كيف تقلص الفائض في الميزانية العامة للدولة عما كان متوقعاً؟

28/08/2011 0
بشير يوسف الكحلوت

جاءت الأرقام الفعلية للميزانية العامة للدولة للعام 2010/2011 التي أفصح عنها مصرف قطر المركزي في نشرته الفصلية في الأسبوع الماضي مفاجأة بعض الشيء، حيث أظهرت فائضاً محدوداً لا يزيد عن 13.5 مليار ريال مقارنة بـ 54.1 مليار، و 41.8 مليار، و 30.3 مليار في السنوات الثلاث السابقة منذ عام 2007/2008. صحيح أن الفائض المقدر في موازنة العام 2010/2011 كان في حدود 9.7 مليار ريال فقط، بما يعني تحقق زيادة فعلية بمقدار 3.8 مليار ريال عما تم تقديره في الموازنة في بداية العام المذكور، إلا أن هذه الزيادة في الفائض تظل أقل بكثير مما ذهبت إليه التوقعات عن هذا الموضوع، ومن الفوائض المتحققة في السنوات السابقة، باعتبار أن السعر الفعلي للنفط خلال السنة المالية التي انتهت بنهاية مارس 2011 يزيد عن 80 دولار للبرميل، وليس 55 دولار فقط. وبالبحث في البيانات المنشورة في نشرة مصرف قطر المركزي الأخيرة، وفيما تم نشره سابقاً في مصادر أخرى تبين ما يلي:

1- أن إجمالي الإيرادات الفعلية قد بلغ 155.9 مليار ريال بانخفاض مقداره 13.2 مليار ريال عن الإيرادات الفعلية للعام 2009/2010 البالغة 169.1 مليار، ولكنها تزيد بمقدار 28.4 مليار عما تم تقديره في موازنة ذلك العام. وفي تفصيل الإيرادات العامة تبين أن إيرادات النفط والغاز قد بلغت ما مجموعه 96.8 مليار ريال، بزيادة مقدارها 14 مليار عن السنة السابقة و 34.6 مليار عن المقدر في موازنة نفس السنة. وانخفضت في المقابل إيرادات الاستثمار إلى 36.1 مليار مقارنة بـ 53.9 مليار في السنة السابقة، و47.3 مليار كما في الموازنة. وانخفضت الإيرادات الأخرى إلى نحو 23 مليار ريال مقارنة بـ 32.5 مليار في السنة السابقة ولكن مع ارتفاعها بنحو 4.9 مليار عن المقدر في موازنة نفس السنة والبالغ 18.1 مليار ريال. وخلاصة ما تقدم أن أول العوامل المتسببة في تقليص الفائض في ميزانية العام 2010/2011 هو في انخفاض الإيرادات العامة نتيجة تراجع إيرادات الاستثمار بوجه خاص، والإيرادات الأخرى بدرجة أقل.

2- أن إجمالي النفقات العامة قد بلغ 142.4 مليار ريال، مقارنة بـ 115 مليار و 99.2 مليار، و 86.2 مليار في السنوات الثلاث السابقة على الترتيب، وكانت تقديرات الموازنة للعام 2010/2011 تضع النفقات الفعلية عند مستوى 117.8 مليار ريال. ومؤدى ذلك أن النفقات الفعلية ارتفعت بأكثر من المقدر في الموازنة بنحو 24.6 مليار، وبأكثر من نفقات العام السابق 2009/2010 بنحو 27.4 مليار ريال. هذه الزيادة غير المتوقعة في النفقات العامة استنفدت معظم الزيادة التي طرأت على الإيرادات العامة، ومن ثم فإن الزيادة في النفقات العامة هي السبب الثاني لتقلص الفائض. وبالبحث في تفاصيل النفقات نجد أن بند الرواتب والأجور لم يطرأ عليه إلا زيادة محدودة بنحو 205 مليون ريال فقط عن المقدر في الموازنة، إلى 23.1 مليار، وارتفعت فوائد الدين العام قليلاً إلى 5.6 مليار ريال، كما أن النفقات الإنمائية طرأت عليها زيادة بمقدار 0.4 مليار إلى 44.2 مليار. وبالتالي انحصرت الزيادة الكبيرة في النفقات في بندين هما بند الإمدادات والخدمات الذي زاد بأكثر من الضعف إلى 15.2 مليار ريال مقارنة بـ 6 مليار في الموازنة، و 8.1 مليار في السنة السابقة، وفي بند نفقات أخرى. وفي هذا البند الأخير ارتفعت النفقات إلى 54.3 مليار مقارنة بـ 39.7 مليار في الموازنة و 42.1 مليار في السنة السابقة. ولا توجد بيانات تفصيلية لنفقات هذا البند رغم ضخامته، إلا أنه قد يرجع في بعض منه إلى قرار الحكومة زيادة حصصها في رؤوس أموال البنوك الوطنية بنسبة 20%، وفي الزيادة التي طرأ على رأس مال بنك قطر الوطني بالاكتتاب والتي كلفت الحكومة نحو 6 مليار ريال.

والخلاصة أن الزيادة الكبيرة في النفقات الجارية، وخاصة الإمدادات والأخرى، وكذلك تقلص الإيرادات نتيجة تراجع إيرادات الاستثمارات، والأخرى، قد ساهم في تقليص الفائض عما كان متوقعاً، وعما كان في ميزانية العام السابق، وإن جاء على أي حال أكبر من المقدر في الموازنة بنحو 3.8 مليار ريال إلى 13.5 مليار.

ويظل فيما كتب رأي شخصي قد يحتمل الصواب والخطأ،،،، والله سبحانه أجل وأعلم.