لغز ضعف السوق المالي

11/05/2011 4
محمد العنقري

لم يكن الهدف من العنوان - وهو السؤال الذي يبحث الكثيرون عن إجابة له - أن يشد القارئ لكي يجد الجواب السحري في هذا المقال، بل إن هذا التساؤل مشروع وموجود على ألسنة جميع المتداولين أو مَنْ يملكون استثمارات بالسوق المالي ولم تتحقق آمالهم بعودة الأسعار إلى سابق عهدها؛ كي يستطيعوا التحرك برؤوس أموالهم من جديد، الذين خسر غالبيتهم أكثر من 60 في المائة منها، إلا أن الجواب موجود لدى كل متداول بالسوق؛ فمجرد أن يرى حجم الخسارة التي تكبدها ولم يستطع تعويضها منذ أكثر من خمسة أعوام، إضافة إلى رصيد الأموال السائلة في محفظته التي بالتأكيد لم تعد تفي بأبسط متطلبات الحركة بالسوق، يدرك حقيقة الضعف الموجود بالسوق المالي. فبعد نتائج مذهلة بأرباح الربع الأول للعام المالي إلا أن آلية حركة السوق ما زالت تسير بتأنٍ شديد، وارتفاع السيولة فوق مستوى خمسة مليارات ريال جاء بعد جهد جهيد، وإلى الآن ما زال حجم التدفق النقدي للسوق يشوبه الخجل، ولم يتجاوز السوق مستوى 6700 نقطة إلا بعد أسابيع من إعلان النتائج المالية، وما زال أمام السوق مناطق أصعب وهي المنطقة المقاربة لمستوى 7000 نقطة، فما الذي سيحدث عندما نقترب منها؟

المتداولون عموماً لا يبدو أنهم إلى الآن يعتقدون أن تعويض خسائرهم القديمة ممكن بالسوق؛ لذلك أصبح توجههم إلى ضخ المال فيه إما لعوامل مضاربة سريعة وقصيرة الأجل أو لضخ بعض الاستثمار بكميات محدودة.

إن ما يبرر تصرف المتداولين عوامل عديدة، يملكون كل الحق في الاقتناع بها؛ فهي نتاج تجربة مريرة سابقة مع السوق، لكن بالمقابل فإن هناك أسباباً أخرى تفرض نفسها بوصفها عاملاً رئيسياً أو مساعداً على ترسيخ هذه القناعات لدى المتداولين، ولعل أهمها هو الفجوة الكبيرة بين قيمة المعلومات وأهميتها عن السوق المالي وطرق إيصالها لعموم المتداولين، التي تنحصر جل مسؤوليتها لدى الشركات المساهمة نفسها من خلال تطوير طرق طرح المعلومات عن النتائج أو الأخبار المهمة عن تلك الشركات بأسلوب أكثر وضوحاً للعموم من خلال عقد المؤتمرات الصحفية من قِبل مسؤولي الشركات، وإذا كان البعض سيذكر شركة أو اثنتين تعقدان مؤتمراً عن نتائج أعمالهما الفصلية أو السنوية فإن هناك العشرات بل أكثر لا تعير بالاً لهذا الأمر أو أهمية، ولعل القطاع المصرفي الذي يتميز بثقله بالسوق لا نسمع عن أي مؤتمر صحفي يواكب نتائج مكوناته بخلاف قطاع الاتصالات أو الاسمنتات والتجزئة وغيرها، وهذا بدوره يُضعف من قيمة المعلومات الصادرة عن تلك الشركات مهما كانت ذات أهمية، إضافة إلى دور المؤسسات المالية في تطوير المعلومات الصادرة عن الشركات أو أي جانب يتعلق بالسوق أو مكوناته وطرق التسويق التي ترفع من مستوى جذب وعودة الأموال للسوق من خلال إيصال الحقائق عن السوق لكل شرائح المجتمع وبأساليب متعددة تضمن التواصل مع الجميع من خلال وسائل الإعلام كافة أو الاتصال، فمن الضروري عقد لقاءات مع شرائح معينة بالمجتمع سواء اختيار مؤسسات أو فئات من المجتمع لشرح أهمية الاستثمار بالسوق المالي، وكذلك تسويق منتجات ذات مستوى من الإقناع بأن العائد على استثمارهم سيكون بمستويات وحجم منطقي وواضح في كل تفاصيله. ولعل من المهم القول اليوم إن اللغز أو السر بعدم تجاوب السوق بشكل سريع مع المتغيرات الإيجابية التي تحدث به هو ضعف جذب السيولة له التي تعني تهميش غالبية مَنْ يرغبون في الاستثمار عموماً بأهمية التوجُّه للسوق المالي؛ كون الصورة السلبية السابقة ما زالت راسخة؛ فلا بد من فك وتشريح كل أسباب بقاء هذه القناعة بشكل علمي مقنع، وهذا يتطلب جهود كل الأطراف الفاعلة بالسوق؛ فالسوق المالي يبقى إحدى أهم القنوات الاستثمارية بأي اقتصاد عالمياً دون أن ننسى أهمية تحرك الجهات الرسمية المعنية بالسوق لتوفير الآلية التي تضمن أو تساعد على تدفق النقد إلى السوق المالي وتنشيطه بما يتناسب مع مستقبله وواقعه الحالي.