جاء أداء البورصة يوم أمس انعكاساً طبيعياً لحالة النشوة التي سادت قطر منذ يوم الخميس الماضي عقب الإعلان بفوز قطر بقرعة تنظيم المونديال عام 2022. ولأن أغلب المتعاملين قد راهنوا على ارتفاع الأسعار منذ اللحظات الأولى للتداول، لذا جاء ارتفاع المؤشر قوياً بل صاروخياً إذ وصل في اللحظات الأولى إلى نحو 800 نقطة مع تذبذبه بشدة في حدود 250 نقطة نتيجة عمليات جني الأرباح. وتشير الأرقام التفصيلية بهذا الخصوص إلى أن القطريين اشتروا بالأمس بما قيمته 384.4 مليون ريال، ولكنهم سارعوا إلى البيع بما قيمته 547.8 مليون ريال، واشترت المحافظ القطرية بما قيمته 231.7 مليون ريال، ثم باعت بقيمة 337.5 مليون ريال، واشترى غير القطريين بما قيمته 155 مليون ريال، ولكنهم باعوا بما قيمته 167.7 مليون ريال. ومن جانبها اشترت المحافظ الأجنبية بقيمة 462.9 مليون ريال ثم باعت بما قيمته 181 مليون ريال. أي أن المنهج العام في التداول بالأمس ظل كما هو حيث باعت جميع الفئات صافي –أي بأكثر مما تشتري- باستثناء المحافظ الأجنبية التي اشترت صافي بما يعادل كل المبيعات الصافية للفئات الأخرى أو نحو 281.9 مليون ريال. هذه العودة السريعة لنمط البيع لجني الأرباح عند المستويات المرتفعة للأسعار هي التي جعلت المؤشر ينخفض بالتدريج مقلصاً ارتفاعه الكبير، وليصل عند الإقفال إلى مستوى 8477.32 نقطة بزيادة 292.4 نقطة وبنسبة 3.57% فقط عن إقفال الأسبوع السابق.
ولقد أسفرت تداولات اليوم عن أكبر حجم أداء تعرفه البورصة القطرية ليوم واحد في تاريخها إذ لم تعرف هذا المستوى –أو قريباً منه-إلا في أيام محدودة كاليوم الأول لطرح ناقلات في البورصة، ووصل الإجمالي بالأمس إلى 1234 مليون ريال، وهو ما يزيد قليلاً عن تداولات الأسبوع الماضي في أيامه الخمسة مجتمعة. وقد توزعت صفقات الشراء بالتساوي ما بين القطريين والمحافظ القطرية من جهة وغير القطريين والمحافظ الأجنبية من جهة أخرى بواقع 617 مليون ريال لكل طرف. أما صفقات البيع فكانت الغلبة فيها للقطريين الذين باعوا بما مجموعه 885.3 مليون ريال مقابل 348.7 مليون ريال لغير القطريين.
وإذا كان المؤشر العام قد ارتفع بنسبة 3.57%، فإن المؤشرات القطاعية قد ارتفعت جميعها وإن بنسب مختلفة؛ حيث ارتفع مؤشر قطاع الصناعة بنسبة 4.39%، ومؤشر قطاع البنوك بنسبة 3.63%، ومؤشر قطاع الخدمات بنسبة 3.28%، ثم مؤشر قطاع التأمين بنسبة 1.75%. وكان الارتفاع هو السمة الغالبة على شاشة التداول ليوم أمس إذ ارتفعت أسعار أسهم 35 شركة مقابل انخفاض أسعار أسهم خمس شركات فقط وعدم تغير أسعار أسهم شركتين. وكان الشركات القيادية من بين أكثر الشركات ارتفاعاً في الأسعار وهي على الترتيب الإسمنت بنسبة 8.47%، ثم بروة بنسبة 6.19%، فالملاحة بنسبة 5.55%، فالوطني بنسبة 4.5%، فالمتحدة بنسبة 4.28%، فصناعات بنسبة 4.25%، فالكهرباء بنسبة 4.17%. وفي المقابل انخفضت أسعار أسهم خمس شركات فقط هي العامة للتأمين بنسبة 10%، ومجمع المناعي بنسبة 2.03%، ثم الأهلي بنسبة 1.53%، فالسينما بنسبة 1.64% فسهم الطبية بنسبة 0.53%. ويلاحظ أن ارتفاع أسهم الشركات القيادية كان منطقياً باعتبار أن تلك الشركات ستكون من أكبر المستفيدين من مشروعات المونديال.
ويتأكد هذا المعنى من خلال تعقب أعلى الشركات في قائمة التداولات، فنجد أن بروة جاءت في المقدمة بنصيب 243.4 مليون ريال، ثم الوطني في المركز الثاني بقيمة 147.9 مليون ريال، فصناعات في المركز الثالث بقيمة 106.7 مليون ريال، فالريان بقيمة 101 مليون ريال، ثم التجاري بقيمة 80.7 مليون ريال. وقد شكلت جملة التداولات على هذه الشركات الخمس ما نسبته 55% من إجمالي التداول ليوم أمس.
وبالمحصلة فإن يوم أمس كان يوماً مشهوداً في تاريخ البورصة القطرية، وكأن المتعاملين كانوا يرقصون بتعاملاتهم على أنغام فرحة المونديال. فقد ارتفع المؤشر العام وارتفعت كل المؤشرات القطاعية، وارتفع عدد الشركات الرابحة، وارتفعت أحجام التداول الكلية إلى مستويات قياسية مع ارتفاع تداولات كل الفئات، وهو ما تمخض في النهاية عن ارتفاع القيمة الرأسمالية للسوق بنحو 15 مليار ريال إلى مستوى 450.4 مليار ريال. ويظل الأمل معقوداً في الأسابيع القادمة على استمرار روح التفاؤل في البورصة ،خاصة وأننا نقترب من نهاية السنة المالية والربع الأخير من العام ،،،،، والله أعلم.