تحدثت في مقال الجمعة الماضي عن انتعاش مفاجئ شهدته بورصة قطر في أسبوع ما قبل العيد تحسباً من حدوث ارتفاعات في مؤشرات البورصات العالمية خلال عطلة عيد الفطر المبارك. وقد صدقت توقعات المتعاملين في جزء منها حيث ارتفع مؤشر داو جونز والمؤشرات الأخرى يوم الأربعاء وتجاوزت كل خسائرها التي تكبدتها في شهر أغسطس الماضي، على خلفية بعض البيانات الإيجابية التي صدرت في بداية الأسبوع. ولكن الأمر لم يستمر لأكثر من ثلاثة أيام عاد بعدها المؤشر إلى الانخفاض يومي الخميس والجمعة متأثراً ببيانات سلبية عن ركود في بيانات العمالة والتشغيل الأمريكية في شهر أغسطس، بحيث لم يسجل الاقتصاد أية وظائف إضافية في الشهر المذكور. ومع انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية عادت المخاوف بشأن عودة الاقتصاد الأمريكي للركود ثانية، وارتفع سعر الذهب من جديد ليقترب من مستوياته القياسية التي سجلها في شهر أغسطس، فهل ستؤثر هذه التطورات المستجدة سلباً على أداء بورصة قطر هذا الأسبوع؟ أم أن زخم الارتفاع الذي حدث قبل العيد سوف يستمر، ويتجاهل المتعاملون الأخبار الخارجية مثلما حدث في السوق السعودي. الجدير بالذكر أن السوق السعودي الذي خرج في عطلة لعيد الفطر مبكراً قد استأنف نشاطه يوم السبت على ارتفاع قوي للمؤشر بلغت نسبته- حتى لحظة إعداد هذا المقال 1.9%- اقترب بها من المؤشر مستوى 6100 نقطة.
في الإجابة على السؤال المطروح نذكر بأن تداولات البورصة القطرية كانت في الأسبوع الأخير متأثرة بعوامل محلية وأخرى خارجية، فمن حيث العوامل الداخلية، كان هناك قدر من التجميع على بعض أسهم الشركات في المرحلة التي تسبق الإفصاح عن نتائج الشركات لفترة الربع الثالث بعد شهر، وكذلك شراء الأسهم التي تدر عائداً نقدياً مرتفعاً في موسم توزيع الأرباح بعد ستة شهور من الآن. وكانت المجموعة للأوراق المالية قد نشرت على موقعها وفي الصحف المحلية في منتصف أغسطس جدولاً تفصيلياً بنسب العوائد النقدية التي يمكن تحقيقها على أسهم الشركات المختلفة مقارنة بأسعارها التي كانت سائدة آنذاك. وقد تبين من ذ لك الجدول-الذي سيتم تحديثه أسبوعياً على ضوء التغير في أسعار الأسهم- أن شراء كثير من الأسهم القطرية في هذه المرحلة يمثل مصلحة راجحة للمستثمرين خاصة إذا ما قورنت العوائد التي ستتحقق في 6 شهور بالدخل المتحقق من الودائع المصرفية الذي هو الآن عند أدنى مستوياته. وقد تصرف بعض المتعاملين-على ما يبدو- بشكل إيجابي لما أسفر عنه التقرير، فكان أن ارتفعت أسعار بعض الأسهم ومنها البنك التجاري من 74 ريال إلى 81 ريالاَ للسهم في أسبوع واحد. كما ساعد ارتفاع أسعار النفط العالمية ثانية في رفع سعر سهم صناعات، فكان ذلك عنصراً إضافياً ضمن العوامل الداخلية التي ساهمت في ارتفاع المؤشر وأسعار الأسهم المحلية
ومفاد ما تقدم أعلاه أن الاعتبارات الداخلية قد رجحت وعززت من ارتفاع أسعار الأسهم في الفترة الأخيرة، كما ساهمت التوقعات الإيجابية بشأن الاقتصاد الأمريكي في فترة ما قبل العيد في تقوية تلك الارتفاعات، حتى وصل المؤشر إلى مستوى 8350 نقطة. وهذا المستوى يشكل حاجز مقاومة قوي قد لا يخترقه المؤشر بسهولة، خاصة بعد أن تبدلت الصورة الخارجية إلى الأسوأ منذ يوم الجمعة بصدور بيانات غير إيجابية في الولايات المتحدة، وفي ألمانيا. والخلاصة أن العوامل الخارجية ستكون عنصر ضغط سلبي على أداء البورصة القطرية في الفترة القادمة وخاصة عندما تترجم المحافظ غير القطرية ذلك في صورة مبيعات صافية للأسهم. وفي المقابل فإن الاعتبارات الداخلية التي أشرت إليها في بداية المقال تظل تشكل عاملاً إيجابياً يدفع المتعاملين القطريين منهم، والمحافظ القطرية على وجه الخصوص، إلى الشراء الصافي للأسهم التي لا يزال أسعار البعض منها على الأقل متدنية وتحقق عائداً نقدياً مرتفعاً وفق ما يكشف عنه جدول المجموعة للأوراق المالية الأسبوعي على موقعها على الإنترنت. فإذا ما تغلبت العوامل الداخلية على الاعتبارات الخارجية فإن ذلك سيمكن المؤشر من تجاوز حاجز المقاومة القوي، ويؤسس لمرحلة جديدة مبكراً، أما إذا فشل في ذلك يوم الأحد أو الاثنين على أبعد تقدير فإنه سيراوح مكانه بعض الوقت بانتظار تبلور اتجاهات جديدة.
ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله جل جلاله، أجل وأعلم ،،،