يقع قسم كبير من عبء التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبدرجة أقل السياسية على كاهل الشعب
في هذا النطاق نتوجه إلى أخوتنا في اليمن وهم الذين حملوا راية التغيير وطالبوا بالإصلاح، نتوجه لهم بسؤال شامل وعام: هل أنتم جاهزون لتنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية شاملة إذا رحل علي صالح ونظامه أو إذا تصالحتم سويا وتشاركتم الحكم؟
ومن هذا السؤال تتفرع أسلئة أخرى عدة، فاليمن أرض الخير والبركة، والرسول صلى الله عليه وسلم دعا لها وللشام بالبركة، زرتها في عام 2006 وحزّ في نفسي رؤيتها في آخر الركب، فالغلاء والفقر والفوضى والقات والرشاوى والفساد والسلاح كلها كانت أمام ناظري منتشرة هناك، رغم توافر الأراضي الخصبة المنتشرة على نطاق واسع، والآثار وعوامل الجذب السياحية المنتشرة والمتوافرة على نطاق واسع، والمؤسسات التعليمية التي يفد لها الكثير من العرب وغيرهم، والبنية التحتية في صنعاء على الأقل ليست بأسوء من بنى تحتية في مدن عربية وإسلامية كثيرة،،، فلماذا تراجع اليمن ليكون في قائمة أفسد وأفقر دول العالم؟؟ هل النظام وحده فقط هو المسؤول؟ أم يقع جزء من المسؤولية على الجميع؟؟
هل الشعب اليمني مستعد لتوجيه موارده المائية وأراضيه الخصبة لزراعة المحاصيل الزراعية النافعة التي تنتج له الغذاء وتوفر الأمن الغذائي له وتكف عنه لهيب ارتفاع أسعار الغذاء العالمي، بدلا من زراعة القات الذي انتشرت زراعته مستحوذة على ربع أو ثلث الأراضي الزراعية ونصف المياه المتوفرة حسب منظمات اقتصادية، وهل القادة والثوار اليوم مستعدون لضبط هذا الموضوع والاهتمام به؟ وهنا يتفرع سؤال آخر: هل يستعد الشعب اليمني عموما للتخلي ولو تدريجيا عن هذه العادة المقيتة التي يبدد فيها ماله وأرضه ووقته وطاقاته الهائلة، ويتوجه لما هو نافع ومفيد ويستثمر جهده ووقته وماله وجسده بشيء أنفع له من القات؟
وهل هناك استعداد على يد التنظيمات المسلحة وكفها عن المهازل والإرهاب وإيذاء جيران اليمن بالأعمال التي لا للإسلام نصرت ولا لأعدائه خذلت، وإنما كبدت اليمن تكاليف بشرية ومادية باهظة
هل القادة والثوار مستعدون لتطوير الأنظمة والقوانين، ومكافحة الفساد المستشري والذي أصبح أشبه ما يكون بالثقافة والأيديولوجيا، وأن يقننوا العمل الحكومي وشبه الحكومي بقوانين متطورة ويفتحوا الباب للاستثمار ويقضوا على البيروقراطية والفساد ولو تباعا؟
هل هم مستعدون لإنهاء عادات بائسة تشكل خطرا على الوطن ومصالحه: من حمل عشوائي للسلاح وبيعه وانتشاره حتى مع الأطفال، ومن عصبيات قبلية جاهلية حاربها الإسلام منذ 14 قرنا، ومن الخصومات القاتلة التي تدور حول الأراضي وملكيتها وغير ذلك من المهاترات، تستوجب على العهد الجديد تنظيم الملكية بنظام واضح عادل وصارم؟.
هل اليمن سيكون مستعدا للحفاظ على مؤسسات التعليم النظامية والخاصة، ويطورها ويحميها ويزيدها ويجعل منها بوابة للتنمية البشرية الهامة التي يحتاجها بشكل ضروري؟
لا شك أن كل هذه الأمور وغيرها والتي في مجملها تصب في تنمية البلد وتطويره ستحتاج إلى أمرين: جهود جبارة مع عزيمة ونية صادقة، بالإضافة إلى الوقت: فلا تنمية شاملة بين عشية وضحاها.
إنني آمل أن أرى بعد سنوات قليلة تطورا إيجابيا واضحا في بعض المؤشرات الاقتصادية التي سأوردها في الجدول التالي والتي تظهر ضعفا واضحا في الاقتصاد اليمني: