كيف أثر عامل الثقة في أداء البورصة؟

20/02/2011 5
بشير يوسف الكحلوت
كان أداء البورصة القطرية منذ الأسبوع الأول من ديسمبر الماضي وحتى الأسبوع الأول من شهر فبراير الحالي على أحسن ما يكون الأداء من حيث ارتفاع أحجام التداول إلى ما يقارب نصف مليار ريال يومياً أو أكثر، وارتفاع المؤشر بشكل مطرد حتى اقترب من 9300 نقطة، ووصول أسعار أسهم الشركات إلى مستويات قياسية لدى بعض الشركات. وكانت الصورة العامة تبدو مواتية للاستثمار وتشجع عليه في اقتصاد ينمو بشكل مطرد بمعدلات خيالية، وفي ظل مستقبل واعد بعد أن تحقق حُلم المونديال فبات حقيقة ترنو إليها الآمال. إلا أن أداء البورصة في الأسبوعين الأخيرين قد بدا عليه الإعياء، فتراجعت مجاميع الأداء المختلفة وفقدت بريقها المتألق، وربما كان بعض ذلك طبيعياً بعد أن تحددت الأرباح وتوزعت، فكان لا بد من التصحيح، فانخفضت الأسعار وتراجع المؤشر وتقلصت أحجام التداول في الأسبوع الأخير على الأقل. على أن هناك عوامل أخرى دخلت على الساحة أثرت بشكل سلبي على الأداء وساهمت في إضعاف النشاط في البورصة، ولم يكن ذلك بسبب التطورات السياسية المستجدة في المنطقة، التي قد يكون لها بعض التأثير الذي يصعب قياسه والتحقق منه، وإنما لعوامل داخلية متنوعة تجمعت وعملت على تشجيع كثير من المتعاملين على البيع والانتظار بدلاً من الاحتفاظ بالأسهم فكان التراجع نتيجة منطقية لتأثير تلك العوامل. ورغم تنوع تلك العوامل إلا أنها تندرج تحت عامل عدم الثقة فيما سيأتي، وهو عامل مهم وله أثره السلبي في زعزعة استقرار البورصة، ولا بد من التنبه له بشكل مبكر والتعامل معه بما يستحقه من قرارات وإجراءات. وإذا كانت دولة قطر تتمتع باستقرار سياسي واجتماعي مشهود قد لا يكون له مثيل في المنطقة ولا تشوبه شائبة، وإذا كانت أسعار النفط قد شارفت على المائة دولار لبرميل نفط الأوبك، بما يُعطي الاقتصاد القطري قوة ومنعة إضافية، فإن البورصة القطرية يجب أن تعكس هذا الاستقرار في صورة ارتفاع للمؤشر ولمعدلات التداول، لا أن يحدث العكس. فما هي العوامل التي أثرت سلباً على الأداء في الأسبوع الأخير؟ أول هذه العوامل تداعيات القرار الصادر عن المركزي بوقف عمل الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية بنهاية عام 2011، ففي حين ساهم القرار في إنعاش أسهم المصارف الإسلامية كالريان والمصرف والدولي، إلا أن أخبار الاحتجاجات على القرار وما أشيع عن احتمال إنشاء بنك إسلامي جديد قد خلق حالة من البلبلة، وأربك المتعاملين فتوقفوا عن شراء أسهم هذه البنوك، رغم أن الأنباء الواردة من المركزي ظلت تنفي احتمال إنشاء مثل هذا البنك الجديد. وثاني هذه العوامل ما أعلنه موقع البورصة عن نية وزارة الاقتصاد والمالية تملك شركة المواشي بالكامل بما يخدم تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، ثم ما تلا ذلك من إنكار رئيس مجلس إدارة الشركة تلقيه أي عرض من الوزارة بهذا الخصوص، وأن قرار البيع بيد الجمعية العمومية للشركة. وهذا التضارب في الأنباء من مصدرين موثوقين قد أدخل المتعاملين في حيرة ما بين شراء السهم وارتفاع سعره بالحد الأقصى، في اليوم الأول وما بين عودتهم إلى بيعه ومن ثم انخفاض سعره في اليوم التالي. وثالث هذه العوامل ما يتعلق بنية شركة الديار شراء 10% من أسهم مصرف الريان من السوق استكمالاً لقرارها امتلاك 20% من أسهم البنوك الوطنية ما عدا الوطني، حيث كان من المفترض أن يتم ذلك خلال الربع الأول من العام الحالي أي بما لا يتجاوز نهاية شهر مارس القادم. وفي حين تم الإعلان عن إتمام دفع الثمن للبنوك الأخرى، فإن شيئاً لم يصدر عن أسهم الريان وما إذا كانت الصفقة ستتم أو أُلغيت أو أنها قيد التنفيذ. والشفافية في مثل هذا الموضوع أمر مهم للغاية وتدعم ثقة العملاء في السوق لأنها تمكنهم من بناء قراراتهم الاستثمارية على أسس سليمة. ورابع هذه العوامل النظام الجديد للتداول في البورصة والذي يمتد من التاسعة والنصف صباحاً حتى الواحدة ظهراً ، وقد رأى فيه بعض المتعاملين في النظام –وفق تقرير للشرق- إطالة لا لزوم لها. وقد قارنت بين أداء البورصة في الأسبوع الأخير من يناير والأسبوع الماضي، فوجدت أنه رغم زيادة الوقت، وتعديل الفئات السعرية إلا أن إجمالي التداول قد انخفض بشكل ملحوظ. وقد يكون من المبكر الحكم على نتائج تعديل النظام، ولكن من المؤكد أنه لم يكن حتى الآن إيجابي، ولم يساعد لا في تفعيل التداول على الأسهم التي يقل سعرها عن 25 ريالاً للسهم-أي فئة الأسهم التي يتم التزايد على أسعارها بالدرهم- ولا في زيادة حجم تداولات الأجانب. والخلاصة: إن على الجهات المعنية مراعاة العوامل التي تؤثر في استقرار أسعار الأسهم في البورصة، باعتبار أن أداء البورصة مرآة لمدى سلامة وصحة الأداء الاقتصادي بوجه عام، وقد كان من الممكن التعامل مع القضايا المطروحة أعلاه بشكل أفضل بما يجنب البورصة ما حدث فيها من هزات، وبما ينفي تأثرها بتداعيات التطورات السياسية التي تحدث في بعض الدول العربية وخاصة في البحرين. ويظل ما كتبت أعلاه رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ،، والله جل جلاله أعلم.