ناقلت وسائل الإعلام تقريرا صادرا عن صندوق النقد الدولي تحت عنوان دول مجلس التعاون الخليجي "تعظيم النتائج الاقتصادية في اقتصاد عالمي يسوده عدم اليقين". وفي تعليق وسائل الإعلام على التقرير، فإنها اقتبست معلومة تكاد تكون مدفونة في حواشي التقرير عن كون نصف الأسر السعودية تعاني من شح في السيولة مقارنة بنحو 30% فقط من الأسر في الدول المتقدمة.
هذا المؤشر ليس معنيا لا بالفقر ولا بكمية الدخل ولا حتى الثروة، إنما هو مؤشر على قدرة الأسر على توفير السيولة، فمن الممكن أن تصنف الأسرة بأنها تنتمي إلى الطبقة المتوسطة أو حتى أعلى من ذلك، ومع ذلك تبقى غير قادرة على توفير السيولة. هذا الضعف في توفير السيولة يؤثر سلبا على قدرة الأسر الإنتاجية ويحد من طاقتها، وبالتالي الاقتصاد ككل.
المشكلة في قراءة هذا المؤشر هو أن مستويات السيولة النقدية في الاقتصاد السعودي عموما تحلق عالية. فالنقد المتداول خارج المصارف ارتفع خلال عام 2011 بنحو 25% على مدى العام، ونحو 4% في شهر ديسمبر فقط. وحتى عرض النقد (ن3) بقي في ارتفاع مستمر طوال 2011، إلا لفترة شهرين، حتى وصل عرض النقد نهاية العام إلى زيادة بنحو 22%.
وحتى ودائع المصارف لدى مؤسسة النقد ارتفعت بنسبة مقاربة، في إشارة على وفرة السيولة لدى المصارف، وهو ما تحدث عنه تقرير صندوق النقد أيضا. إن هذه الوفرة لا يتم تشغيلها بالشكل الأمثل. وخلاصة ذلك هو أن السيولة متوفرة في الاقتصاد بشكل أكبر مما مضى، ولكن مع ذلك فإنها لا تشمل كل شرائح المجتمع، الأمر الذي يخلق أزمة في قدرة الاقتصاد السعودي إجمالا، والقطاع الخاص خصوصا على النمو بمعدلات كافية وخلق المزيد من الوظائف.
تحدثت في مقالي السابق عن مضار الاحتكار على الاقتصاد والمواطن، كما ذكرت أن الاقتصاد ينمو بشكل صحي عندما يحصل النمو في كافة شرائحه. يمكن للاقتصاد أن ينمو بطبقة الأغنياء فقط، ولكن أفق هذا النمو سيكون محدودا، وسيعود في نهاية المطاف بتبعات سلبية على المجتمع، لأنه يدمر رأس المال لدى الطبقات الأقل من مساكن ووسائل إنتاج.
وللحفاظ على نسيج المجتمع وزيادة كفاءة السيولة المتنامية في اقتصادنا الوطني، وتوظيفها لصالحه لا لصالح التضخم، فإن علينا توفير شبكات تمويل صغيرة تصل إلى أدنى طبقات المجتمع. فالمصارف القائمة اليوم فشلت في هذه المهمة الأساسية، فهي توفر السيولة لمن هو ليس بحاجتها، وتعرض عمن هو بأمسّ الحاجة لها. بيروقراطية القطاع الحكومي قد تعيق مثل هذه المبادرة، ولذلك يجب أن تحتوي المبادرة على عنصر من القطاع الخاص حتى تحقق أهدافها بتوفير السيولة "الموجودة" لكل من يحتاجها.
جزء رئيس من عدم توفر سيوله لدى الاس المتوسطه , انها بعديه كل البعد عنفكرة التمويل عند شراء الحاجات الاساسيه,, فتد معظم أفراد الاسر المتوسطه وحتىالغنيه, دفعون كاش, بدلا من تمويل شراء البيت والسياره, والاثاث.......الخ, وهذا عكس سلوك الافراد المشابهين لهم,, في الوضع المالي, في الدول الاخرى وبخاصه الغربيه