يعتبر التلفزيون وسيلة التسلية والترفيه الأكثر شعبية في العصر الراهن، فمشاهدي التلفزيون بالمليارات حول العالم ، ومعظم هذه المليارات تشاهد التلفزيون للمتعة والترفيه – موسيقى ، دراما ، مسابقات - عن نفسها بالمقام الأول وقلة منهم يشاهدونه لاهتمامات خاصة متصلة بالدين أو الجنس أو الأخبار على أنواعها ، وحفنة قليلة جدا تعتبره نافذة للثقافة والأدب والفنون والبيئة، وبناء على ذلك نجد أن معظم التلفزيونات الرابحة على أساس تجاري هي تلفزيونات الترفيه .
نحن العرب كغيرنا من الأمم ينصب اهتمامنا على مشاهدة التلفزيونات الترفيهية ، وأكثر التلفزيونات اهتماما بالترفيه هي التلفزيونات اللبنانية أو التلفزيونات المدارة سرا أو علنا من أشخاص أو أفكار أو عقول لبنانية ، فهم أي اللبنانيون الأقدر في هذا المجال والأدلة على ذلك كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر "أستوديو الفن " ،" سوبر ستار" ، "ستار أكاديمي "، "من سيربح المليون " وجميع هذه البرامج حظيت بمستويات مشاهدة غير مسبوقة ودرت على منتجيها مالا وفيرا.
إن ما يهم المعلن في التلفزيون هو نسبة المشاهدة ، وبما أن برامج الترفيه هي الأكثر مشاهدة إذن فالمعلنون يتسابقون للإعلان في هذه البرامج التي غالبا ما تقدم فيما يعرف بالـ " برايم تايم " أو الوقت الأفضل للمشاهدة وهو وقت السهرة الممتد من الساعة الثامنة مساءا وحتى منتصف الليل وأفضلها على الإطلاق هو الساعة العاشرة مساءا ومعظم برامج الترفيه الكبيرة تبدأ بهذا الوقت جذبا للمعلنين.
مما لا شك فيه أن المعلن سواء أكان راعيا رئيسيا أو فرعيا أو معلنا بالقطعة هو مصدر التمويل الأول والأساسي لأي تلفزيون قائم على أساس تجاري يهمه الربح والخسارة – التلفزيونات الحكومية أو من في حكمها خارج هذا التصنيف في معظم الأحيان – ولذلك هو محل اهتمام التلفزيون بل ومن أجل "المعلن" تدار الحروب والمعارك خلف الكواليس إذ لا غنى لأي تلفزيون عن هذا المعلن للاستمرار ، وإذا عرفنا أن عدد التلفزيونات العربية حاليا نحو 700 تلفزيون فإننا بلا شك سنكتشف حجم المنافسة الهائل في سوق إعلاني عربي ما زال صغير لا تتجاوز قيمته الكلية 5 مليارات دولار .
من المؤكد أن الأزمة المالية العالمية أرخت بظلالها الثقيلة على سوق الإعلان العربي الأمر الذي انعكس سلبا على موارد الكثير من التلفزيونات العربية الحكومية والخاصة وتحت وطأة النفقات والخسائر فإن الكثير من التلفزيونات تقف عاجزة هذه الأيام أمام ترقيات موظفيها حتى لو كانت هذه الترقيات مستحقة بل وقد لجأ العديد من التلفزيونات إلى "التفنيش" العلني أو السري من خلال تحميل كوادرها أعباء إضافية لوضعها تحت ضغط لا يطاق بهدف دفعها للاستقالة والتخلص منها دون الإضرار بسمعتها ، والدليل على "التفنيش السري " أن معظم التلفزيونات حاليا لا توظف بديلا لمن يستقيل . طبعا هذا وجه واحد من وجوه الأزمة التي تعاني منها التلفزيونات العربية في المرحلة الراهنة، أما الوجه الآخر من آثار هذه الأزمة هو ما نراه في بعض التلفزيونات التي تتسابق وتتنافس بشدة في عرض برامج ترفيهية تتجاوز كل الأعراف الأخلاقية والاجتماعية – برامج النكات الشعبية الجنسية – والهدف جذب المعلن والحصول على المال في زمن شح فيه مال الإعلان.
قد يكون للأزمة الاقتصادية العالمية وجوه بشعة جدا لكن ذلك لا يعني أن تتخلى التلفزيونات عن دورها الأخلاقي والاجتماعي والإنساني مقابل حفنة من الدولار، وأي تلفزيون –شركة تجارية - لا يستطيع الاستمرار في ظل الظروف الراهنة عليه أن يعلن إفلاسه ويغلق أبوابه – كما فعلت شركات كثيرة في المنطقة والعالم - بدل أن يتحول إلى "دكان" لبيع بضاعة سخيفة وتافهة، وإذا كان هذا التلفزيون أو ذاك مصرا على البقاء فليبحث عن وسائل وأساليب محاسبية أو مالية أو تجارية تكفيه شر الأزمة وتوفر له الدخل الكافي للاستمرار ولو بالحد الأدنى وهذا هو منطق الربح والخسارة في عالم التجارة .
الراسمالية لا يوجد فيها ضابط اخلاقي ... لذلك لا تتوقع من القنوات التجارية التي تبحث عن الربح باي وسيله ان يكون لها ضابط اخلاقي او هدف يفيد الشعوب العربية والاسلامية .....
شكرا على المقال استاذ محمد .... من الواضح ان هناك علاقة طردية بين مستوى التعليم ومستوى القنوات الفضائية