لا أملك هذا الأسبوع أن أغرد بعيداً عن السرب أو أن أكتب في موضوعات لا تنسجم مع أجواء الفرحة الغامرة التي تعيشها قطر منذ مساء الخميس الماضي. فالحدث الكبير الذي تجسد واقعاً ملموساً بعد سنوات من التحضير والترتيب يستحق منا جميعاً أن نحتفل به بما يليق بعظمته كإنجاز فريد لم تحققه قبلنا أي من الأمم العريقة في عالمنا العربي والإسلامي. ويحق لنا أن نفخر بهذه القيادة الرشيدة التي استطاعت أن تخطط وترتب للحدث وأن توفر لنجاحه كل الإمكانيات المتاحة بما يساعد على رفع اسم قطر عالياً في المحافل الدولية لمدة اثنتي عشرة سنة، قبل أن يضاف بعد ذلك إلى سجلات التاريخ الرياضي المتميز. فلهذه القيادة الحكيمة وللشعب القطري كل التهاني والتبريكات. ولقد كتبت من قبل مقالين عن الجوانب الاقتصادية في موضوع المونديال وأتبعتها بثالث عن إرهاصات اللحظات الأخيرة قبل قرعة المونديال. وأحسب اليوم أن الموضوع يستحق مقالات أخرى عديدة، بل إن معظم المقالات الاقتصادية القادمة سوف تأخذ تداعياته في الحسبان.
ورغم أنه قد يكون من المبكر الدخول في موضوع التأثيرات المحتملة لفوز قطر باستضافة نهائيات كأس العالم في عام 2022 على الاقتصاد القطري، إلا أنني في هذا المقال الذي يعني بالعموميات دون التفاصيل، أكتفي بالإشارة إلى إرهاصات ما بعد الفوز بقرعة المونديال في الأجل القصير، وتحديداً التأثير المحتمل لنبأ الفوز على واقعنا المالي والاقتصادي ونحن في الشهر الأخير من عام 2010، وعلى بُعد أسابيع قليلة من سنة جديدة ومن عقد جديد.
وأبدأ من حيث انتهيت في مقال الأسبوع السابق عندما تحدثت عن إرهاصات اللحظات الأخيرة قبل قرعة المونديال، وأشير إلى أن الأمور التي تعطلت أو تباطأت في الأسابيع الأخيرة ترقباً لما ستسفر عنه القرعة سوف تتحرك وتنشط في الأسابيع القادمة بحثاً عن فرص سانحة أو أمل في الفوز بصفقات ناجحة. ومن المؤكد أننا سنشهد في قادم الأيام العديد من الاجتماعات لمجالس إدارات الشركات المساهمة، وللهيئات المعنية بمراقبة أداء الاقتصاد القطري وخاصة اللجان المختلفة في مصرف قطر المركزي ووزارات الاقتصاد والمالية والأعمال والتجارة، والتخطيط التنموي، وغيرها. وإذا كانت الشركات بطبيعتها ستبحث عن تغيير نطاق أعمالها، فإن مصرف قطر المركزي عليه البحث في تغيير سياساته النقدية بما يتوافق مع المعطيات القادمة التي أفرزتها قرعة المونديال. وستبحث وزارة الاقتصاد في وضع تفاصيل ميزانية العام 2011/2012 على ضوء استحقاقات المشروعات المعتمدة لخطة المونديال، وأما وزارة التخطيط التنموي فستعيد النظر في تفاصيل الخطة التنموية المقررة للفترة 2011/2016 بما يسمح بتسريع الأداء، وأما وزارة الأعمال والتجارة فستبحث في وضع الضوابط الكفيلة بمراقبة الأسعار والحيلولة دون عودة معدل التضخم إلى الارتفاع.
وعلى مستوى قطاع العقارات سنجد أن الطلب سيزداد في الفترة القادمة مدفوعاً بالرغبة في تحقيق أرباح جيدة ، وبسبب توقع حدوث عمليات إزالة في مناطق عديدة، وما سينتج عن مشروعات المونديال من زيادة سكانية سيكون من نتيجتها اختفاء فائض المعروض من الوحدات السكنية الذي ضغط على أسعار العقارات والإيجارات في العامين الأخيرين. وقد تؤدي زيادة الطلب إلى حدوث ارتفاع في الأسعار خاصة إذا واكب ذلك انخفاض في المعروض بسبب امتناع الملاك والمطورين عن البيع انتظاراً لأسعار أفضل. على أن مثل هذا السيناريو في الأجل القصير قد يحد منه عوامل معاكسة منها شح التمويل للمشروعات العقارية وتفضيل البنوك للتعامل مع مشروعات المونديال التي تديرها الحكومة أو القطاع العام، والخوف من تكرار نتائج التجربة العقارية في الفترة 2006-2008، وتوقع عودة المعروض إلى الزيادة من مشروعات تنفذها الشركات العقارية الكبيرة كبروة وأزدان وغيرها.
وعلى مستوى الأسهم سنجد أن عامل التفاؤل سيعمل في الأجل القصير باتجاه زيادة الطلب على أسهم الشركات بوجه عام والشركات ذات الأداء الجيد بوجه خاص. ولكن الارتفاع الحقيقي في الأسعار لن يتحقق إلا إذا توافرت السيولة الكبيرة في البورصة، وذلك يعني ضرورة عودة الأفراد القطريين إلى الشراء الصافي بعد شهور من البيع الصافي، وذلك يستوجب توافر السيولة الكافية لديهم من ناحية وارتفاع مستوى الثقة في إمكانية تحقيق أرباح مضمونة في الأجل القصير من ناحية أخرى. ومن العوامل السلبية في هذا المجال أن تعمل المحافظ الأجنبية التي دعمت السوق في الشهور الأربعة الماضية إلى عمليات جني أرباح، أو أن يفضل القطريون البحث عن فرص أفضل للربح في قطاعات أخرى كالعقارات.
والمؤمل في كل الأحوال أن ينشط الاقتصاد القطري ونحن على أبواب موازنة عامة جديدة وأن تلجأ الشركات والمؤسسات والأجهزة الحكومية إلى توظيف ما تحتاجه من كوادر من المتاح في السوق المحلي من القطريين والمقيمين، بما يعود بالرخاء على الجميع.
وبعد فقد كانت تلك إطلالة على إرهاصات ما بعد الفوز بقرعة المونديال، ولكن الحدث الكبير يستحق وقفات أخرى عديدة عندما يحين أوانها.ويظل ما كتبت رأي شخصي يحتمل الخطأ بقدر ما أراه صحيحاً.
أستاذ بشير:: مبروك لقطر وأهل قطر هذه الاستضافه الكبيره: ولكن ألا ترى ان الأثر الفعلي لهذه الاستضافه لن تبداء الا بعد خمس سنوات من الآن, أو أكثر من ذلك,,
صباح الخير (يوترون ) الان قطر وسوق الاعمال في دورة نفسية ممكن تكون من 6 اشهر الى سنة بعد ذالك ترجع الامور الى دورها الطبيعي وشكرا الاخ بشير
مشروعات المونديال سيبدأ طرحها في أقرب وقت وبالطبع قد يكون ذلك اعتباراً من موازنة العام الجديد في أبريل وغالباً سيكون ذلك وفق خطة زمنية تضمن التنفيذ قبل عام 2022 بوقت كافي وبما لا يضغط على الموارد المتاحة فترتفع الأسعار بشدة