إن الأمر لا يتعلق بصناعة التمويل الأصغر في البلدان العربية فقط و لكنة في حقيقة الأمر يتعلق بفقدان الهويه العربية في مجتمعاتنا العربية فلقد أصبح معيار التمدن و التحضر في الوطن العربي هو قدرة الفرد العربي علي التفكير و التعبير باللغات الأجنبية و صناعه التمويل الأصغر في الوطن العربي من تلك المجالات التي تفتقد لطلاقة اللسان العربي فيها فالمتابع الجيد للصناعة يجد أن أغلب الدراسات و الدورات التدريبية المقدمة الي ممارسي الصناعة هي مادة علمية مترجمة من اللغات الأجنبية الأخري الي اللغه العربية و أنا كممارس للتمويل الأصغر في الوطن العربي أعاني عند رغبتي في القراءة عن موضوع ما متعلق بالصناعة من أن الدراسات الموجوده هي دراسات تمت خارج الوطن العربي و لا تناسب واقعنا العربي كما أن الترجمة في بعض الأحيان ترجمة غير مستساغة للأذن العربية فأصاب بالملل و فقدان شهية القراءة عند قرائتي لها بالرغم من تقديم معلومات أكثر من رائعه في تلك الدراسات .
و عند سؤالي لبعض خبراء التمويل الأصغر في الوطن العربي عن سبب عدم وجود مادة علمية عربيه نابعه من واقعنا العربي تبين لي الأمر أن من يقوم بتمويل تلك الدراسات هم نفسهم من يقومون بعملها و هي بعض الجهات الأجنبية في أغلب الأحيان ، فإننا في الوطن العربي مازلنا لا نعي أهمية الإنفاق علي الأبحاث أو الدراسات و لكننا ننتظر من يقوم بتمويل تلك الأبحاث ، و عند سؤالي للاستاذه ريهام فاروق المدير التنفيذي لمؤسسة التضامن المصرية ( و هي من أكبر المؤسسات العربية في الصناعة و الحاصلة علي مركز 27 في الترتيب العالمي من ضمن 100 من مؤسسات التمويل الأصغرعلى مستوى العالم من حيث الجودة والشفافية والإنتاجية وهذا من خلال تقريرسوق تبادل معلومات التمويل الأصغر (ميكس) لعام 2009 ) عن إلي متي سوف يظل صناعة التمويل الاصغر في البلدان العربية تعتمد علي الخبرات العالمية و التمويل الاجنبي مع العلم اننا نملك المال و الخبرات الجيدة ؟ أجابت سيادتها سوف نظل هكذا إلي الحد الذي يتم عنده تتغيير رؤية و ثقافة المؤسسات في الانفاق و عدم البخل في جميع النواحي التي تتعلق بالصناعة كالدعم الفني و الاستثمار البشري و تكوين شراكات فنية و التدريب و الأبحاث و لكن في واقع الأمر فإن المؤسسات تعمد في تلك الجوانب من النفقات علي المؤسسات الأجنبيه التي تقوم بدورها في تحمل ذلك .
و من العرض السابق نساق مرة أخري إلي تلك الفكرة التي كتبت فيها من قبل ثلاث مقالات و هي فكرة إنشاء معهد عربي تعليمي للتمويل الأصغر في البلدان العربية و من الغريب أن أغلب خبراء التمويل الأصغر في البلدان العربية مقتنعين بتلك الفكرة و لكننا في الغالب كالمعتاد في الوطن العربي ننتظر من يأتي من البلدان الأجنبية و ربما من السماء لكي يبني لنا هذا المعهد فعند سؤال لأستاذه جوليا أسعد المدير العام لشركة جرامين جميل ( و هي من الشركات التي تعمل في الإستثمار الإجتماعي و دعم مؤسسات التمويل الأصغر و من تلك الشركات القليله القادرة علي تمويل فكرة ذلك المشروع ) في حوار لها مع موقع البوابة العربية للتمويل الأصغر عن متى نرى معهد متخصص في التمويل الأصغر في الوطن العربي مثل معهد بولدر وهل يمكن أن تشارك جرامين-جميل في إنشائه ؟ أجابت سيادتها إن هذه المسألة هامة للغاية وتحتاج إلى تخطيط استراتيجي، وبما أن المنطقة العربية تجمعها عامل اللغة وحيث أن العديد من العاملين في قطاع التمويل الأصغر قد لا يتقنون لغات أجنبية، فإن معهد كهذا سوف يوفر لهم الحصول على المعرفة بطريقة أسهل وأوضح. و لكن هناك إحتياج كبير للتدريب. من جانبنا فقد ابتدأنا ومنذ وقت ليس بالقصير بالمساهمة في بناء مكتبة عربية للتمويل الأصغر عن طريق تشجيع مبادرات الترجمة من خلال البوابة الالكترونية من جهة وعن طريق إعداد مواد تدريبية عامة وتطبيقية متاحة باللغة العربية و التي يمكن تعميمها، والمثال على ذلك "الدورة التدريبية الإلكترونية لمسؤولي قروض التمويل الأصغر" و"دليل الحوكمة المؤسساتية وإدارة المخاطر لمؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي" وهي برامج مصممة لتستخدم بسهولة من قبل أي مؤسسة أو برنامج تمويل أصغر لتحقيق كثافة معلوماتية حقيقية تساهم في التطبيق العملي من قبل المستفيدين من هذه البرامج. كما نقوم بتقديم العديد من الدورات التدريبية على هامش مؤتمر سنابل السنوي وخلال العام بالتعاون مع شركائنا في مؤسسات التمويل الأصغر بناء˝ على الإحتياجات الفردية لشركائنا. إن إنشاء معهد متخصص للتمويل الأصغر لا يزال قيد البحث مع مؤسسات إقليمية وستحتاج إلى مشاركة من جميع الأطراف المعنية .
في تقديري الشخصي يقع عاتق تعريب صناعة التمويل الأصغر في الوطن العربي علي شبكة البلدان العربية للتمويل الأصغر- سنابل و أنا في الحقيقة أقدر الجهد العظيم الرائع الذي يقوم به القائمين علي الشبكة فهم لايبخلون في بذل المجهود المضني للقيام بتعريب الدراسات و الأبحاث و حتي المقالات الي اللغه العربية و لكن إحتياج الممارسين في الوطن العربي أكبر من طاقات العاملين بالشبكة ، إن ما يحتاجه القائمين ليس تعريب فقط و لكن ما يحتاجة الممارسين العرب هو وجود منظومه عربية متكاملة تقوم هي بالأبحاث و الدراسات و تأليف المواد التدريبيه و كل ذلك في بوطقة الثقافة و الواقع العربي.
يعطيك العافية .... يبدو انك مهتم كثيرا في موضوع التمويل الاصغر المشكلة أن الشعوب العربية لديها ثقافة استهلاكية أكثر من مسالة التطوير والابتكار، لذلك تجدهم يعتمدون على الغرب في كل شئون حياتهم!!!!
شكرا ليك اخي الحبيب افلاطون الأسهم بارك الله لكم