لماذا نشتري السلع المقلدة؟!

17/10/2011 5
سعود الأحمد

ما الذي حدث لنا في دول الخليج العربية؟! كنا في الماضي القريب نستخف بالبضائع المقلدة ومن يقتنيها. ونفاضل عند الشراء وبعد اقتناء السلع بين الماركات التجارية ودول صناعاتها. واليوم وقد امتلأت أسواقنا الخليجية بالبضائع المقلدة، أصبحنا من النادر أن نجد في أسواقنا بضائع أصلية. كل ما هو موجود في الأسواق «صيني» أو «تايواني»! إشارة إلى أنه غير مضمون أو أنه منخفض الجودة. ومع انتشار محلات البضائع المخفضة وما يسمى أبو عشرة وأبو خمسة وغيرها.. التي يهدف تجارها إلى تحقيق هوامش ربحية بسيطة جدا كبدايات.. اعتمادا على بيع كميات كبيرة.. وسحب البساط من كبار ومشاهير الوكالات العالمية (الماركات)! والسؤال هنا: لماذا نقبل على شراء السلع المقلدة؟! وهل السبب مجرد انخفاض مستوى الدخل لدى معظم شرائح المجتمع الخليجي، والصعوبة التي يواجهها أرباب الأسر في تلبية احتياجات أفراد الأسرة، أم لندرة توفر السلع الأصلية في أسواقنا المحلية؟ أم لأن السلع المقلدة أصبحت تفي بالغرض؟ أم لأنها مشكلة ثقافة، تتمثل في انخفاض مستوى تذوق الناس للسلع الجيدة؟! كل هذا لا يساوي شيئا أمام الآثار السلبية لاقتناء هذه السلع. وبالأخص ما يوثر على صحة الإنسان.. مما يستخدم في المنزل كأواني الطبخ والتقديم وأدوات الأكل بالملاعق والشوك المعرضة للتحلل لتذوب في أجسام البشر وفي دمائهم وأجهزتهم الهضمية. ولا ننسى المخاطر التي تتسبب بها المركبات الكيميائية المعدة للتنظيف والتلميع وتنعيم الملابس وتلطيف الأجواء داخل المساكن والمكاتب. ناهيك عن الفوط الورقية وألعاب الأطفال البلاستيكية والحديدية وغيرها! وما يدخل في صناعة وتعليب المياه المعدة للشرب، وما ينتج عنها كمنتجات تعد للأكل، مثل الآيس كريم والبسكويتات والشكولاتات والحلويات! ومن ذلك، المخاطر على حياة البشر كالتي تسببها كوابح وإطارات السيارات. وأثرها السلبي على الاقتصاد الوطني، المتمثل في منافسة هذه المنتجات لما ينتج محليا طبقا للمواصفات العالمية المتقدمة! لا سيما أن هذه البضائع المخفضة تكون بأدنى المواصفات المطبقة في بلدان مصانعها! وبعضها تنتج بمصانع ممنوع عليها التسويق في بلدانها بسبب تدني جودتها، وهذا هو سر انخفاض أسعارها.

ولو تأملنا حال المصابين في مستشفياتنا ومراكز الرعاية الصحية المختلفة، وبالأخص مراكز علاج أمراض الكبد ومراكز علاج الأورام. وما يُنفق عليها من اعتمادات حكومية ضخمة جدا، وما يُلاحظ خلال السنوات القريبة الماضية من تزايد معدلات الإصابة بهذه الأمراض المستعصية والمزمنة، التي لم تسلم منها أسرة أو بيت في السنوات الأخيرة. عند ذلك يمكن التفكير بجدية أكثر في توظيف آليات فاعلة لمواجهة ظاهرة رواج السلع الرخيصة المرشحة للفتك بأجساد البشر. وكل ذلك يحصل في ظل غياب الدراسات التي تربط بين تزايد معدلات نمو الأمراض والأسباب المرشحة لها. وشيوع المسؤولية الرقابية بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ممثلة في البلديات، ووزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء وإمارات المناطق وأقسام الشرطة! والذي نتمناه.. أن نصرف جزءا مما تتحمله الموازنة العامة لعلاج مثل هذه الأمراض، في بحوث علمية لتحديد أسبابها وآليات علاجها.. خدمة للمجتمع واقتصاد الوطن.