سجلت الميزانية العامة للمملكة والتي تم الإعلان عنها يوم أمس فائضاً فعلياً في ميزانية عام 2010 بلغ نحو 108.5 مليار ريال، وذلك مقارنة بالتقديرات التي كانت تتوقع تسجيل عجز في الميزانية بـ 70 مليار ريال، حيث بلغت الإيرادات 735 مليار ريال والمصروفات 626.5 مليار ريال، وزادت الإيرادات بـ 265 مليار ريال عن المخطط أصلاً، كما زادت المصروفات الفعلية على المخطط لها بـ 86.5 مليار ريال، والذي عزاه بيان وزارة المالية إلى مصاريف الشهر الثالث عشر (المحرم)، وإلى ما استجد من مصروفات تنفيذ مشاريع للحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة ونفقات عسكرية وأمنية وأخرى. إذن، وكما كان متوقعاً، فإن ارتفاع العوائد النفطية مدفوعة بارتفاع أسعار النفط أسهمت في زيادة الإيرادات العامة عن التقديرية، وهو أمر يدل على نهج التحفظ وتوقع أسوأ السيناريوهات عند رسم تقديرات الميزانية السنوية لعام 2010، وهو النهج المتحفظ المتوقع في تقديرات عوائد ميزانية 2011 أيضاً، خصوصاً أن أسعار النفط تعتبر متغيرا خارجيا من الصعب التحكم فيه، ويعتمد على تفاعلات قوى العرض والطلب في السوق النفطية. أما في الجانب الآخر من المعادلة وهو جانب الإنفاق فإن الإنفاق الفعلي بلغ نحو 626.5 مليار ريال مقارنة بإنفاق تقديري لعام 2010 بلغ نحو 540 مليار ريال أي بارتفاع في الإنفاق الفعلي عن المقدر بلغ نحو 86.5 مليار ريال. هذا الإنفاق الذي ارتفع بأكثر من المقدر له ولكن بدرجة أقل من تجاوز الإيرادات الفعلية للمقدرة يدل على أن السياسة المالية تمتعت خلال العام الماضي بمرونة عالية استمدتها من ارتفاع الإيرادات الفعلية خلال العام، والتي سمحت بالتوسع في الإنفاق على أوجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما يدل ارتفاع الإنفاق الحكومي وتجاوزه التقديرات على استمرار التزام السياسة المالية بالخطوات التحفيزية، التي تهدف إلى دفع النمو الاقتصادي جراء تبعات الأزمة المالية العالمية والانكماش الائتماني.
وبالنسبة للدين العام، فقد انخفض في عام 2010 بنحو 58 مليار ريال ليصل إلى نحو 167 مليار ريال مقارنة بنحو 225 مليار ريال ويشكل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنحو 16 في المائة من الناتج عام 2009. فتوقعات الناتج المحلي الإجمالي تشير إلى بلوغه نحو 1.630 مليار ريال عام 2010 مقارنة بنحو 1.384 مليار ريال في العام الذي سبقه مدفوعاً في المقام الأول بارتفاع الإيرادات النفطية بنحو 25 في المائة.
وبتناول تقديرات عام 2011، فإن الإيرادات المتوقعة تبلغ نحو 540 مليار ريال بينما تم تقدير الإنفاق بنحو 580 مليار ريال، أي بعجز متوقع في ميزانية العام المقبل يبلغ نحو 40 مليار ريال. هذه التقديرات للعام المقبل تعتبر محافظة وتستند إلى مرونة وسرعة تجاوب السياسة المالية للتغيرات المتوقعة في الإيرادات، خصوصاً مع التحوط في تقديرات الإيرادات مقارنة بتقديرات الإنفاق. كما أن مجالات إنفاق تقديرات الميزانية السنوية استمرت في منح أولوية الإنفاق إلى قطاعي التعليم والتدريب والخدمات الصحية، حيث بلغت مخصصات التعليم والتدريب نحو 150 مليار ريال مقارنة بنحو 137.6 مليار ريال كمخصصات للعام السابق وبمخصصات للقطاع الصحي بلغت نحو 68.7 مليار ريال في العام المقبل مقارنة بنحو 61.2 مليار ريال كمخصصات في ميزانية العام الحالي 2010.
ختاماً، وبنظرة كلية إلى تقديرات الميزانية السنوية للعام المقبل والأعوام الخمسة الماضية، فإن أهم ما يميزها هو التحفظ في التقديرات والمرونة في الإنفاق، بعد أن تتضح صورة المالية العامة خلال العام، وتراجع حالة عدم التأكد بشأن توقعات أسعار النفط وعوائده.