ملامح الاقتصاد القطري كما رصدتها إستراتيجية التنمية الوطنية

09/04/2011 2
بشير يوسف الكحلوت

أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أن إطلاق إستراتيجية التنمية الوطنية يدشن حقبة جديدة في تاريخ قطر الحديث ستمتد إلى عام 2030، وهي حقبة ستشهد تنفيذ عدد كبير جداً من المبادرات والمشروعات التي تحقق رؤية قطر الوطنية التي تمت صياغتها وإطلاقها في عام 2008. وتضع الاستراتيجية في صلب اهتماماتها الموازنة بين الخيارات المتاحة، لتحقيق أهداف الرؤية الوطنية، وبما يساعد على التغلب على التحديات التي رصدتها الرؤية الوطنية. وأقدم في مقال اليوم ملخصاً لأهم ما تضمنته وثيقة الاستراتيجية من توقعات بشأن الاقتصاد القطري حتى عام 2016:

1- تفترض الوثيقة أن سعر برميل النفط سيكون 86 دولارا للبرميل في المتوسط، بينما سيكون سعر الغاز عند مستوى 9.60 دولاراً للمليون وحدة حرارية. كما تفترض أن إنتاج النفط سينخفض عما كان عليه في عام 2009، أو أنه سيبقى بالكاد دون تغير، بينما سيظل إنتاج الغاز ثابتاً بدون زيادة بعد عام 2011 وحتى نهاية عام 2015 على الأقل. وبناء على ذلك فإن نمو الصادرات القطرية من السلع والخدمات سيتباطأ بشكل حاد بعد عام 2012 ليصل إلى معدل 1% فقط بحيث يرتفع إجمالي الصادرات من 89.4 مليار دولار عام 2011 إلى 100 مليار دولار عام 2016. وسترتفع نسبة رصيد الحساب الجاري ( أي صافي الصادرات والواردات من السلع والخدمات) إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 24% في الفترة 2011 – 2012 ثم تنخفض إلى 15% عام 2016، وهذه النسبة تظل رغم انخفاضها مرتفعة بالمقارنات الدولية.

2- من المتوقع أن يسجل الاقتصاد القطري نمواً حقيقياً بمعدل 15.7% في عام 2011، ثم ينخفض إلى 7.1% في عام 2012، ثم يهبط المعدل إلى 4.7% في العامين التاليين، ثم يرتفع قليلاً في عام 2016 إلى 5.1%. أما بالأسعار الجارية للناتج المحلي الإجمالي، فإن المعدل سيصل إلى 11.7% في عام 2011 ثم ينخفض إلى ما بين 7.2-7.8% سنوياً حتى عام 2015 وإلى 2.1% في عام 2016، ليصل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى 775 مليار ريال. وستؤدي هذه التغيرات إلى تراجع أهمية مساهمة قطاع النفط والغاز في إجمالي الناتج المحلي من 46% عام 2009 إلى 42% عام 2016.

3- سيكون قطاع الخدمات هو المحرك الرئيسي للاقتصاد بعد عام 2011, وقد تنمو قطاعات النقل والاتصالات والأعمال والخدمات المالية بقوة خلال هذه الفترة, كما أن الأنشطة المرتبطة بكأس العالم 2022 من شأنها أن توفر فرصا جديدة في قطاع السياحة وفي المجالات الأخرى أيضا. ويتوقع أن يوفر مطار الدوحة الجديد مركزا نشطا للنقل الجوي،كما أن التعديلات على قانون الاستثمار الأجنبي المباشر التي تمت في أوائل عام 2010 -والتي تسمح بالملكية الأجنبية للمشاريع والشركات بنسبة 100% في قطاعات ذات الصلة بالخدمات -ربما تسهم في نمو قطاع الخدمات، بحيث قد ترتفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام2016 إلى 40% مقارنة بـ 36% عام 2009.

4- سينمو قطاع الإنشاءات بشكل محدود بحيث ترتفع أهميته النسبية من 7% عام 2009 إلى 8% عام2016، بينما سيستفيد قطاع الصناعة التحويلية من التوسع في صناعة الأسمدة الكيماوية والبتروكيماويات، ومن مبادرات السياسة المقبلة التي تركز على إنشاء المشاريع وترويج الصادرات والابتكارات في العلوم والتكنولوجيا.

5- من المتوقع أن ينمو إجمالي سكان دولة قطر بمعدل 2.1% تقريبا خلال الفترة 2011-2016 حيث يرتفع إجمالي عدد السكان من حوالي 1.64 مليون نسمة مع نهاية 2010 إلى قرابة من 1.9 مليون نسمة عام 2016. وهذه الافتراضات تعتمد على حدوث زيادة في نسبة الوافدين من ذوي المهارات العالية والأجور المرتفعة، ولكن إذا استمر نمط الأجور المنخفضة، فإن عدد السكان سيكون أكبر وسيعمل موضوع تنظيم كأس العالم باتجاه زيادة السكان أيضاً.

6- سيصل مجموع الاستثمار المحلي الإجمالي إلى 820 مليار ريال خلال الفترة 2011- 2016 (347 مليار ريال من استثمارات الحكومة المركزية + 85 مليار ريال من قطاع النفط والغاز + 389 مليار ريال من القطاع الخاص غير الهيدروكربوني ). وسيأخذ الاستثمار الخاص دوراً قياديا في دفع عجلة النمو بتحفيز من شركات ترتبط بالحكومة مثل بروة والريان وقطر للألمنيوم و بنك قطر الوطني، وسيؤدي ذلك إلى مضاعفة نسبة استثمار القطاع الخاص إلى الناتج المحلي إلى 15% بحلول عام 2016. وسيصل الإنفاق على البنية التحتية إلى ذروته في عام 2012، وسيستقر نموه بعد ذلك عند معدل 5% سنويا.

7- تتنبه وثيقة الاستراتيجية إلى احتمال انخفاض سعر برميل النفط إلى 74 دولاراً للبرميل، وفي هذه الحالة ستنخفض معدلات النمو الاقتصادي المشار إليها في البند (2) أعلاه بمقدار نقطتين لكل منها، وسينخفض فائض الموازنة العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 4% عام 2016 بدلا من 6% في السيناريو الأساسي .وهناك افتراضات أكثر تشاؤما تفترض انخفاض سعر النفط دون 74 دولاراً للبرميل؛ حيث يتحول الفائض في الموازنة إلى عجز. وتشير الاستراتيجية إلى أن هناك احتمال أن ينخفض سعر الغاز بنسبة 30% إلى 6.9 دولار للمليون وحدة حرارية، وسيكون لذلك تأثير قليل على الموازنة العامة التي تعتمد أكثر على إيرادات النفط، ولكن الانخفاض المذكور سيؤثر سلباً على الدخل أو على أرصدة الصندوق السيادي للحكومة بحيث تنخفض بما مجموعه 357 مليار ريال طيلة الفترة حتى 2016.

8- سيواصل الدين الخارجي نموه باضطراد ليرتفع من 62.3 مليار دولار في عام 2011 إلى 91.3 مليار عام 2016، وسيشهد الدين العام(الحكومي فقط) تراجعاً محدوداً خلال الفترة إلى 8.7 مليار دولار في عام 2016 مقارنة بـ 9.9 مليار دولار عام 2011. وأما مجمل خدمة الدين الخارجي فسيتضاعف من 1.8 مليار دولار عام 2011 إلى 5.5 مليار دولار عام 2016.

9- يمكن أن يكون لاستضافة كأس العالم في المدى القريب أثر كبير على التداول التجاري والنشاط الاستثماري بهدف المضاربة , ولكن ستكون الآثار مؤقتة، وستقوم الحكومة بمتابعة المستجدات لضمان منع إساءة استخدام عوامل السوق ولحماية الصالح العام ومصالح الجمهور.

ومن منظور طموحات التنويع الاقتصادي فإن للاستضافة فوائد من قبيل أنها توفر شراكة بين القطاع الحكومي والخاص في بعض المشاريع، وإمكانية تشكيل تحالفات استراتيجية مع الشركات الخارجية والعمل على نقل التكنولوجيا.