إنتاج البترول في اليمن (نموذج للمنتجين خارج أوبك)

10/03/2012 0
د. أنور أبو العلا

بتاريخ 15 فبراير 2012 (أي قبل ثلاثة أسابيع) نشرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA تقريرها التحليلي الدوري عن الطاقة في اليمن.

الذي دفعني لتخصيص زاوية اليوم للكتابة عن بترول اليمن ليس لأن احتياطي او انتاج او استهلاك او صادرات بترول اليمن يلعب دورا في التأثير على اسواق البترول ولكن لسببين: أولا: لأن اليمن نموذجا للسواد الأعظم من الدول المنتجة للبترول خارج اوبك التي رغم انها كفرادى ليس لها أي تأثير على اسواق البترول ولكنها كمجموعة تلعب دور اليد الخفية لتحقّيق التوازن بين العرض والطلب.

وثانيا: لأن اليمن رغم صغر حجم احتياطياتها الا انها مهيأة اكثر من غيرها لتحقيق تنمية حقيقية.

التقرير صغير لا يتجاوز الخمس صفحات ويحتوي على الخارطة الجغرافية لليمن ورسمين بيانيين احدهما عن الغاز والآخر عن البترول، سأركّز على الرسم البياني الوارد في الصفحة الثانية الخاص بالبترول بعنوان انتاج واستهلاك البترول في اليمن خلال الأعوام 1991 - 2011.

لقد كان انتاج اليمن من البترول 200 الف برميل في اليوم عام 1991، ثم اخذ الإنتاج يتزايد تدريجيا الى ان وصل أقصى ذروته 440 الف برميل في اليوم عام 2001. لكن لم يلبث طويلا حتى اخذ الإنتاج يتناقص تدريجيا منذ عام 2003 الى ان بلغ 170 الف برميل في اليوم عام 2011 (أي أقل مما كان عليه قبل عشرين سنة عام 1991).

أما استهلاك اليمن من البترول فقد كان أقل من 90 الف برميل في اليوم عام 1991، ثم اخذ يتزايد ببطء الى ان بلغ حوالي 166 الف برميل في اليوم عام 2011.

اما صادرات (اي الفرق بين الإنتاج والاستهلاك) اليمن من البترول فقد كانت حوالي 110 آلاف برميل في اليوم عام 1991، ثم اخذت الصادرات تتزايد تدريجيا الى ان وصلت اقصاها حوالي 330 الف برميل في اليوم عام 2001، ثم اخذت تتناقص تدريجيا الى ان قاربت الصفر عام 2011 بسبب: اولا - وهو الأهم - الانخفاض المفاجئ الكبير في الإنتاج، وثانيا: ارتفاع الاستهلاك المحلي من 90 الف برميل في اليوم عام 1991 الى مايقارب 160 الف برميل عام 2011.

وفقا لتقرير ادارة معلوملت الطاقة الأمريكية لقد بلغ احتياطي البترول المؤكد في اليمن 3 مليار برميل في اول يناير عام 2012 بينما بلغ انتاج بترول اليمن 170 الف برميل في اليوم وبذا يكون معدل الاحتياطي الى الإنتاج (اي العمر الافتراضي) 48 سنة لبترول اليمن اي اطول عمرا من بترول خمسة دول اعضاء في اوبك وهي: الاكوادور، وانقولا، ونيجيريا، والجزائر، وقطر.

يجب ان لا يفهم من هذه المقارنة بين اليمن وبعض دول اوبك انها تعني ان اليمن اكثر اهمية في سوق البترول من اي واحدة من هذه الدول الخمسة وانما الغرض فقط هو التاكيد على ان طول عمر البترول في اي دولة لا يعتمد على كبر احتياطي بترولها بل يعتمد اولا واخيرا على معدل انتاجها فكلما زاد معدل الانتاج كلما قصر عمر المورد، فأحتياطي البترول المؤكد في قطر مثلا اضعاف احتياطي البترول المؤكد في اليمن ولكن بتقسيم احتياطي قطر البالغ 26.0 مليار برميل على معدل انتاجها البالغ 1.59 مليون برميل في اليوم لعام 2010 نجد ان عمر بترولها يساوي 45 سنة، ولكن لو ان قطر توسعت في انتاج الغاز وخفضت انتاجها من البترول الى نصف مليون برميل في اليوم مثلا فسيقفز عمر بترول قطر الى حوالي 144 سنة (اطول عمر بترول تقليدي في اي دولة في العالم).

نقطة هامة يجب أخذها في الاعتبار ان الانخفاض المفاجئ في انتاج اليمن للبترول الى اقل من 170 الف برميل في اليوم عام 2011 يرجع الى عدم القيام بأعمال الصيانة ونقص الاستثمارات الجديدة والاضطرابات السياسية، ولذا فإن علاج هذه المعوّقات الطارئة - في اعتقادي - سيتيح لليمن رغم صغر حجم احتياطها زيادة انتاجها الى 460 الف برميل في اليوم يمكن تصدير حوالي 300 الف برميل وتخصيص ايراداتها لتمويل خطة تنمية سليمة (مستفيدة من اخطاء خطط دول مجلس التعاون) لتعليم وتدريب العمالة الوطنية اليمانية والاعتماد عليها لوضع النواة الأساسية لبناء صناعة حديثة جديرة - بإذن الله - ان تعيد الى اليمن لقب اليمن السعيد استجابة لدعاء المصطفى (عليه الصلاة والسلام): "اللهم بارك لنا في يمننا".

موضوع زاوية السبت القادم - إن شاء الله - قراءة مابين السطور لآخر تصريحات معالي المهندس علي النعيمي.