الإفصاح والشفافية في الميزان

11/01/2011 1
محمد العنقري

المعلومة هي ضالة المتعامل بأسواق المال وبدونها لا يمكن الوصول إلى قرار استثماري صحيح ومر السوق المالي بالعديد من الظروف والتطورات التي استهدفت رفع مستوى الشفافية والإفصاح فيه وأظهرت تحسنًا ملحوظًا بهذا الجانب المهم. إلا أن الكثير من التحركات السعرية بالسوق مازالت تظهر أن هناك عودة إلى المربع الأول لمستوى المعلومات التي تقدم للسوق فقد ارتفعت أسعار بعض الشركات خلال الأسابيع الماضية بشكل كبير جدًا في سهم شركة الأنابيب العربية حقق أكثر من 50% خلال ثلاثة أسابيع ليظهر بعدها خبران عن جملة من العقود فازت بها الشركة وكذلك الحال بالنسبة لشركة الأنابيب السعودية، وهذا يعني أن هناك من كان يعلم بهذه التطورات واستفاد من المعلومة قبل غيره وعندما أعلنت تلك الأخبار كان السهمان قد حققا هدفين سعرين كبيرين وتوقفا عن الارتفاع على الأقل بالمرحلة الحالية. ولم نسمع أي إجراء أو أي قرار اتخذ من قبل هيئة السوق للوقوف على حقيقة هل تم تسريب مثل هذه الأخبار لبعض المتداولين دون غيرهم فالتحركات بالأسعار التي يعقبها صدور معلومات مهمة عن تطورات بأعمال الشركات لا بد أن تثير الشك بأن هناك من استفاد من تلك المعلومات قبل غيره.

وإذا كان الحديث عن معلومات قد يكون استفاد منها القلة بشركتين لفتتا بحركتيهما الكبيرتين الأنظار فإن هناك شركات مازالت ترتفع دون معرفة الأسباب إلى الآن. لكن الشفافية والإفصاح لا تقف عند حدود معينة فالقوائم المالية للشركات مازالت بحاجة كبيرة للمزيد من الإفصاح فالشركات التي تتعدد قطاعاتها وصناعاتها وقف الإفصاح لديها عند حدود تحديد إيراداتها القطاعية وهذا لا يكفي فمازال أمام المتداول الكثير من الغموض فلا بد من تفنيد ليس فقط القطاع بل كل صناعة تقوم عليها الشركة ففي حالة الشركات البتروكيماوية هناك عشرات المنتجات ومن المهم معرفة أثر كل منتج بإيرادات ونشاطات الشركة لأن من شأنه معرفة أحوال الأسواق عالميًا والاستثمار بشركات تتخصص بمنتج قد يكون هو الأبرز بين جميع منتجات الشركات الكبرى وينطبق الأمر على كافة القطاعات والشركات الكبيرة بالسوق أو المتعددة النشاطات.

أما من الجوانب الأخرى التي لا بد للجهات المسئولة عن المحاسبة والمراجعة تطوير آلية مراقبتها والتدقيق بها فتبرز بعض المعلومات بقوائم الشركات كتلك التي تتحدث عن تخصيص مبالغ لمشاريع تحت التنفيذ وتستمر سنوات طويلة وهذه المبالغ مرصودة لها دون أن يكون هناك أي توضيح عن ماهية هذه المشاريع وإلى أين وصل الحال بها ويفاجأ المتداولون بعد سنوات بأن تلك المشاريع انتهت وتم الاستغناء عنها أو توقفيها أو انتهاء العمل بها وبالتالي يكون هناك تضليل إن صح التعبير للسوق والمتداولين بقوائم الشركات وتطورات نشاطاتها ومن هنا تبرز الحاجة لوضع آليات معينة تبرز هذه المعلومات بشكل صحيح وتبقيها تحت الرقابة حتى لا يطول بها الزمن وهي تكرر بنفس التعابير التي تضع المتعاملين بحيرة مستمرة حول واقع شركاتهم.

إن الإفصاح والشفافية بالأسواق لم تصلا إلى الكمال بيوم من الأيام لكن بالتأكيد قطعت أشواطًا طويلة بها عالميًا ولا بد من تجاوز بعض المراحل المتأخرة لدينا وعدم العودة للخلف كما يحدث ببعض الحالات في وقتنا الحاضر.