في الأسبوع الماضي أكمل سوق الأسهم السعودي 13 جلسة انخفاض متتالية، والتي تمثل أطول مدة متتالية من الجلسات المنخفضة منذ 1998م (أي منذ ما يزيد عن 13 عاماً). ومن الجدير بالذكر أن تواتر الجلسات المنخفضة أطول من تلك في 2006م أو 2008م. فكيف يمكننا أن نقيم الوضع الراهن؟ وماذا ينبغي أن نفعل الآن؟
في البداية لا بد من القول بأن النظرة المالية والاقتصادية البحتة (سواء للسوق أو الاقتصاد بشكل عام) تظل قوية جداً بمعظم المقاييس، فربحية معظم الشركات في ازدياد، والقطاع المصرفي خرج للتو من سنة قام فيها بتنظيف قوائمه المالية من معظم مخصصات الديون، والمالية الحكومية في وضع ممتاز نظراً لتزامن زيادة أسعار النفط مع ارتفاع الإنتاج، كما أن قرارات الحكومة الأخيرة أدت وستؤدي إلى ضخ الكثير من السيولة في الاقتصاد مما له أثر كبير في تحفيز الاقتصاد ودفع عجلته. ولكن المتابع للسوق سرعان ما يكتشف أن هذه المعايير هي غير ذات أهمية لمعظم المستثمرين والذين يسيطر عليهم الآن الهاجس السياسي والأمني في المقام الأول. ولعل ذلك يرجع إلى 3 دوافع رئيسية:
أولها: انتشار عدوى المظاهرات لعدد أكبر من دول المنطقة ووصولها مؤخراً لسواحل الخليج العربي الذي طالما حس المراقبون أنه في منئى عن هذه التيارات، بدءأ من البحرين ووصولاً لعمان مؤخراً. من شأن ذلك أن يزيد المخاوف لدى المستثمرين المحليين.
ثانيها: إطلاق عدد من الدعوات لمسيرات في المملكة، مما يخلق جواً من الترقب حتى يتضح مآل هذه المسيرات.
ثالثها: وجود توقعات بإصدار عدد من القرارات الهيكلية والتنظيمية حال عودة خادم الحرمين الشريفين، مما أدى لمزيد من الترقب مع تأخر هذه القرارات، مما زاد المخاوف من النقطة (ثانياً) أعلاه.
من هذا النطلق وفي هذا الموضع، ماذا ينبغي للمستثمر أن يفعله ليوقف النزيف في استثماراته ومدخراته. في هذا الصدد لي أن أتقدم بثلاث توصيات:
1. لا تفزع! فالكثير يؤمنون أن عالم الاستثمار تسيطر عليه غريزتان أساسيتان هما الجشع من ناحية، والخوف من ناحيةٍ أخرى. والمستثمر الناجح هو ذاك الشخص الذي يستطيع الموازنة بين هاتين الغريزتين باستمرار دون أن تطغى إحداهما على الأخرى، ولا شك أن هذا ليس بالأمر السهل، حيث تسيطر غريزة الخوف عند انخفاض الأسواق فيقول القائلون إن "الوضع كله دمار وما يردّك إلا القاع!" مما يقود المستثمرين لنسيان الجشع تماماً والانقياد للخوف والإحباط، فكأنما العالم سينتهي غداً. ومن ينقاد لهاتين الغريزتين تماماً ينتهي به الحال لأن يدخل في الاستثمار في أوج الفورة ويخرج في القاع (مما يضر بصحتك المالية). وفي هذا الصدد فإن أبرز ما سمعته هو قولٌ لأسطورة الاستثمار (وارين بافيت) أن الاستثمار هو كالدخول في شركة مع شريك مصاب بمرض الفصام، ففي بعض الأيام يكون منتشياً ولا يرى السيئ في أي شيء فيرغب بشراء حصتي بثلاثة أضعاف قيمتها، وفي أحيان أخرى يصاب بالاكتئاب حتى يقارب الانتحار فيرغب ببيعي حصته بثلث قيمتها، وكل ما علي كمستثمر جيّد هو السماح له بذلك، فأبيع عليه إذا انتشى وأشري منه إذا اكتأب.
2. احرص على التنويع. فلو نظرنا على سبيل المثال لفترة الأربع سنوات الممتدة من يناير 2007م إلى يناير 2011م فسنجد أن أسواق الخليج بشكل عام قد حققت خسائر تبلغ في متوسطها -2.2% سنوياً، بينما الشخص الذي استثمر في محفظة متوازنة ومنوعة بين أسواق الأسهم المختلفة (الخليجية والنامية والمتطورة) والصكوك والمرابحات كان سيحقق عائداً سنوياً إيجابياً خلال الفترة ذاتها ويبلغ في متوسطه 2.3% سنوياً. ومن الجدير بالذكر أن العوائد كانت ستكون أفضل مع تحمل قدر أقل من المخاطرة نظرأ للتنويع.
3. من قبيل النقطة السابقة قد يجد البعض ملاذاً آمنا في المرابحات والصكوك والتي تعد أقل مخاطرة من الأسهم، كما قد يفضل البعض تخصيص جزء من محفظة الأسهم للذهب والذي يعد ملاذاً أساسياً في وقت الأزمات العالمية (مع العلم بأن أسعار الذهب تعتبر عالية اليوم بالنظر لمستوياتها التاريخية)، أو للبترول، خصوصاً إذا كان المستثمر يتوقع استمرار أو ازدياد الظبابية في المنطقة مما يتوقع معه ارتفاع أسعار البترول.
4. إذا كنت تخاف من استثمار أو سوق بعينه، فمن الأفضل تحديد نسبة خسارة معينة هي أقصى خسارة تتحملها، ومن ثم تخرج من السوق تلقائياً ببلوغها. وذلك أفضل من محاولة تقدير الوقت المناسب للدخول والخروج بشكل فردي وتقديري لأن ذلك يعرضك أكثر للدخول في متاهة غريزتي الجشع والخوف اللتين ذكرتهما في النقطة الأولى بعاليه.
أرجو أن يكون في هذه التوصيات بعض الفائدة لأعزائي القراء، وأتمنى لكم الثبات والنجاح في استثماراتكم وفي حياتكم.
كلام جميل ومنطقي وكأنه وصفه طبيه ناجعه لمريض...بارك الله فيك .
كلاام جميل وطيب ولكن لي ملاحظه على 4 من البند ثالثا وهي ان تحدد قدرا تخرج منه عند الخساير لان هذا الكلام يحصل في الاحوال العاديه اذا كان سهم محدد تعرض لخساير نطبق ذلك بالخروج عند وصول لخساره محدده اما اذا كان النزول للسوق ككل فننظر وقتها هل النزول مبني على تصورات صحيحه مستقبليه ينذر بكارثه اقتصاديه فهنا ايضا الكلام صحيح ولكن اذا كان السوق يبشر بسيوله قادمه والاقتصاد طيب والسبب في نزوله غير واضح المعالم ونتيجة اشاعات وتخوفات غير مبرره فهنا لا تضع حد ابدا للخساير لان الارتداد يبقى هو سيد الموقف في مثل هذه الضروف .