إن البيئة القانونية التي كانت تمنع فيما سبق مؤسسات التمويل الأصغر من تقديم الإدخار كخدمة مكملة لدائرة خدمات التمويل الأصغر ما زالت لا تعي بأهمية دور الإدخار للفئات الأكثر إحتياجا، إن من سن القوانين بالأمس هم من جعلوا مؤسسات التمويل الأصغر تعتمد كل الإعتماد في تأمين مصادرها التمويليه علي المنح من الجهات الخارجية أو اللجوء إلي الإستدانة من القطاع المصرفي و هم سبب في عدم تقديم تلك المؤسسات لركن هام جدا في الصناعة.
و تتضح أهمية الإدخار للعميل حيث يعتبر الإدخار خطوة هامة لتحسين الوضع الإقتصادي والمعيشي للعميل فالإدخار هو الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها الفقراء لمواجهة الأحداث الكبيرة في حياتهم مثل الزواج أو الوفاة و نادرا ما تتوفر تلك الخدمه في القطاع المالي الرسمي ، أما بالنسبة للمؤسسة فمن الأفضل قيام مؤسسات التمويل الأصغر بتوفير مصادرها التمويلية التي تستخدمها في برامجها الإقراضية من نشاطها الإدخاري خير لها من الإعتماد علي المنح أو الديون حيث يعتبر الإدخار من المصادر التمويليه منخفضة التكاليف و يوجد في الوطن العربي مثال ناجح للإدخار الأصغر هو مثال بنك الأمل في اليمن حيث تم تنفيذ الخطة الإستراتيجية للإدخار للبنك في يناير 2009 وحتى منتصف مارس 2010 استطاع البنك أن يصل إلى أكثر من 7150 حاسب ادخار بإجمالي مبلغ يفوق 200 ألف دولار أمريكي وهو ما يعادل 20% من المحفظة القائمة للبنك في نفس الفترة وبمتوسط رصيد لحساب الادخار لا يتجاوز 35 دولار امريكي وهو متوسط متدني جيدا إذا ما قورن بكلفة حساب فتح الادخار التي يتحملها البنك والمقدرة في نهاية العام 2009 بأكثر من 10 دولارات امريكي للحساب الواحد.
و لقد نص مسودة مشروع القواعد العامة لشركات التمويل متناهي الصغر التي قامت بإعدادها الهيئه العامة للرقابة المالية في نوفمبر 2010 و كان من المقصود منها هو تنظيم عمل الشركات التي تعمل في مجال التمويل الأصغر في مصر في مادتها الثالثة و التي تتعلق بالخدمات المالية و الأنشطه الغير مسموح بها أنه غير مسموح لشركات التمويل الأصغر من تلقي الودائع من أي نوع ، إن من وضع تلك الماده أعتقد أنهم غير ممارسين للصناعة و غير محتكين بالفئات التي نقوم نحن ممارسي الصناعة بخدمتهم و معرفة ما يريدون ، فليس نحن في مصر من ابتكر تلك الصناعة إنها صناعة عالمية يعترف من يمارسها بأهمية وجود خدمة الإدخار الأصغر بجانب الخدمات الأخري مثل الاقراض الأصغر و التأمين الأصغر.
و لا أعرف سبب لمنع مؤسسات التمويل الأصغر من تلقي إدخار الفقراء حيث أن المؤسسات العالمية للتمويل الأصغر تقوم بمزاولة نشاط الإدخار دون ريب فيها ففي بنك جرامين يقومون بمزاولة نشاط الإدخار بأشكال متعدده مثال صندوق إدخار المجموعة الواحدة حيث يستطيع أي عضو الإقتراض من هذا الصندوق وقت الحاجه شرط موافقة أعضاء المجموعه و أيضا صندوق الطوارئ يتكفل بتأمين الحالات المتخلفه عن السداد و أيضا صندوق المدخرات الخاصة و يتكون من مساهمات الأعضاء و يوجد أنواع أخري من الصناديق الإدخارية لتوفير مزيد من التشجيع علي التوفير و الإدخار و حسب ما جاء من بيان رقم واحد العدد رقم 372 بتاريخ 9 يناير 2011 من بنك جرامين فإن قيمه محفظه الإدخار النشطه لدي البنك في تاريخ 31 ديسمبر 2010 هي 1821 مليون دولار امريكي.
و اعتقد أنه علي من سن تلك المادة من مسودة مشروع القواعد العامة لشركات التمويل متناهي الصغر التفكير مرة أخري في نصها و صياغتها بما يناسب إحتياجات الصناعة و الإستعانة بمن هم أقطاب الصناعة لتحديد ما يفيد و ما يضر ، إننا جميعا هدفنا هو خدمة تلك الصناعة و العمل علي إنجاحها و لكي نصل إلي أعلي نتائج مرجوه يجب أن يعمل كل متخصص منا في تخصصة فيزرع الزارع و يصنع الصانع و يرعى الراعي و يسن قوانين التمويل الأصغر أقطابها.