عرف الإقتصاديون الإستثمار بعده تعريفات مجملها يمكن تلخيصه بأنه التضحية المؤقتة بأموال حالية من اجل الحصول علي أموال مستقبلية أما الإستثمار الإجتماعي فهو يختلف من حيث الهدف و الجوهر عن الأستثمار التقليدي فجوهر الإستثمار الإجتماعي هو تحقيق أهداف إجتماعيه تعمل علي تنمية أفراد المجتمع في النواحي الإقتصادية و التعليمية و الصحية و غيرها من النواحي التي تخدم احتياجات الفئات ذوي الدخل المنخفض في المجتمع و يوجد أيضا فرق كبير بين المؤسسات الإجتماعية و المؤسسات التجاريه فالهدف الأساسي للمؤسسات التجاريه هي تحقيق الربح أما المؤسسات التي تعمل في الاستثمار الإجتماعي فتقاس كفاءتها و أرباحها بمدي قدرتها علي تحقيق رسالتها و أهدافها الإجتماعية فهي مؤسسات لا تعمل علي تحقيق الربح المادي بقدر عملها للحصول علي الربح الإجتماعي و لكن مع ذلك فمؤسسات الإستثمار الإجتماعي يجب أن تعمل علي تحقيق هامش ربح يؤهلها لإستدامة تقديم خدماتها كما يختلف مالكي المؤسسات التجاريه عن مالكي المؤسسات التي تعمل في الاستثمار الاجتماعي فمالكي المؤسسات التجاريه همهم الأكبر هو الحصول علي أكبر قدر ممكن من الأرباح أما مالكي المؤسسات التي تعمل في الاستثمار الاجتماعي فهمهم الأكبر هو وصول خدماتهم الاجتماعيه لأكبر عدد ممكن من الفئات المستهدفة .
إن صور الإستثمار الإجتماعي ليست جديده علي وطننا العربي و لا عالمنا الإسلامي فمن أكثر صور الإستثمار الإجتماعي شيوعاً في الوطن العربي كانت الوقف و الوقف هو ما يحبس من مال أو عقار أو غلال لتقديمه طوعية لأفراد المجتمع للعمل علي تنميتهم في النواحي الإقتصاديه و التعليميه و الصحيه و غيرها من النواحي التي تزيد من الخدمات المقدمه للشرائح الفقيرة في المجتمع و من صور تلك الخدمات التي يقدمها الوقف رعاية الأيتام و المعاقين و إنشاء الملاجئ و المستشفيات و دور للمسنين و كفالة من يعجز بصفه مؤقتة أو عارضه و دفع الضرر عن الضعفاء كما يمكن إستخدام جزء من ريع الوقف للقيام بالنشاط الإئتماني للمحتاجين فيمكن تقديم قروض يستخدمها ذوي الدخول المنخفضة لتغطية حاجتهم الإستهلاكيه و الإجتماعيه و الإنتاجية و من ابرز ما قام به الوقف في العصور السابقه هي محاربة الأميه حيث عمل الوقف علي انتشار العلم و الثقافه بين أفراد المجتمع عن طريق إنشاء المدارس و الكتاتيب و دعم من يريد التعليم ، كل تلك الأمور هي نفسها التي تهدف مؤسسات الإستثمار الإجتماعي الحديثه إلي تحقيقها و لكنها مسميات مختلفه ففي السابق تم تسمية مؤسسة الإستثمار الإجتماعي بالوقف أما الآن فتسمى بمؤسسات الإستثمار الإجتماعي .
و من الغريب إقتناع العديد من الأفراد في الوطن العربي أن فكرة الإستثمار الإجتماعي هي فكره حديثه علي عالمنا العربي إننا كأمة عظيمة لم نترك مجال للتكافل الإجتماعي فيما بيننا إلا طرقنا بابه و لكن يجب علينا البحث في الجذور لكي نعي مدي عظمة العقول و الضمير و العطاء العربي فنحن في الوطن العربي لسنا في حاجه الي استيراد فكر البيزنس الإجتماعي من ذلك الرجل الذي أوقره و أحبه و هو محمد يونس فعندما قام البروفيسير محمد يونس بكتابة كتابه الأشهر عام 2008 بعنوان ( بناء بيزنس اجتماعي ) أحدث ضجه كبيره في أوساط العمل الإجتماعي حيث قدم لنا محمد يونس فيه نموذج متكامل بإسم البيزنس الإجتماعي من خلال منظومة عمل تتكون من مفهوم نظري و نماذج تطبيقية له إن ما قام به محمد يونس ليس مخترعاً جديداً و لكنه هو كان يملك الإيمان بأفكاره و الهمه في تنفيذها و هذا ما ينقصنا نحن العرب أن نؤمن بأفكارنا و أن نعمل علي تحقيقها بنفس تلك الهمه التي نستخدمها في محاولات إستيراد الإفكار ممن لا يتحدثون العربيه فالمحاولة خير من عمل لا شئ .
إن تحقيق فكر الإستثمار الإجتماعي ليس فقط مقصوراً علي الأغنياء أو المؤسسات التي تعمل في المجال الإجتماعي فأنا أري أنه يمكن للفقراء أيضا أن يقوموا بدورهم في الإستثمار الإجتماعي في المجتمع فحفاظ الفقير علي ممتلكات و مكتسبات الوطن هو جزء من الإستثمار الإجتماعي في المجتمع ، إن فكر الإستثمار الإجتماعي هي خلق يجب أن يتخلق به جميع أفراد المجتمع فالفرد هو وحدة بناء المجتمع و لن تعلوا الأمه بدون وجود فرد ذات خلق بناء.