انخفضت أسعار النفط الخام وعادت أسعار الأسهم إلى الارتفاع مرة أخرى؛ فهل حان الوقت لكي يركب الأميركيون سياراتهم ويتجهون إلى المحلات التجارية ويقدمون على شراء السلع الأساسية والكماليات ببطاقاتهم الإئتمانية؟ هذا ما يأمل مصنعو السيارات وشركات البيع بالتجزئة وأصحاب المطاعم والمؤسسات الأخرى التي تعتمد في نشاطها التجاري على العملاء في حدوثه بالطبع. وتحتاج هذه المؤسسات إلى إنتهاء هذا المرض الاقتصادي بسرعة، وسوف يتطلب هذا الأمر من الأميركيين العودة إلى مزاجهم الجيد وفتح حافظات نقودهم مرة أخرى.
ولكن هناك مدرسة فكرية تقول بأن العديد من الأشخاص قد تغيروا بشكل دائم بفعل الصدمات الاقتصادية التي تعرضت لها الولايات المتحدة على مدار العامين الماضيين والتي تمثلت في الانخفاض غير المسبوق لأسعار المنازل في الولايات المتحدة وانخفاض قيم الأسهم وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية وتفاقم الأزمة الإئتمانية الطاحنة. وقد تلقينا جميعاً تحذيرات على مدار السنوات القليلة الماضية تنصحنا بترشيد النفقات وزيادة المدخرات. وربما يمكن القول بأننا أصبحنا نحفظ هذه التحذيرات عن ظهر قلب في الوقت الحالي.
وهذه وجهة نظر ديفيد روزنبيرج، الخبير الاقتصادي المحنك في شركة ميريل لينش وشركاه بمدينة نيويورك. ويمتلك روزنبيرج نظرة قاسية عن النمو الاقتصادي الأميركي إلى حد كبير لأنه يعتقد بأن المواطنين الأميركيين تولدت لديهم معتقدات وقناعات خاصة بشأن قضايا التمويل الخاصة.
يقول روزنبيرج: "بالنسبة للعديد من العملاء، حل الاقتصاد في النفقات محل العبث والطيش". وأضاف روزنبيرج بقوله: "يتضح هذا بالنظر إلى توجهات الإنفاق الشخصية للمستهلكين في العقود الثلاثة الأخيرة، كما هي مفصلة في بيانات الحكومة عن إجمالي الناتج المحلي.
وبعد استبعاد ثلاثة أوجه أساسية للنفقات وهي الرعاية الطبية والغذاء والمنافع العامة، انخفض حجم إنفاق المستهلكين بمعدل سنوي نسبته 0.3% لينخفض معدل الإنفاق السنوي إلى نسبة ضعيفة قوامها 0.8%، على الرغم من تخفيض الضرائب الفيدرالية لحوالي 100 مليون أسرة. وفي الحقيقة، فقد ادخر العديد من الناس أموال التخفيضات بدلاً من إنفاقها، على الأقل وفقاً للبيانات الحكومية، التي تطرح النفقات الشخصية من الدخل الشخصي القابل للاستعمال.
وقد استمد معدل المدخرات من بيانات الدخل التي قفزت لأكثر من 0.3% في الربع الأول حتى وصلت إلى أقصى ارتفاع لها خلال ست سنوات بمقدار 2.6% في الربع الثاني من العام الحالي. ولكن ما الذي يمنع استخدام هذه الأموال في التسوق بمحلات البيع بالتجزئة خلال الربع الحالي؟
يراهن روزنبيرج على أن عددا كبيرا من الأميركيين قد تعرضوا لقدر كافٍ من الخوف بسبب تراجع الاقتصاد الأميركي خلال العام الحالي، وهو الأمر الذي يجعلهم متحفظين بشأن تبني طريقة الإنفاق ببذخ.
ويشير روزنبيرج أيضاً إلى أنه كان هناك عنصر حاسم دعم موجة النفقات على مدار العشرين عاما الأخيرة وهو القدرة على الاقتراض. وقد انتهت هذه الأيام في ظل اعتماد البنوك وشركات السمسرة وشركات السيارات وشركات الإقراض الأخرى على تقليص تعاملاتها الإئتمانية. وقد بدأ هذه التحول فقط في الانتقال إلى عامة الشعب الأميركي حسبما أكد روزنبيرج.
وبدلاً من اقتراض مزيد من الأموال، سوف يشعر العديد من الناس بالحاجة إلى دفع ديونهم. وسوف يحول هذا الأمر أيضاً دون إنفاق الأموال. وذكر روزنبيرج نقطة أخرى ربما تكون هي الأكثر أهمية: وهي أن التقاعد لم تعد فكرة مستبعدة لنحو 78 مليون موظف، ولكنها أصبحت حقيقة قريبة.
ومع انخفاض أسعار المنازل في العديد من المناطق الأميركية، أصبحت خطة التقاعد الأصلية تتداعى إلى عدد كبير من الموظفين، وأن بيع العقارات بربح كبير لن يحد من هذا التوجه؛ حسبما ذكر روزنبيرج.
وأضاف: "هذا بدوره يعني بأننا سوف نعتمد جميعاً بشكل أقل على الأرصدة وسوف نميل فيما يتعلق بالمدخرات المستقبلية إلى طريقة إدخار الرواتب ومصادر الدخل الجيدة. وتبدو حجة روزنبيرج بشان الإقتصاد الوطني الجديد في النفقات منطقية بشكل كافٍ. ولكننا نتحدث عن الولايات المتحدة هنا، وعن أكثر المستهلكين المخلصين في العالم. ولمدة 25 عاماً، كان الرهان خاسراً بشكل متسق عندما حافظ الأميركيون على سجلاتهم المالية مغلقة لفترة طويلة.
وقال إدوارد يارديني، وهو خبير اقتصادي محنك آخر ورئيس شركة يارديني للأبحاث في مدينة نيويورك بأن حقبة شراء المنازل والسيارات الفخمة يمكن أن تكون قد انتهت. ولكنه يعتقد بأنه من الخطأ تقدير هذه التحولات الاستهلاكية إلى اقتصاد واسع في النفقات.
وأشار يارديني بأن النفقات هي وظيفة الدخل؛ وأنه إذا كان الأشخاص يكسبون الأموال، فإنهم سوف يميلون إلى إنفاق معظمها. وإذا لم تنهار عملية التوظيف واستمرت الدخول في الإرتفاع، فسوف يكون من الصعب فهم أسباب التراجع المعزز في النفقات.
ولكن لأن إنتاجية العمال الأميركيين تستمر في التقدم، نمت هذه الإنتاجية بمعدل سنوي مقداره 2.2% خلال الربع الأخير من العام الحالي، حسبما أظهرت البيانات الحكومية، وهو الأمر الذي حافظ على نسبة التنافس بين الشركات الأميركية، وقلل نظرياً من إمكانية تخفيضها لعدد العاملين بها بشكل قاسي.
ولكن هناك سبب آخر أكثر للشعور بالشك في أن الأميركيين سوف يسعون إلى تعزيز مدخراتهم بشكل بارز على حساب النفقات؛ حسبما ذكر يارديني. وسوف يدرك العديد من الأشخاص بأنهم قد تخلفوا بالفعل بعد إقدامهم على وضع تصور لحياتهم في مرحلة ما بعد التقاعد بأن التوافق مع حياتهم المستقبلية سوف يكون مستحيلاً على أي حال. وإذا لم تتمكن بشكل محتمل من إدخار مبالغ كافية، وإذا لم يحقق سعر منزلك ارتفاعا مفاجئا، فسوف يكون هناك حل واحد فقط وهو العمل لفترة أطول. وهذا الأمر الذي يفكر الملايين في فعله على أي حال، حسبما ذكر يارديني.
وبالطبع، من السهل أن تقول في سن الثانية والخمسين أنك سوف تعمل حتى سن السبعين. ولكن، ماذا يمكن أن تفعل إذا لم تسمح لك صحتك بهذا الأمر؟ هذه هي القنبلة الموقوتة المحتملة التي قد تصادفك إذا كان الإقتصاد الجديد في النفقات مجرد خرافة , ومن الوارد أن الأشخاص الذين يدخرون بالفعل سوف يتعين عليهم دفع ثمن باهظ إلى الأشخاص الذين لا يدخرون. ام كيف يكون الحل والمخرج !!
مما سبق اتسأل هل تغير المزاج الاقتصادى للامريكيين فعلا بعد الازمة العالمية .؟!! ام سرعان ما يعودوا الى اسلوبهم القديم بعد زوال تاثيرات هذه الازمة !!! وهل سيتغير المزاج الاقتصادى العربى عموما والخليجى خصوصا بعد الازمة العالمية كذلك ام نحن سرعان ما ننسى .. وهل سندرك ان الايام التى ولت لن تعود .. وان عادت سيكون اسلوبنا نفسه ام يتغير كذلك .. هذا هو السؤال الذى اطرحه ...
وانتظر الاجابة عليه منك عزيزى القارئ العربى !!!!
اعتقد من وجهة نظرية المزاج الاقتصادي في الدول العربية سيبقى كما هو في كل الأوضاع ( شعوب استهلاكية ).. لسبب العوامل غير مساعده. في الدول العربية لا ننسى وجود البطاله بشكل كبير ولا تقوم الدول بدعمهم ومن يعمل 70 % منهم يتقاضون مبلغ يفي بحاجاتهم اليومية فقط فيصعب الادخار او وجود لمسمى المزاج الاقتصادي. لكن في امريكا بحكم الدعم الذي يتلقاه الشعب الامريكي من الحكومة بإمكانه الادخار كمثال بسيط الغير عاملين يتقاضون راتب ومثال آخر لو توفي رب الأسره تتقاضى العائلة مبلغ اعتقد 15 ألف دولار شهريا اذن بمقدورها الادخار لاداعي لانفاق ..تساعد العوامل على التأقلم مع المزاج الإقتصادي. الغريب أن التكافل الاجتماعي يطبق في أمريكا ولا يطبق في الدول الإسلامية !!