بعد فشل القمم السياسية لجامعة الدول العربية بدأت دول الخليج في تبني قمم عربية تنموية اقتصادية اجتماعية في محاولة لحل الأزمات الفعلية والحقيقية التي تجابه الاقتصادات العربية. فعقدت أولى تلك القمم في الكويت في 2009، والثانية في شرم الشيخ، ويوم غد في الرياض. ولأن الاجتماع هو على مستوى ملوك ورؤساء العرب فإن جدول الأعمال يكتظ بالعموميات لإطلاع القادة على الخطوط العريضة التي تجابه الاقتصاد والتنمية العربية ليتخذ فيها توجيها تدرسه لجان متخصصة. وبهذه الطريقة تطول فترة التحضيرات والتنفيذ لدرجة تصل إلى القضاء على معظم توجهات القادة. فالقمم المتتالية تناقش:
-الربط البري بالسكك الحديدية.
-الربط الكهربائي العربي.
-البرنامج الطارئ للأمن الغذائي العربي.
-خطة تطوير التعليم العربي.
-تطوير الرعاية الصحية.
-أهداف تنموية للقضاء على الفقر وحل مشاكل البطالة.
-وغيرها من القضايا الطارئة والتوصيات الأخرى مثل توصية صندوق للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويلاحظ من تلك الأهداف والخطوط العريضة كبر حجم هذه التحديات وصعوبة تطبيقها، فالأمثلة حاضرة على صعوبة التطبيق متمثلة في مجلس التعاون الخليجي الذي لم يصل حتى الآن إلى مرحلة السوق الخليجية المشتركة في معناها الحقيقي، التي تسمح بحرية الحركة بين دول الخليج للمواطنين والمقيمين بما فيها السلع والخدمات وهي ما لا تلمسه الشعوب عند نقاط العبور.
إن الأمل الذي يبدو جميلا هو تبني القطاع الخاص منتدى تحضيريا لمثل هذه القمم، كان آخرها ما عقد في الرياض بمبادرة مجلس الغرف السعودية ومشاركة الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة للبلاد العربية في وضع المشاريع الفعلية التي قد تساهم في حل المشكلات العربية والمتمثلة في الأمن الغذائي وخفض مستويات البطالة والفقر. وهي من الأهداف الطارئة التي يستوجب التركيز عليها في الفترة الحالية نظير استمرار أزمات الربيع العربي التي آلت إلى مزيد من الفقر وارتفاع في معدلات البطالة، حيث يمكن أن تصل إلى 52 مليون عاطل بحلول 2015. ويبدو أن صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو الأنجح حتى الآن في مسيرة التعاون الاقتصادي العربي، فرأسماله البالغ 1.2 مليار ريال تم تأمينه بالكامل بمساهمة كبيرة من السعودية والكويت بملبغ 500 مليون دولار لكل دولة، وقد بدئ بالفعل في تنفيذ بعض المشاريع في دول عربية أخرى.
ويبدو أن الأهداف الأخرى مثل الربط البري لسكك الحديد والتعليم والصحة صعبة المنال في ظل الاستثمارات الضخمة التي تحتاج إليها سكة الحديد لكل دولة على حدة، مع اختلاف نظم التعليم والرعاية الصحية بين البلدان العربية بشكل لا يوحي بأي تقارب.
إن من شروط التعاون والوصول إلى وحدة اقتصادية عربية هو المرور بالمراحل الطبيعية لإقامتها ابتداء بمنطقة تجارة حرة عربية، ثم اتحاد جمركي يوحد رسم التعرفة والإجراءات والتشريعات اللازمة لها، ثم سوق عربية مشتركة تسمح بحرية التنقل، ثم توحيد العملة حتى نصل إلى ما يسمى وحدة عربية اقتصادية. وهذه التجارب التي تشهد تعثرا في أوروبا، وقريبة من الفشل لدول الخليج العربي تبدو صعبة المنال لدول تختلف بشكل جذري في اقتصاداتها وأنظمتها وتشريعاتها ناهيك عن الفروقات الكبيرة في الدخول ومستويات البنية التحتية، ما يجعل تحقيق حلم الوحدة الاقتصادية في مهب الريح. هذا الحلم البعيد قد يبرر تركيز القادة العرب على مشاريع معينة مثل سكة الحديد والربط الكهربائي وصناديق تنموية مثل صندوق المشاريع الصغيرة والمتوسطة لقرب ذلك من الواقع وأهميتها في مد الجسور الاقتصادية أولا.
وفي اعتقادي أن مشاركة القطاع الخاص المتمثل في الاجتماعات ما قبل القمة لمجالس الغرف العربية في رفع توصيات عملية لهذه القمة هي أولى الخطوات في الاتجاه الصحيح، خصوصا أن رجال الأعمال سيركزون على المبادرات الأقرب للتنفيذ بين الدول العربية، خصوصا في مجال الاستثمار الزراعي والصناعي الذي أرى أن على الدول العربية أن تزيل العقبات الجمة أمام هذه القطاعات حتى يتسنى للقطاع الخاص قيادة النمو العربي.
لقد هرمنا ونحن نقرأ مثل هذه المقالات.
للاسف لايوجد شي صحيح