هل ستتخلف أمريكا عن سداد ديونها؟ .. سؤال دار وما زال يدور وسيدور في أدمغة الملايين من المستثمرين حول العالم ليس مرة واحدة بل آلاف المرات ولن يتوقف عن الدوران قبل أن تحسم أمريكا موقفها من هذه الديون إما بالاتفاق على رفع سقف الدين قبل الثاني من أغسطس القادم أو بإعلان عجزها عن السداد والدخول في حالة من "الإفلاس الفني" و " انعدام الوزن الاقتصادي " وارتفاع سقف المنافسة بين وكالات التصنيف الائتماني حول من سيخفض تصنيف أمريكا أكثر .
إن أي تخلف أمريكي عن سداد الديون سيكون بمثارة الكارثة للأسواق الأسيوية .. لماذا الأسواق الأسيوية دون غيرها؟.. لأن معظم الديون المستحقة على الولايات المتحدة الأمريكية والموجودة على شكل "سندات خزانة " تعود لدول أسيوية على رأسها الصين بـ 1.4 تريليون دولار ، واليابان بـ 890 مليار دولار ثم السعودية بـ 800 مليار دولار – الرقم الحقيقي للاستثمار السعودي في سندات الخزانة الأمريكية متداول لكنه غير مؤكد بإحصاءات – ثم تأتي الهند كرابع دولة أسيوية دائنة لأمريكا بمبلغ يقدر بـ 180 مليار دولار ، وإذا افترضنا أن باقي الدول الأسيوية بما فيها دول الخليج العربي المصدرة للنفط كالكويت وقطر والإمارات وشركاتها وأغنياءها دائنة للولايات المتحدة بنحو 300 مليار دولار فقط فمعنى ذلك أن القارة الأسيوية دائنة للولايات المتحدة بنحو 3.5 تريليون دولار أي نحو ثلث مديونية الولايات المتحدة البالغة نحو 14.3 تريليون دولار، ولذلك قلنا أن الأسواق الأسيوية ستكون الأكثر تضررا من أي إخفاق لأمريكا في سداد ديونها.
مما لا شك فيه أن ما يجري في أمريكا حاليا من شد وجذب حول قضية رفع سقف الدين العام هو توظيف سياسي داخلي لأغراض الحزبين الجمهوري والديمقراطي لكني في الوقت نفسه لا أرى ما يمنع أن تكون "المسرحية " مجرد "بالون اختبار " الهدف منه قراءة "رد الفعل" الصيني والياباني على أي حالة إفلاس أمريكية حقيقية. وحتى هذه اللحظة لم نسمع أي تصريحات يابانية حول آثار التخلف عن السداد وما زال الموقف الصيني يدور في إطار التعبير عن القلق والتمنيات وأقصى ما ذهبت إليه الصين في هذا المجال هو قول أحد مستشاري البنك المركزي الصيني أن" فكرة تخلف أمريكا عن سداد ديونها هو لعب بالنار".
قد تكون النوايا الأمريكية متجهة إلى رفع سقف الدين العام قبل الثاني من أغسطس لكن الموقف الصيني الياباني المتراخي جدا قد يدفع الرئيس الأمريكي بما له من صلاحيات "النقض" والحزبين المتمسكين بطموحاتهم السياسية للذهاب في لعبة عض الأصابع حتى النهاية واختبار حالة "الإفلاس الفني " أي عدم الوصول إلى اتفاق في الثاني من أغسطس واستمرار النقاش القانوني حوله إلى ما بعد هذا التاريخ بأيام أو أسابيع وبالتالي إدخال العالم في أزمة لا يعرف أحد نتائجها المدمرة خاصة وأن الاقتصاد العالمي ما زال في حالة نقاهة من آثار الأزمة المالية العالمية وتداعياتها.
المثير للسخرية في قضية الديون الأمريكية أن العالم كله الآن - وعلى رأسه الصين واليابان والهند والسعودية وباقي دول الخليج - في "المستنقع" نعم الجميع يسبح في "أعالي المحيط" والكل مهدد بالغرق فإن أفلست أمريكا سيفلس معها كثيرون ومن هذا المنطلق لا يريد أحد لأمريكا أن تفلس اليوم والجميع مستعد لانتظارها حتى تتجاوز حالة "الإفلاس الفني" بل ويمكن القول أن جميع المذكورين أعلاه مستعدون لشراء سندات الخزينة الأمريكية وإقراض أمريكا ما تشاء من مال مقابل أن لا تعلن إفلاسها الحقيقي وبهذا المعنى يمكننا أن نتفهم أسباب كل هذا التهاون والتراخي والصمت الصيني الياباني تجاه لعبة رفع سقف الدين العام الأمريكي.
إن أمريكا تلعب اليوم على عامل الوقت قبل أن تعلن إفلاسها الحقيقي الذي قد نراه قريبا أي خلال العقد الحالي أو العقد القادم أي أنها على "موعد مع الإفلاس" اللهم إلا إذا تخلصت من عقدة القطب الواحد وتخلت عن طموحاتها الإمبراطورية واكتفت بالتقوقع على نفسها ضمن حدودها بالتزامن مع إتباع سياسات متقشفة تعيد الأمريكي إلى عصر الإنتاج والإنفاق لا عصر الاقتراض والإنفاق وهل الإنسان اليوناني أقل شأنا من الإنسان الأمريكي؟!.. ولماذا يفرض على الإنسان اليوناني التقشف والجوع ومديونية اليوناني لا تزيد عن 33300 دولار أي أقل بكثير من مديونية الأمريكي التي تزيد عن 46000 دولار .
لا أجد حرجا في القول أن ما يمارسه الجمهوريون من ضغوط لخفض الإنفاق العام هو نفاق سياسي بامتياز هدفه انتزاع الورقة الاقتصادية من يد الرئيس وتخفيض شعبيته إلى أدنى مستوياتها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لكني في الوقت نفسه لا أجد مناصا من الاعتراف بأن ما يطلبه الجمهوريون هو حق يراد به باطل ومع ذلك وبغض النظر عن الغايات الحقيقية لهذه الضغوط فإنها برأي مشروعة لتحسين بيئة خدمة الدين العام الأمريكي وأعتقد جازما أن العالم كله - وخاصة الصين واليابان - مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بممارسة أشد أنواع الضغط على الولايات المتحدة لتقلص مديونيتها إلى الحدود المناسبة وإلا فإن العالم كله متجه نحو كارثة اقتصادية سيسجلها التاريخ على أنها الأولى من نوعها في تاريخ البشرية.
س- ماهي الآثار المباشرة السريعة لرفع سقف الدين وتخفيض الإنفاق على كل من البورصات والذهب؟
اخي الكريم .. وليس مدحا ً لسياسة الحكومات المتعابقة والتي تزيد أعدائها يوما بعد آخر أمريكا تختلف كثيرا ً عن اليونان ومن قبلها روسيا عام 98 ودول شرق آسيا عام 97 و 98 والأرجتين عام 2001 والمكسيك في بداية التسعينات وذلك لعدة أمور : 1- أمريكا لديها أقراض غير محدود ,,, وذلك لأن السندات الحكومية الأمريكية والتي كما ذكرت أن دول آسيا والخليج هم المشترين الرئيسين والحقيقة أن كل بنوك العالم لديها جزء من موجداتها سندات أمريكية حتى أفقر الدول في العالم وهالكلام ليس تخمين بل هي حقيقة 2- أمريكا حساب الجاري دائما ً موجب وهذا السبب الرئيسي لعدم أنهيارها مثل باقي الدول التي ذكرتها وذلك لعدة أسباب : * الاستثمار في السوق الامريكي وسواء ربحنا أو خسرنا في الحقيقة نحن نمول سندات أمريكية بطريقة أو باخرى وتخيل حجم الاستثمارات في العالم كله في البورصة الأمريكية سواء من أفراد أو صناديق أو مؤسسات حكومية او خاصة وذلك لضخامة الشركات الأمريكية في قطاع التكنولوجيا والنفط والطيران والطب والتعليم والكثير من القطاعات الاخرى * تدفق السياح السنوي : 55 مليون سائح اجنبي زار أمريكا عام 2007 وانفق أكثر من 120 مليار دولار مدنية نيويورك وحدها استقبلت 35 مليون سائح * الدراسة في أمريكا : عدد الدراسين السعودييين خارج السعودية عام 2010 يفوق 100 ألف طالب وكانت أمريكا أخذت نصيب الأسد ب 36 ألف طالب مع مرافقيهم واعتقد أن معدل المكافأة الشهرية مابين 1600 الى 1800 دولار وقد ترتفع بشكل اكبر في الولايات الغالية .. الكويتين حوالي 5000 مبتعث ومصروف 700 دينار كويتي يعني تقريبا ً 50 الف طالب خليجي يصروف شهريا ً مابين 1500 الى 3000 دولار تقريبا ً .. هذا ولم نحسب الدارسين من دول اوربا او اسيا أو أمريكا اللاتينة أو حتى أفريقيا واحسب كم يصرفون ..؟؟!! هذا ولم نحسب الصرف على الطب أو شراء العقارات أو شراء الأجهزة الألكترونية أو السيارات من أمريكا ولذلك لرخصها في دول اخرى ولذلك لانخفاض الدولار وحتى التدفقات النقدية من البنوك على مستوى العالم للبنوك الأمريكية وبالمليارات وعلى مدار السنة .... اذا توقفت هذه الأمور سينهار الاقتصاد الأمريكي !! 3- ضخامة وتنوع وابداعية الشركات الأمريكية فمعظم الاختراعات والشركات على مستوى العالم منذ 100 عام وللآن هي اختراعات وعلامات تجارية أمريكية ويأتي الجميع والكل يقلدها 4- وهو العامل الأهم وهو القوة العسكرية بلا شك بالأخير اعلم انك قد لاتوافقني ولاقد لايوافقني الكثير من الأفراد ولا ألومهم فكل شخص لديه حرية شخصية في الاخذ أو الرد في هذا الكلام رابط ذو علاقة http://alphabeta.argaam.com/?p=14465 انصح بقراءة جميع الردود تحياتي
يعطيك العافية والله ما استبعد أن أوباما يعلن وقت الاستحقاق بأن الدولة الدائنة أمام خيارين إما أن تتنازل عن فوائد السندات أو تعتبر نصف أموالها كديون معدومة وإذا ما رضوا بالطيب راح يرضون بالقوة ........................... مثل ما كان العالم تحت رحمة أمريكا أيام ربط الدولار بالذهب وغيرت النظام بكيفها الآن العالم لا يزال تحت رحمة الأم العطوف وراح يرضى بقراراتها