بحثت في المقال السابق في التوقعات المحتملة للمؤشرات الاقتصادية والمالية القطرية للنصف الأول من العام وبوجه خاص لفائض الموازنة العامة للدولة ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاعين العام والخاص، ومعدل التضخم ومعدل نمو الائتمان الحكومي. ونحاول في مقال اليوم أن نقدر إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لعام 2011 ككل بالأسعار الجارية، وأن نقدر بالتالي معدل النمو المتوقع للاقتصاد القطري. ومعرفة هذا الرقم أمر مهم في معرفة حجم السيولة المتوقعة وهو ما يساعد في فهم اتجاهات الأسعار في بورصة الأسهم وفي سوق العقار، بوجه عام وإن كانت عمليات التعقيم التي يقوم بها مصرف قطر المركزي شهرياً من خلال إصدار سندات حكومية بواقع 2 مليار ريال تعمل على امتصاص الفائض من تلك السيولة، بهدف منع ظهور الآثار التضخمية لها على الاقتصاد.
وبداية يجب أن نميز بين الناتج المحلي لقطاع النفط والغاز، والناتج المحلي الإجمالي لبقية القطاعات، باعتبار أن لكل منهما معدل نموه الذي يختلف عن الآخر. فالأول يتوقف على الكميات المنتجة من النفط الخام ومشتقاته ومن الغاز وسوائله والغاز المسال، وعلى أسعار هذه المنتجات، مع أخذ سعر النفط الخام كمؤشر على مستويات الأسعار. وأما التقديرات الخاصة بناتج بقية القطاعات فتعتمد أساساً على الناتج المناظر للعام 2010 مع تعديله بنسبة نمو تناسب الأوضاع الاقتصادية السائدة في العام الحالي، وفقاً لما هو متاح من مؤشرات عن الشهور الستة الأولى من العام 2011.
وفيما يتعلق بقطاع النفط والغاز نجد أن سعر برميل النفط للشهور الستة الأولى من العام كانت تقدر بـ 106 دولار للبرميل، والكميات في حدود 800 ألف ب/ي في المتوسط تقريباً. وارتفع ناتج الغاز المسال إلى حده الأقصى قريباً من 77 مليون طن سنوياً. ومن المتوقع أن يستمر سعر برميل النفط مرتفعاً فوق المائة دولار للبرميل على ضوء استمرار انقطاع إمدادات النفط الليبي وزيادة الطلب على النفط في النصف الثاني من العام. وفي ظل هذه المعطيات فإن من المتوقع أن يرتفع ناتج هذا القطاع بنسبة 60% بالمائة إلى 368 مليار ريال على الأقل إن لم يكن أكثر.
وفي المقابل فإن ناتج القطاعات غير النفطية الإجمالي سينمو بمعدل لا يقل عن 7% في عام 2011 عما كان عليه في عام 2010، وذلك على ضوء النمو الحاصل في قطاعات الصناعة والكهرباء والماء والبنوك ، وذلك يجعل هذا الناتج يصل إلى 250 مليار تقريباً.
وبالنتيجة فإن الناتج المحلي الإجمالي للعام 2011 قد يصل إلى 618 مليار ريال مقارنة بـ 461.7 مليار في عام 2010 أي بزيادة نسبتها 33.8%، وهي نسبة مرتفعة تعيدنا ثانية إلى أجواء فترة الطفرة لعامي 2007/2008. وهذه الأرقام المرتفعة للناتج المحلي الإجمالي سيصاحبها زيادة كبيرة في الإيرادات العامة للدولة، ولكن بدون زيادة عن المقرر في الإنفاق العام باعتبار أن الحكومة ومصرف قطر المركزي متنبهان لمخاطر عودة التضخم ثانية. ومن هنا يمكن أن نفهم السر وراء حرص مصرف قطر المركزي والحكومة على طرح المزيد من السندات الحكومية، مع خفض سعر فائدة المصرف. فالهدف من ذلك هو تعقيم السيولة التي يتم ضخها في القطاع المصرفي حتى لا ينتج عنها آثار تضخمية. وإذا حافظت الحكومة والمصرف على هذه السياسة في النصف الثاني من العام، فإن ذلك سيحقق أهداف السياستين المالية والنقدية ولا نرى بالتالي زيادة في أسعار العقارات، أو حتى في أحجام التداول في البورصة عن المعتاد، إلا إذا تدفقت أموال من مستثمرين خارجيين على ضوء التوقعات بإعادة النظر في تصنيف البورصة القطرية في ديسمبر القادم من جانب مورجان ستانلي.
وبعد، يظل ما ذكرت أعلاه رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.
33 في المئة كنمو في الناتج المحلي الاجمالي يعتبر رقما كبير جداً ؟ ولكنه يبقى رهنا لتقلبات سعر النفط. نأمل ان لايصاحب هذا الارتفاع الهائل ارتفاعا في التضخم بالرغم من اشارتك للاحتياطات التي يبذلها البنك المركزي !! ولكني اشك في قدرة البنك المركزي على احتواء التضخم متى ما حصل لاسباب ارتباط الريال القطري بالدولار !