تكاليف الحج حول العالم .. باهظة

31/10/2011 9
سعود الأحمد

ما زلت أقول إن تكاليف الحج حول العالم باهظة. بل وأستطيع أن أقول إنها في مختلف دول العالم الإسلامي وغير الإسلامي باهظة (جدا)، إلى درجة أن واقع حال المسلم الراغب في الحج أنه يراه بمثابة حلم يراوده (ربما) لعشرات السنين، يعزم له طيلة الليالي والأيام، حتى يتسنى له جمع المال اللازم ليقضي مناسك الحج!.. والذي يحصل أن على المسلم أن يضحي بالغالي والنفيس لكي يجمع تكاليف الوصول للديار المقدسة، ويطوف بالكعبة المشرفة!..

وللأسف فإن المعاناة مزمنة منذ مئات السنين وعامة في بلاد العالم، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لحلها!.. في الوقت الذي يمكن للجهات الدولية المعنية بالشؤون الإسلامية عمل شيء للتخفيف من وعكائها، والذب بشيء منها عن كاهل المجتمع الإسلامي، ولو بمساهمة الدول الإسلامية مجتمعة في تمويل مشاريع حلها. وأرجو ألا يقال إن العائق هو تمويل هذه المشاريع، لأن الواقع يشهد أنه لو تم توفير نسبة من تكاليف الحروب الأهلية بالدول الإسلامية، أو أنفق جزء مما ينفق على السيارات الفارهة والطائرات المخصصة لأسر الزعماء المسلمين، لما بقي راغب في الحج لم يقض فرضه. لأن الحاصل اليوم أن الحج مقصور على الأثرياء في بلدانهم، ليحجوا مرات ومرات في أعلى مستويات الرفاه!.. أما مسلمو الطبقات الفقيرة فيسمعون عن الحج، لكنه بالنسبة لهم حلم صعب المنال!.. وهذه القضية تحتاج إلى أن تدرج في جدول أعمال جميع المنظمات والهيئات المعنية بالشأن الإسلامي العالمي، من منظور اقتصادي أسري لمسلمي العالم، ومن منظور اقتصادي اجتماعي للدول الإسلامية.. على أن تشخص معوقاتها بشكل دقيق، وتوضع لها حلول مناسبة على المديين القصير والطويل. على أن مشكلة ارتفاع تكاليف الحج ليست فقط لدى مسلمي دول الخارج، فحتى في السعودية أصبحت هذه المشكلة تمثل هاجسا لكل راغب في أداء الفريضة. ففي الماضي كان رب الأسرة السعودي يحمل متاعه وخيمته على سيارته ويُركب معه من يرغب من أفراد أسرته للحج، ويقضي فرضه بسهولة، وبتكاليف بسيطة جدا. أما اليوم فرب الأسرة الراغب في الحج ولديه ابنتان وولدان (مثلا) يريدون أن يقضوا فرضهم، فإن دونه طرد القتاد.. فإذا كانت تكلفة طوافة الفرد تقارب ثمانية إلى عشرة آلاف ريال، فإن عليه أن يدفع قرابة خمسين إلى ستين ألف ريال. وإذا افترضنا أنه شخص متوسط الدخل كموظف أو تاجر بسيط، فمتى يستطيع أن يوفر من دخله المحدود ما يسدد هذه الالتزامات!؟.. والمشكلة لحجاج الداخل تنطبق على المواطن والمقيم، وتكون لدى المقيم أعظم، إذا نظرنا إلى أن معظم المسلمين المقيمين من العمال ومن ذوي الدخول المتوسطة والمتدنية! وقبل مدة، أعلنت وزارة الحج على صفحة موقعها الإلكتروني أنها ستوفر حملات حج بسعر يتراوح بين 1900 و3900 ريال، لتكون مفتوحة للمواطنين. لكن الذي حصل أن هذا البرنامج طاقته العددية تقارب عشرين ألف حاج، لذا فإنه أقفل في بدايته لاكتمال العدد! والمنتظر من وزارة الحج أن تسعى بجدية بحيث لا يُجعل من فريضة الحج فرصة لاكتساب الجشعين من رواد الحملات ومستغلي الفرص والأزمات. فهذه شعيرة إسلامية يفترض أنها ليست مجالا للمرابحة ينتهزه البعض على حساب المجتمع. وأن تتبنى الوزارة طرح فكرة مساعدة المسلمين في مختلف دول العالم، بجدول أعمال المؤتمرات التي تناقش الشأن الإسلامي، حتى نيسر على الجميع مهمة أداء فريضة الحج بيسر وسهولة.