نظرة على المؤشرات الاقتصادية والمالية في النصف الأول من العام

03/07/2011 3
بشير يوسف الكحلوت

انقضى نصف العام قبل أيام قليلة وبدأ النصف الثاني، ورغم أن بعض البيانات الاقتصادية عن الفترة الماضية لن تكون متاحة قبل عدة شهور من الآن؛ وخاصة بيانات الناتج المحلي الإجمالي، فإن بعض البيانات الأخرى المتوافرة يمكن أن تعطي فكرة عن الأداء الاقتصادي القطري في النصف الأول من العام 2011. وهذه البيانات المتاحة هي تحديداً معدل التضخم حتى شهر مايو، ومؤشر البورصة حتى نهاية يونيو، والأرقام المصرفية لشهر مايو وخاصة أرقام التسهيلات الائتمانية للقطاع الخاص، إضافة إلى سعر برميل النفط وتقديرات الإيرادات العامة في النصف الأول من العام.

وبداية أشير إلى أن سعر برميل النفط قد سجل منذ بداية العام ارتفاعاً من 90 دولاراً عند بداية العام، إلى أكثر من 115 دولار في منتصف إبريل قبل أن يستقر ثانية في حدود 107 دولار للبرميل. وفي متوسط الشهور الستة الأولى من العام، فإن سعر برميل النفط قد بلغ نحو 106 دولار للبرميل بزيادة مقدارها 16 دولار للبرميل عن بداية العام وبنحو 51 دولار عن السعر المقدر في الموازنة العامة للدولة. وهذا الرقم الأخير يولد فائضاً في الموازنة العامة في النصف الأول من العام يقدر بنحو 50 مليار ريال على الأقل، وذلك بافتراض عدم وجود توسع في النفقات العامة عن المقدر. وإضافة إلى ما تقدم فإن ارتفاع أسعار النفط على النحو المذكور يشكل زيادة نسبتها 32.5% عن الفترة المناظرة من العام 2010، وذلك يعزز إمكانية نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة مرتفعة قد لا تقل عن 20% في النصف الأول من العام، حتى لو حدث تباطؤ في إنتاج بعض القطاعات غير النفطية.

ومما لا شك فيه أن قطاع النفط والغاز سيسجل نمواً قوياً في النصف الأول من العام على خلفية ارتفاع أسعار النفط من ناحية، وبسبب ارتفاع الطاقات الإنتاجية لمجمعات تسييل الغاز قريباً من الحد الأعلى لها، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن الربع الثاني من العام يشهد في العادة عمليات الصيانة المعتادة لمواقع الإنتاج، مما قد يؤثر عن نسبة النمو. وفي المقابل فإن نمو القطاعات غير النفطية يمكن أن نستدل عليه بما هو متاح من مؤشرات اقتصادية ومالية. فمعدل التضخم حتى نهاية شهر مايو كان لا يزال عند مستوى 1.7% مقارنة بما كانت عليه قبل عام، وكان في الشهور السابقة منذ بداية العام يتراوح ما بين 1.5% كحد أدنى و1.8% كحد أقصى. ولو استبعدنا المكون الأساسي والأكبر في المؤشر وهو مكون الإيجارات الذي كان لا يزال في حالة انخفاض عام حتى نهاية مايو، فإن المعدل لبقية المكونات الأخرى قد سجل ارتفاعاً بنسبة 4.1%، وهو ما قد يدعو للقلق، إذا ما تجاوز هذا المستوى في النصف الثاني من العام، مما يُعطي لخطط وزارة الأعمال والتجارة الهادفة لضبط أسعار قائمة طويلة من السلع أهمية خاصة، لا لمساعدة ذوي الدخل المحدود في شهر رمضان المبارك فقط، وإنما لمنع معدل التضخم من مواصلة ارتفاعه إلى خارج حدود السيطرة.

وبتتبع معدل نمو الائتمان المحلي نجد أنه قد ارتفع بنسبة 2.2% في الشهور الستة الأولى من العام، ليصل إلى نحو 301.3 مليار ريال مقارنة بـ 294.8 مليار مع نهاية شهر ديسمبر الماضي. ورغم ما يظهره الرقم من تباطؤ في النمو بوجه عام، إلا أنه يخفي نمواً بنسبة 7.1% للائتمان الممنوح للقطاع الخاص، وذلك باعتبار أن الائتمان الممنوح للحكومة والقطاع العام قد انخفض في نفس الفترة بنسبة 6.8% إلى 96.1 مليار ريال. ومرة أخرى نشير إلى أنه رغم هذا التراجع فإن الحقيقة هي بخلاف ذلك إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما تم إصداره منذ بداية العام من سندات وأذون خزانة تزيد في قيمتها عن 50 مليار ريال. ومن ثم يمكن القول إن نمو الائتمان المحلي للقطاع الخاص قد ارتفع بنسبة 7.1%، بينما الائتمان للقطاع الحكومي والعام قد ارتفع بشدة ولم ينخفض. وإذا ما تم استبعاد الفائدة التي تضاف للقروض والتسهيلات، بنسبة لا تقل عن 7% سنوياً، اتضح لنا أن النمو الحقيقي في ائتمان القطاع الخاص في النصف الأول من العام كان محدوداً ولا يزيد عن 3%، بعكس نمو ائتمان القطاع العام والحكومة.

ويعكس التطور في قيمة مؤشر البورصة فكرة عن اتجاهات النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، حيث أن المؤشر قد انخفض بنحو 900 نقطة وبنسبة 9.8% منذ بداية العام وحتى نهاية شهر يونيو. وفي المقابل فإن المؤشر قد ارتفع بنسبة 18.4% عما كان عليه مع نهاية شهر يونيو 2010، وهذا يعني أن هناك تحسناً في أداء البورصة، وإن كان الوضع في منتصف العام أقل بكثير مما كان عليه الحال عند بداية العام عندما كانت الأسعار مرتفعة بتأثير سببين هما ، تفاعلات الإعلان عن فوز قطر بالمونديال، وانتظار توزيع الأرباح السنوية للشركات عن عام 2010.

وبعد، يظل ما ذكرت أعلاه رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.