إلى أي مدى حقق الاجتماع التشاوري الخامس ما كان يُرجوه القطاع الخاص من آمال عند لقاء قادته بأقطاب الحكومة ؟ وهل أسفر اللقاء عن وضع العلاقة بين الطرفين في إطارها الصحيح بحيث يتم التفريق بين ما هو من الثوابت التي لا يطرأ عليها تغيير إلا في الأجل الطويل، وبين ما هو متغير كل عام؟ إن المتأمل لما أسفر عنه الاجتماع –وفق ما نشرته الصحافة القطرية في الأول من يونيو- سيجد أن هناك نقاط اتفاق وأخرى خلاف بين الطرفين، فأما الاتفاق فهو على تكاملية العلاقة بينهما خدمة للوطن، وعدم وجود منافسة بينهما إلا إذا اقتضت الضرورة، ومن بين نقاط الاتفاق:
1- أن المشاريع العقارية التى أنجزتها بروة العقارية كانت للحد من الارتفاع الكبير في الإيجارات في السنوات الماضية، وأنه عندما ظهرت وفرة في المعروض فإن بروة توقفت عن إنشاء الجديد.
2- وأن الدولة لم تتأخر في
طرح العديد من مشاريع البنية التحتية التي اعتمدتها الموازنة خلال العام الماضي، إلا بقدر ما تطلبته المشروعات من دراسات. وأنه يجري الآن العمل على انجاز مشروع القطار، ومن المتوقع انجاز الميناء في مدينة أمسيعيد في عام 2015 أو عام 2016، وانجاز المطار في أواخر عام 2012، إضافة إلى انجاز المناطق الصناعية خلال السنتين والنصف القادمة. وقد تم تشكيل لجنة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء من أجل دراسة النقص في المواد الأولية من رمل وحديد وغيرها، حيث تقوم هذه اللجنة بالعمل على المحافظة على مستويات سعرية مناسبة للمواد عن طريق تغطية أي نقص من المخزون الاستراتيجي لها.
3- أن الدولة حريصة على مشاركة القطاع الخاص في كافة المشاريع الريادية في الدولة ومنها المشاريع التي تتطلبها استضافة قطر لمونديال 2022، وأن كل العقود تنص على الاحتفاظ بحصة 30 بالمائة من أعمال تلك المشاريع لصالح الشركات القطرية .
4- وأن الحكومة تقدم تسهيلات كبيرة للقطاع الخاص في مجال الصناعة، ومنها دعم الصادرات، وحل كافة الإشكالات التى تواجه الشركات القطرية في الخارج. كما أنه قد تم طرح خطة طموحة جدا للصناعات بما يقارب 30 مليار دولار للمشاريع البتروكيماوية والصناعية خلال الفترة من 2011 - 2222، ومخرجات هذه الصناعات تتيح صناعات متطورة يساهم فيها القطاع الخاص. ورغم انه لدى دولة قطر عدة مناطق صناعية مكتملة البنية التحتية فإنها شرعت في إنشاء المناطق الاقتصادية لتلبية الطلب المتزايد، وقد تم خلال الأيام الماضية اختيار الاستشاري لتنفيذ المرحلة النهائية لمشروع المنطقة الاقتصادية الجديدة في أمسيعيد وتجهيزها في فترة ستة أشهر، وسيتم بعدها طرح مناقصة لتنفيذ البنية التحتية للمنطقة بالكامل.
5- وأن الحكومة ترحب باقتراح غرفة تجارة وصناعة قطر تأسيس شركة مساهمة عامة في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع التنويه بأن دخول أي شركة في بورصة قطر يتم بشرط تحقيقها أرباحا. كما أن الخطوط الجوية القطرية وهي شركة شبه حكومية ستتحول إلى شركة مساهمة، وأن الميناء الجديد -وهي شركة مساهمة- يتم تقديم الدعم لها من قبل الدولة، وأنه بالنسبة لشركة السكك الحديدية لا مانع لدى الدولة في حال جهوزية القطاع الخاص لتشغيلها، وأن الدولة تدعم المشاريع الريادية حتى في حال عدم تحقيقها أرباحا مشيرا إلى أن الدولة تعمل على طرح الشركات الرابحة كشركات مساهمة.
وفي مقابل هذا الدعم الحكومي للقطاع الخاص، فإنه كانت هناك طلبات لرجال الأعمال لم توافق عليها الحكومة، ورفضتها معللة ذلك بمبررات تقتضي من رجال الأعمال أخذها بعين الاعتبار في اللقاء التشاوري السادس. ومن النقاط التي اختلف عليها الطرفان:
1- أن الدعم الحكومي للقطاع الخاص –كما تراه الحكومة لن يكون على حساب السواد الأعظم من المواطنين، وأن الحكومة تتطلع إلى أن تكون هناك شركات ذات مصداقية اكبر وتنزل السوق ويساهم فيها الناس ولا تكون حكرا على فئة معينة من الناس.
2- ان الدولة لم تدع أحدا بشكل صريح إلى الاستثمار العقاري، وأنها اشترت المحافظ العقارية لدى البنوك بـ 15 مليار ريال حتى لا تكون هناك إشكالات ومحاكم بين البنوك والتجار، ولا نية بالتالي لدى الحكومة لدعم خسائر التجار القائمة في العقارات.
3- أن من غير المنطقي أن تتدخل الدولة لشراء الديون المتعثرة للتجار من البنوك وتعيد جدولتها بفائدة واحد بالمائة، فهذا الإجراء غير موجود في أي دولة.
4- أن قطر تعمل وفق نظام السوق الحر وأن إلزام الشركات الأجنبية بعقد شراكات مع شركات قطرية غير جائز خاصة في ظل انفتاح كافة الأسواق العالمية واتفاقيات التجارة الحرة التي أصبحت امراً واقعا، وعلى التجار تطوير إطار أعمالهم مع المتغيرات العالمية الجديدة.
5- أن قرار فتح الوكالات التجارية يهدف إلى الحد من ارتفاع الأسعار، باعتبار أن الأولوية هي حصول المواطن القطري على كامل حقوقه، بما في ذلك الحد من ارتفاع الأسعار.
6- أن الهدف من فرض رسوم على العمالة هو الحد من العمالة الأجنبية في البلد في ظل وجود ما يزيد على مليون ونصف مليون عامل تقوم الدولة برعايتهم.
7- ان هناك توجها لإعادة تنفيذ قرار حبس كل من يصدر شيكات بدون رصيد خاصة في ظل تسجيل ما قيمته 500 مليون ريال لشيكات مرتجعة الشهر الماضي.
وهذه النقطة الأخيرة قد تكون لصالح رجال الأعمال وقد تكون ضدهم، باعتبار أن الشيك بدون رصيد يمكن أن يصدر عن التجار أيضاً إذا ما تراجعت الأحوال وانتكس النشاط.