعي والثقافة، وإيصال فكرة «معنى الترشيد» للمجتمع.. يقول المثل الدارج: «أعطِ القوس باريها»، ومن ذلك أعتقد أن وزارة الثقافة والإعلام هي المعنية والمؤهلة لتنفيذ برامج وخطط نشر الوعي العام، لما تمتلكه من معلومات بمناطق التأثير، ومهارات التوصيل بأعلى درجة من التأثير الإيجابي بأقل التكاليف، وهي الجهة المتخصصة بتقنيات هذا النشاط.. بحكم التخصص وتراكم الخبرات في هذا المجال؛ لذلك فإن تهميش دورها في حملات التوعية وترك المجال لتجارب كل جهة، مدعاة للحد من فعالية تأثيرها وربما فشلها وإحباط القائمين عليها.
بتعاون المنزل و المدرسة تتم هذه التوعيه
خطاء( التصحيح): المتر المكعب من الماء يكلف 6 ريال ويباع ب6 هللات
طرح رائع ... معك في كل حرف فيه