أطل علينا بالأمس عام جديد، هو الأول في سلسلة سنوات العقد الجديد الذي تتطلع فيه الأمة إلى مستقبل مشرق وواعد. وقد كان من حُسن الطالع أن تجمعت لدى قطر في السنوات الأخيرة من العقد الماضي بشائر خير كثيرة على مختلف الأصعدة بما يرفع قطر في التصنيف الدولي من مجموعة الدول النامية إلى مصاف الدول المتقدمة. ولم يكن ذلك النجاح بالأمر الهين أو السهل وإنما عملت على إنجازه عقول فذة وسواعد شابة ومخلصة، آمنت بحتمية النجاح وعملت على تحقيقه بكل ما توافر لديها من مقومات فكان لها ما أرادت.
كان النجاح في البداية في تنفيذ أضخم مشروع في العالم لاستغلال حقل الشمال للغاز عن طريق الإنتاج والإسالة والتصدير في سلسلة من المجمعات التي بلغت طاقاتها الإنتاجية مجتمعة 77 مليون طن من الغاز المسال سنوياً. وبمثل هذا المستوى المرتفع تبوأت قطر المركز الأول عالمياً في هذا المجال متقدمة على إندونيسيا والجزائر وماليزيا وبروناي. وبهذا المستوى من الإنتاج تمكنت قطر من تحقيق أعلى معدلات للنمو الاقتصادي الحقيقي، حتى في سنوات الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي، وبه أصبحت قطر من بين الدول التي لديها أعلى متوسط دخل فردي في العالم، إذ تضعه التقديرات في حدود 69 ألف دولار أمريكي لعام 2010. وبهذا المستوى من الصادرات باتت حصة الحكومة من الصادرات تزيد عن إيراداتها من النفط الخام، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن إيرادات الحكومة من الغاز لا تقتصر فقط على حصتها من مبيعات سوائل الغاز LNG بل تتعداه إلى حصتها من مبيعات الوقود السائل GTL، ومن مبيعات سوائل الغاز والمكثفات NGL ، ومن مبيعات الغاز عبر الأنابيب إلى الإمارات العربية المتحدة عبر مشروع الدولفين.
والنجاح في استغلال غاز الشمال لم يقتصر على تصدير الغاز في الصور المشار إليها بل تعداه إلى استخدامه في الصناعة وتوليد الكهرباء بشكل مكثف بحيث بات لدى قطر مجمعات ضخمة للأسمدة الكيماوية ولعدة أنواع من البتروكيماويات في مقدمتها الإيثلين والبولي إيثيلين المنخفض والمرتفع الكثافة، والميثانول والبروبلين، وغيرها. وهذه المجمعات الضخمة ساهمت في زيادة الدخل القومي من ناحية ووفرت فرص عمل متنوعة للشباب.
وقبل عدة سنوات بدا واضحاً للقيادة الحكيمة، أن مشروعات استغلال الغاز التي استحوذت على اهتمام المخطط القطري على مدى ربع قرن من الزمان قد أوشكت على الانتهاء، وأنه بات لزاماً بعد النجاح في تنويع مصادر الدخل أن ينتقل الاهتمام إلى البحث عن مجالات جديدة تحقق ما يُعرف بالتنمية المستدامة، فكان الاهتمام بمشروعات تطوير التعليم، والتعليم الجامعي والصحة. وقد حققت قطر في ذلك تقدماً كبيراً بقدر ما بات لديها اليوم من جامعات متنوعة، ومن مستشفيات ومراكز صحية بطول البلاد وعرضها.
على أن الاهتمام بالمستقبل الواعد لم يتوقف عند هذه المنجزات على كثرتها وعظمتها، وإنما تعدى ذلك إلى الاهتمام بترتيب قطر بين الدول في مجالات التنافسية والتنمية البشرية، وكان أن استطاعت قطر بدعم وتوجيه خاص من سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند من الارتقاء بقطر إلى المراكز الأولى في منطقة الشرق الأوسط وفي مواقع متقدمة بين دول العالم.
وقد أسعدني أخيراً ذلك الخطاب المرتجل الذي ألقاه حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى في اجتماعه في الأسبوع الماضي مع القادة النمساويين في فيينا عندما قال إن بلاده التي تنفق على البحث العلمي ما لا يقل عن 2.8% من ناتجها المحلي الإجمالي تتطلع إلى بناء علاقات شراكة مع النمسا في مجالات الصناعة التكنولوجية وأنهما بإمكانيات قطر المادية الضخمة، وبخبرات النمسا المتقدمة يمكنهما تحقيق انجازات صناعية كبيرة.
وإذاً فقطر التي أبدت في السنوات الأخيرة اهتماماً كبيراً بموضوع البحث العلمي باتت تعمل اليوم بشكل جاد من أجل أن يكون لها موطئ قدم راسخة في هذا المجال، وإذا نجحت فيه كما نجحت في مشروعاتها الصناعية، فإنها ستدخل عالم الدول المتقدمة من أوسع أبوابه ألا وهو باب العلم والتكنولوجيا الذي لا يفرق بين صغير وكبير في عطاياه، فهو يعطي الجميع ثمار جدهم واجتهادهم،،،، وذلك يرسم بشائر خير للمستقبل،،، وكل عام وأنتم وقطر العزيزة بألف خير.
الخير كثير في قطر والخليج بشكل عام .. وذلك بفضل الله ومنته علينا !!! ومتى ما إنحسر الفساد ؟! سينعم الجميع بالخير والسعادة .. لأ نه كما قال الإمام علي (كرٌم الله وجهه) : ما جاع فقير إلاٌ بما مُتع به غني ، وما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضٌيع) !!!!!!!