فتوى اجتهاد تعطل الانتاج وتكرس الاحتكار وتسلب حق الانسان في عيش كريم

09/11/2011 14
سليمان الخالدي

الموضوع يمس الوطن وشعبه الكريم اقتصادياً واجتماعياً وامنياً واضطررت للاطالة والتفصيل لمحاولة ايصال الفكرة لحساسيتها فقهيا ولكونه يتحدث عن اجتهاد لم يرد به نص صريح اصبحت واقعاً مع ضررها البالغ ويجب ان نستوعب انه لا قداسة لبشر خلاف نبينا صلى الله عليه وسلم والاجتهاد فيما لا نص فيه غير ملزم اذا ثبت ضرره على عامة المسلمين مقابل مصالح قلة من المتنفذين او من يدور في فلكهم ،، لذا اتمنى قراءة الموضوع بتمعن وتفكر قبل الحكم عليه،،

بالنظر لما حولنا نجد ان تملك السكن اصبح بعيد المنال لغالبية الناس بسبب احتكار الاراضي والتحكم فيها مما أدى الى ان يصبح غالبية الشعب كعبيد القرون الوسطى لدى الاقطاعيون ليتحكموا بهم وبقوتهم ولا يختلف الامر حاليا الا ان مزرعة الاقطاعي يقابلها الوطن على سعته وترامي اطرافه ليفني المواطن عمره وهو مسلوب الارض والوطن والكرامه لتصبح حياته جحيما بين يدي اقطاعيين تنازعوا وطنه وهو لا زال يحلم ببيت يؤويه ويستر اطفالة،،

ومن المتعارف عليه منذ القدم وفي كل العصور ان من اهم القوانين التي تنظم الاوطان هي القوانين التي تنظم تملك الاراض لما لها من اهمية بالغة في حياة الشعوب يستشعرها الحكام قبل الافراد ومن حاد عنها فانه يجعل الوطن في مهب الريح والشواهد كثيرة لمن قرأ تاريخ البشرية،، وتلك الانظمة حتى وقتنا الحاضر اصبحت ركن اساسي في بقاء الدول فلا تجد بلدا فقيرا او غنيا ،، متحضرا او متخلفا الا يطبق قوانين صارمة تنظم تملك الارض لتصبح ذات مردود اقتصادي واجتماعي يحفظ اركانها ويقوي اقتصادها ويحميها امنيا واجتاعيا وبالطبع فان اشهر تلك القوانين فرض الضرائب والرسوم الباهظة والتصاعدية دون اي تهاون ،، مع ذلك نجد ان من المدهش حقا ان السعودية وهي بلد الحرمين التي يجب ان تكون القدوة هي الوحيدة التي خالفت كل القوانين الانسانية والشرعية في حق الانسان في ارضه ووطنه،، لقد اصبحت الاراضي في السعودية بدفع من متنفذين تدعمهم فتاوى عجيبه الوسيلة الاساسية لنهب قوت المواطن وجعله اسيرا اما بديون طويلة او ايجار يقصم الظهر ليتمكن من تامين سكن يستره وعائلته على تراب وطنه وثرى اجداده حيث سلب حقه في ذلك بما لا يقره شرع ولا خلق،،

ما نراه حاليا ان الارض كاساس لتطور الاسكان اصبحت في خانة ضبابية صنعها المتنفذون بدعم من علماء الفتوى لتصبح احتكارا واقطاعا مقيتا ليسير خلفهم الصغار ليمارسوا ذلك فلا هم جعلوها تجارة دون فلسفات النوايا ولا هم اقروا انها مستودعا للمال يجبر ملاكها على دفع الزكاة ،، كل ذلك للهروب من حقيقة ان الاسلام في الاصل لا يقر تملك الاراضي البيضاء حيث جعلها حق مشاع لجميع المسلمين مسكنا ومزرعة او مصنعا او اي امر يودي لنمو الاقتصاد خلاف ذلك تسحب عنوة كي لا تصبح مخزنا للثروة واحتكارا يضيق على عباد الله ونبراسنا في ذلك سيدنا عمر رضي الله عنه الذي اسس قانونا بعدم شرعية تملك الارض بل الحق في الانتفاع فقط،،

فاذا تجاوزنا ما يقوم به المتنفذين واصحاب السلطه ومن يدور في فلكهم من العلوج من نهب لثروات الوطن وسرقة اراضيه واحتكارها نجد ان علماءنا يحاولون بشتى الطرق الابتعاد عن حقيقة ان لا ملكية للارض في الاسلانم ليحاولوا بعدها ترقيع ذلك بتخبطهم في مسالة زكاة الارض ليقروا مجبرين ان لا ملكية للارض في الاسلام بقولهم انه لا نص صريح على زكاة الارض ويتهربون من جواب السؤال الكبير لماذا لم يرد نص صريح على زكاة الارض؟ لان الجواب ببساطة هو لا نص على زكاة الارض لانه لا ملكية للارض في الاسلام الا بانتفاع فقط كمسكن او مزرعة او مصنع او بناء يؤجر وبالتالي فان الزكاة فقط على الريع اذا حال الحول ،، ان الاسلا م الذي اقر الزكاة بنص صريح على رعاة حفاة عراة او فلاحين اجهدتهم الزراعة هل يعقل ان يدع زكاة الارض دون نص صريح مع ما تمثله من ثروة واحتكار اشد خطورة من كنز الذهب الذي فيه نص صريح،،

مع هذا فان مسألة الاراضي البيضاء ان اقرينا بجواز تملكها فان فتاوى الزكاة من قبل علمائنا تميل لحد الانكسار لصالح المتنفذون والمحتكرون بل تحفز ما يقوم به هؤلاء الشرذمة وذلك بجعل الارض تندرج تحت مسمى القنية دون تحديد اطر تحكمها كي لا تكون احتكارا وتضييقا على عباد الله وذلك من باب القاعده الفقهية ( لا ضرر ولا ضرار ) هذا ان اخذنا بالاجتهاد على انها قنية وليست تجارة مؤكدة او حفظ للثروات ،، فتلك الفتاوى لو دققنا فيها بهدوء وتعقل لاكتشفنا انها من اكثر الاسباب المعطلة للانتاج المحفزة للاحتكار بتحويل الثروات الى جوامد( في اراضي محتكرة ) لا تخدم الامة بل ضررها عظيم اقتصاديا وامنيا بتضييقها على عباد الله،،

فبسبب تلك الفتاوى التي تنص على ان شراء العقار والارض خصوصا اذا تم دون تحديد وقت للبيع فهي قنية لا زكاة فيها،،!! ،، جعلت المتنفذين واصحاب الثروات ليتبعهم كثير من الناس يتحولون لتملك الارض واحتكارها لحفظ المال او تنميته وتهربا من دفع الزكاة الا من رحم الله مهما طال الزمن،،

ولتتضح الصورة وكمثال على تلك الفتاوى التي يحتج بها كثير من ملاك الاراضي فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمة الله ( التي اصبحت تتداول بين الناس والعقاريين خصوصا كما لو كانت نص قراني او حديث صحيح لا يحق لاحد ان يجادل فيها ) والتي تنص على التالي ،،

الإنسان الذي عنده أرض نسأله أولاً: ماذا تريد بهذه الأرض؟ هل تريد أن تبقيها لتبني عليها مسكناً أو تبني عليها مبنى للتأجير، أو تريد أن تحفظها وتقول: إن احتجت بعتها وإلا أبقيتها، أو تقول: اشتريت الأرض لأحفظ دراهمي؛ لأنني رجل أخرق لو بقيت الدراهم في يدي لضاعت، ولكني أحفظ دراهمي بهذه الأرض، ولا أقصد الفرار من الزكاة، فإذا كان يريد هذه الأمور فالأرض لا زكاة فيها.

اي فتوى كهذه من الطبيعي ان تؤدي للاحتكار بل تدعوا اصحاب الاموال الى التوجه نحو العقار وتخزينه،، والغريب مع ان تلك الفتوى تقر ان العقار يمثل وعاء لحفظ المال والثروات،، بنص الفتوى التالي:( أو تريد أن تحفظها وتقول: إن احتجت بعتها وإلا أبقيتها ، أو تقول: اشتريت الأرض لأحفظ دراهمي؛ ) الغريب انها تعطي الاذن لاصحاب تلك الثروات بتحويلها من اموال موجبة للزكاة الى عقار معطل لحفظ المال،، والاكثر سوءا فهي تعطل الارض لتحولها من وسيلة لنمو الاسكان وتنمية الوطن الى وعاء لحفظ الثروة،،!! والادهى من كل ذلك تحفز لاحتكار مقيت دون زكاة او ضريبة لتضيق على العباد بمقولة ( إن احتجت بعتها وإلا أبقيتها ) اي ياصاحب الثروة حول اموالك من اموال موجبة للزكاة الى اراض بيضاء تعطل الانتاج والنمو الاقتصادي بل واحتكرها وضيق على عباد الله ولا تفكر بالبيع وان فكرت … فالويل لك عليك زكاة،،!!

الخلاصة تلك الفتاوى تحفز لاسوأ ما نهى عنه الدين،،

فالشرع ينهى عن كنز المال واقر الزكاة لتحفيز الانتاج وهذه الفتوى تحفز وتدعوا للعكس،،

والشرع ينهى عن الاحتكار في حاجات العباد والسكن من اهم ضرورات الحياة مع هذا تلك الفتوى تدعوا للعكس وتحفز على الاحتكار،،

كمثال لايصال الفكرة ولما يحدث على ارض الواقع فان من يملك مليار ريال فهو مجبر بنص صريح على دفع 25 مليون ريال زكاة سنويا لدفعه الى عدم كنز المال وبالتالي تحريكه في شرايين الاقتصاد وتنميته،، ولكن ما يحدث ان هذه الفتاوى تعطي مخرجا ليقوم هؤلاء بشراء اراضي ويعتبرها قنية للتخارج من دفع الزكاة ليضيق بالتالي على العباد باحتكارها لسنوات بمبرر انها تحفظ ماله ،، وفقط فقط ..ان فكر في البيع هنا يزكيها اذا حال الحول وما فات من سنوات ليس عليه شئ،،!! طبعا الكل يعلم ان الذهب والفضة سواءا تجارة او قنية تمثل في الشرع مخزن للمال يجبر مالكه على دفع الزكاة بنص صريح،، اليس الذهب وهو ليس من ضروريات الحياة اقل سوءً من تخزين واحتكار حاجات العباد واهمها الارض،، مشكلة كبرى ان لدينا فتاوى تقر انه لا زكاة على الارض اذا كانت قنية غير معدة للتجارة وبنفس الوقت تقر انها حفظ للمال ومستودعا للثروة ( أو تقول: اشتريت الأرض لأحفظ دراهمي؛)،، منطق غريب وعجيب في مثل تلك الفتاوى،،

طبعا بالبحث اكتشفت ان مصدر المشكلة واصلها قديم تواتر حتى عصرنا الحاضر وهو اجتهاد ( خاطئ في نظري ) لتفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال، ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ) هذا الحديث فسر اجتهادا على ان كل ما يملكه الانسان ولم يعد للتجارة فهو قنية ولا زكاة فيه،، هو اجتهاد للسلف وتواتر على انه قطعي يشمل كل شئ مهما كان نوعه وحجمه،،

لكن عند التدقيق والنظر للامر بعقل وحكمة فالحديث صريح بقوله صلى الله عليه وسلم ( في عبده و فرسه ) ولم يقل في عبيده وفرسانه اي فقط لا زكاة فيما يستعمله الانسان لقضاء شئؤن حياته لا ان يستغل كل شئ كقنية حفظا للمال ومخزنا للثروة دون زكاة ،، لانه بذلك اذا لا فرق بينه وبين ان تحفظ مالك او ثروتك في ذهب او فضة او حتى في البنك،، ان الاقرار بذلك الاجتهاد في تفسير الحديث على انه قطعي وادخال الارض ضمنه عنوة يعني ان كل ذي مال يمكنه حفظه وتخزينه اراضي ويعتبرها قنية فقط لانه لم يحدد وقت للبيع،، والعجيب بفتاوى علمائنا يسمح له ان يتقصى الاسعار دون ان يقرر البيع فان وجد ان الاسعار مقنعه قرر البيع،، وهنا فقط يكون عليها زكاة اذا حال الحول حتى لو احتفظ بها كوعاء لثروته عشرات السنين،،

اعتقد يجب ان تراجع مثل تلك الفتاوى ما دامت اجتهاد وان اصرينا على ان ( في عبده وفرسه تشمل الكل ) فيجب ما دامت اجتهاد ان يفعل معها القاعده الفقهية ( لا ضرر ولا ضرار ) لتقنين ذلك برسوم وضعيه كوضعية إجازة تملك الارض بما لا يودي لضرر على الفرد والامة،،