لماذا وكيف نتأثر اقتصاديا بأحداث مصر الراهنة؟

31/01/2011 8
حسان بن عبدالله علوش

يتسائل البعض خارج مصر خصوصا من جيرانها: ما سبب تأثرنا بالأزمة المصرية من ناحية اقتصادية؟

إن أي تأثير نراه جراء عدم الاستقرار في هذا البلد يكون أكبر من تأثيرات أخرى نتيجة عدم استقرار بلدان أخرى، ذلك لأن مصر ذات أهمية جغرافية (وسط منطقة MENA - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وديموغرافية واقتصادية كبيرة.

واستقرار أسواق المال وتدفق الاستثمارات في ولأي بلد مرهون بالاستقرار السياسي والأمني بشكل كبير، ويخشى بعض المستثمرين -على الأقل- قدوم نظام جديد قد يغير في أنظمة الاستثمار والاقتصاد بشكل يؤثر سلبا عليهم، لذلك فإن هروب الأموال الساخنة وجمود تدفق الاستثمارات الأجنبية على المدى القصير على الأقل، وتهاوي البورصة كما حدث، نتيجة طبيعية للاضطرابات.

ولأن أي عملة مرهونة بقوة البلد وسياسته واحتياطياته وقوة اقتصاده فقد رأينا التأثير السلبي على العملة المصرية، وارتفاع الملاذات الآمنة وهي حاليا الذهب والدولار والفرنك السويسري.

قناة السويس هي محور اهتمام اقتصادي وسياسي عالمي كبير، ورغم أن الحركة الملاحية فيها لم يطالها أي تغير حسب الحكومة المصرية، فإن خوف أسواق السلع والنقل البحري كان واضحا من أن يتأثر الإمداد عبر هذه القناة الهامة التي تختصر آلاف الكيلومترات في رحلة العبور من الخليج العربي وآسيا عموما نحو أوروبا والغرب، حيث تمر عبرها ناقلات نفط وسفن شحن يوميا، وتقارب ايراداتها السنوية 5 مليارات دولار، ومن شأن اضطرابها تحويل الحركة عنها أو رفع أسعار التأمين على النقل عبرها.

هنا لا بد من ذكر القطاع السياحي، فالسياحة  تشكل عُشر الناتج المحلي في مصر تقريبا، ولا شك أن بلدا مثل مصر يملك النيل والآثار والمناخ المعتدل نسبيا سيكون محط اهتمام سياحي عالمي، ولا شك أن السياح لن يخاطروا بالتوجه إلى مصر طالما نقلت لنا الفضائيات أعمال الاحتجاج والشغب والعنف والمدرعات .. وجمود التجارة والنقل والخدمات، وهنا لن تتأثر سياحة مصر فحسب بل شركات الطيران التي تنقل إليها والفنادق المملوكة للمصريين ولغيرهم أيضا، وعلى سبيل المثال الخطوط السعودية والإماراتية وغيرهما تنقل ركابا إلى مصر، والعربية للطيران تملك العربية – مصر بمركز طيران بالاسكندرية، وإعمار تملك فندقا ومشروعا في مصر،،، وهكذا.

كما يؤثر تراجع مستوى الأمن المعهود على قطاعات اقتصادية عدة، ورأينا كيف ظهرت عدة مراكز ومحلات منهوبة في القاهرة وغيرها، كما رأينا صرافات البنوك مكسرة ومفرغة من محتوياتها الثمينة، وهنا لا يتم التفريق بين استثمارات وبنوك مصرية أو أجنبية غير مصرية.

وتراجع الحركة التجارية والمطارات والنقل، لا يؤثر على المسوقين والمنتجين والمصدرين المصريين فحسب بل على المصدرين إلى مصر في الخارج، وهنا يتضح سبب تراجع أسهم بعض الشركات خارج مصر والتي تنشط في مصر إنتاجا أو تسويقا.

وإجمالا فإن توتر الأمن وما تبعه من إجراءات، وأعمال التخريب أو السرقة تطال عدة قطاعات اقتصادية وبدورها تنتقل آثار هذه الأعمال إلى مستثمرين خارجيين إذا كان لديهم استثمارات في مصر بأي قطاع طاله أي شيء مما ذكر، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، أوقفت الحكومة المصرية شكبة الهاتف الجوال في المدن الكبرى، واتصالات الإماراتية لديها شركة اتصالات مصر التي تقدم هذه الخدمة، واضطرت إلى إيقاف جزء كبير من خدماتها في سوق يبلغ تعداده 80 مليون نسمة.

لا بد من الإشارة إلى أن رؤية العديد للمستثمرين الأجانب والعرب تأتي من زاوية مجيء أحداث مصر بعد أحداث تونس، مما يشكل حالة ترقب وحذر ولو لفترة بعد ذلك، مع أن الجميع يعلم فارق الثقل والأهمية بين مصر وتونس، ولهذا ارتفعت كلفة التأمين على ديون الشرق الأوسط، نتيجة مخاوف عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، واقتصار هذه الحالة على بضعة أيام فقط دون أن تستمر هو المؤمل لدى الكثير من المستثمرين، لكنه وإن حصل ذلك فإن الترقب الحذر لفترة من الزمن سيكون سيد الموقف بعدها.