عالمنا العربي إلى النهضة أم إلى الفوضى ؟!

10/03/2011 6
حجاج حسن

الفقر، القهر، القمع، الفساد، الابتزاز، الاستعباد، التزوير، الجهل، التخلف،... كلها كانت الدوافع والمحركات والشرارات التي فجًرت وأشعلت ثورات الشعوب ضد أنظمتها، لتعلو أصوات الشعوب فوق أصوات الطغاة، وتسقط أنظمة وترحل آخري عن بلادها، وتعدل أنظمة وتحرق الأخرى في شعوبها...

ولا شك أن ثورتي تونس الخضراء ومصر البيضاء كانتا نموذجاً لثورة اكتملت فيها كل المعطيات والأسباب والبراهين والخطط لتخرج النتائج بأفضل ما يكون، ويهرب "على بابا" بعد أن فهم شعبه، ويسقط "اللامبارك" بعد أن ملً شعبه...

ولكوني – مصرياً- فسوف أعرض عليكم بعضاً من إنجازات اللامبارك خلال الثلاثة عقود التي قضاها على عرش الحكم، والتي أدت إلى انفجار الشعب الذي كاد أن يقتله القهر، من بينها (متوسط دخل الفرد) الذي بات كأحد أقل متوسطات دخل بالعالم ( أقل من 60 دولار شهرياً)، وأما (الفساد) فكانت نسبته 82 %، و(البطالة) 28 %، أما عن (سلب المال العام ) فكانت نسبته 23 % من دخل مصر السنوي، وأعتقد أن هذه النسبة قد تكون ضئيلة جداً بعد الكشف عن ثروات مبارك وحاشيته من اللاعز الذي حول القطاع العام إلى قطاع خاص لصالحه، واللاشريف واللاعادل، واللامسرور، أما عن (الجهل والأمية) فقد كانت من أعلى نسب أمية بالعالم 42 %، كل ذلك وغيره من المعطيات والأسباب كان من شأنه قيام تلك الثورة .. وشعارها أموت شريفاً أفضل من أن أعيش مذلولاً.

ومن وتونس إلى مصر ذهبت "إنفونزا الثورة" كما يطلق عليها الرئيس اليمني، إلى بلادنا العربية ليبيا، الجزائر، اليمن، البحرين وعمان للمطالبة بالتغيير والتعديل والتصحيح للأوضاع، بل وفي الغالب إسقاطاً للنظام، ومن الممكن أن نراها في بعض هذه الدول لا تخرج عن كونها تقليداً أعمى فعناصر ومكونات ومعطيات الثورة لم تكتمل في الكثير منها بعد، كالبحرين وعمان مثلاً ... والبعض الأخر لا يقل معاناة عن مصر وتونس، وهؤلاء التغير والتحرير وإن تأخر وتأخر فهو قادم ولا محال لبلادهم...

ولكن هل فعلاً نجحت الثورة المصرية والتونسية، بكل تأكيد ما حدث هو فقد بداية مرحلة جديدة، لنهاية مرحلة كانت هي الأسوأ، وهو ما تأكده لنا الأيام مع كل كشف ع ن أسرار وفضائح تخرج لنا عن تلك الأنظمة وما كانت تفعله في شعوبها، ولكن ما نخشاه أن يعود ذلك الأسوأ مرة أخرى من خلال الفوضى التي تعيشها مصر وتونس هذه الأيام وغياب الأمن في البلاد، فبالأمس كنا نحارب الفساد بالأمن، والآن نحارب الأمن بالفساد..

فالغرب.. يريدها فوضى وهذه أهدافهم التي قد نحققها لهم دون أي معاناة منهم أو تخطيط أو ترتيب أو أي شئ، ولكننا نريدها نهضة وتقدم إلى الأمام لا إلى الخلف لنستعيد قيادتنا إلى العالم، وليس العودة لما قبل التاريخ، لنأكل الأعشاب، ونلبس الأخياش، ونحارب بالسيف والأحجار...

وأخيراً، فقد فًهم "علي بابا" شعبه بعد قتل أكثر من 400 شهيد، وفهم "اللامبارك" شعبه بعد قُتل 300 شهيد، ولكن متى يفهم الصالح ومعمر "المجد" شعوبهما وكل يوم نترحم على مئات الشهداء في ليبيا التى تتجه نحو عراقٍ جديد واليمن الذي بات غير سعيد.