كان للخبر الذي انفردت الشرق بنشره يوم الجمعة الماضي والمتعلق بتوجيهات صدرت من مصرف قطر المركزي لستة من البنوك التقليدية لتصفية فروعها الإسلامية خلال عام 2011، أثره القوي على تداولات البورصة يوم الأحد سواء من حيث إجمالي حجم التداول أو في ارتفاع مؤشر البورصة وثلاث من المؤشرات القطاعية ، أوفي ارتفاع أسعار أسهم عدد من الشركات وانخفاض أسعار أسهم البعض الآخر منها. ورغم أن التأثير الأولي للخبر كان بالضغط على المؤشر لجهة الانخفاض بسبب التراجع الكبير في سعر سهم الوطني، إلا أن توالي ارتفاعات أسعار أسهم الريان والمصرف والدولي بما يقترب من 10% إضافة إلى ارتفاع أسعار أسهم 21 شركة أخرى بنسب متفاوتة قد أثر إيجاباً على مؤشر السوق وجعله يرتفع بنسبة 1,48% وبنحو 129 نقطة إلى مستوى 8891 نقطة.
وقد لوحظ أن التأثير السلبي للقرار كان على أشده بالنسبة لسهم الوطني الذي انخفض سعره بنسبة 4,79%- مع كونه قد انخفض بأكثر من 7% في بداية التداول- بينما كان أثر القرار ضعيفاً أو غير سلبي على بنوك تقليدية أخرى كالدوحة الذي ارتفع سعر سهمه بنسبة 1,46%، والتجاري الذي انخفض سعر سهمه بنسبة 0,33% فقط. وفي المقابل فإن تأثير القرار كان إيجابياً وبنسبة 10% على سعر سهم الريان وبنسبة أقل لسعر سهم كلاً من المصرف والدولي، مع كون التداول على الريان والدولي قد انتهى إلى حالة اللمت أب بعرض صفري عند الإقفال. هذه المعطيات تحتاج إلى تفسير خاصة وأن إجمالي التداول على أسهم المصرف والدولي والوطني والريان قد بلغ نحو631 مليون ريال أو ما يعادل 66,5% من إجمالي التداولات خلال اليوم البالغة 949 مليون ريال.
ولكي نفهم أسباب هذه التحركات المشار إليها نشير بداية إلى أن بنك قطر الوطني هو أكبر المتضررين من قرار المصرف المركزي بإلغاء الفروع الإسلامية للبنوك التقليدية، باعتبار أن لديه أكبر محفظة تمويلات إسلامية بين تلك الفروع، ولديه أكبر محفظة ودائع للاستثمار المطلق، وهو بالتالي قد حقق أكبر عائد من نشاط الصيرفة الإسلامية في تلك الفروع. ومن شأن تصفية هذه الودائع والتمويلات في موعد أقصاه نهاية عام 2011 أن يخسر الوطني الأرباح التي حققها في عام 2010 والتي يقال إنها تجاوزت المليار ريال، وأنه سيخسر محفظته التمويلية التي تضاعفت في عام 2010 إلى 35 مليار ريال مقارنة بـ 18,6 مليار مع نهاية عام 2009. صحيح أن وضع الوطني قوي جداً بأرباحه التي بلغت نحو 4,7 مليار ريال- بدون المحفظة الإسلامية- وصحيح أنه سيكون في وضع آمن من المخاطر التي قد تأتيه من المحفظة الإسلامية، إلا أن من المؤكد أن أرباح الوطني في عام 2011 ستكون اقل منها في العام السابق وهو ما انعكس سلباً على سعر سهمه في البورصة.
ولو نظرنا إلى وضع الصيرفة الإسلامية لدى الدوحة والتجاري فسنجد أنها ليست بذلك الحجم كما في الوطني فصافي إيراد التمويل الإسلامي لدى بنك الدوحة قد بلغ 153,8 مليون ريال في عام 2010 مقارنة بـ 154,3 مليون ريال في عام 2009، ومجمل التمويلات الإسلامية قد ارتفع بالكاد في عام 2010 إلى 3,4 مليار مقارنة ب 3 مليار في عام 2009، وأن هذه التمويلات كانت تشكل ما بين 11,6-12,6% من مجمل محفظة القروض والتمويلات لدى بنك الدوحة. كما يلاحظ أن ودائع الاستثمار المطلق في عام 2010 قد ارتفعت هامشياً عن عام 2009 ووصلت إلى 1,88 مليار ريال فقط أو ما يعادل 6,5% من مجمل ودائع العملاء. أما في التجاري فإسهام الصيرفة الإسلامية في أرباح البنك كانت محدودة؛ حيث بلغ صافي إيرادات النشاط في عام 2010 نحو 82,5 مليون ريال فقط مقارنة بـ 76,7 مليون ريال في عام 2009. وفي حين أن مجموع التمويلات الإسلامية للتجاري قد بلغت 2,64 مليار في عام 2010 فإنها شكلت ما نسبته 8,5% من إجمالي قروض التجاري وتمويلاته. والأمر لا يختلف كثيراُ لجهة ودائع الاستثمار المطلق التي بلغت 3,4 مليار ريال مقارنة بـ 2,3 مليار في عام 2009. وإذن فوضع الصيرفة الإسلامية في بنكي الدوحة والتجاري محدود، وغير نامي كما هو الحال في الوطني، من هنا جاء تأثر سهمي البنكين من القرار محدود أو غير موجود. ولا يختلف الأمر في حالة النشاط الإسلامي للبنك الأهلي أو الخليجي بل هو أقل.
ولكن تظل هناك ملاحظة جديرة بالاهتمام وهي أن النمو في الصيرفة الإسلامية للوطني عائد بدرجة كبيرة لنمو الودائع الحكومية وودائع المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية لدى الوطني إضافة إلى نمو التمويلات المقدمة للحكومة ومؤسساتها من 5,1 مليار ريال عام 2009 إلى 16,5 مليار في عام 2010. ومؤدى هذه الملاحظة أن هذه الجهات الحكومية ربما ستنقل ودائعها ومحافظها التمويلية في الغالب إلى مصرف الريان بالدرجة الأولى باعتباره مملوكاً للديار الحكومية. وذلك يعني أن مصرف الريان سيكون أكبر المستفيدين من القرار، ومن ثم سينعكس ذلك إيجاباً على سعر مصرف الريان الذي قد يواصل ارتفاعه في الأيام القادمة . ويظل ما أقول رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ والله أعلم.