حتى أنت يا بروتس !؟

24/11/2010 12
علي الجميل

من المفارقات التي يتميز بها مجتمعنا العزيز ان الجميع يخوض في غير فنّه او لنقل ان اكثر الناس يفتون في كل شي الا في تخصصاتهم !!

مثلا نجد كاتب صحفي متخصص في الطب وعلى سبيل المثال طب النساء والولادة، ونراه يكتب عن امور الشرع ويفتي بجواز هذا وعدم جواز هذا ويسأل لماذا لا يخرج العلماء ليفتون ونسي انه بالامس القريب طالبهم السكوت وعدم الحديث او لانه لا يدري ان العلماء يترفعون عن قراءة ما يكتب هو وامثاله من الرويبضة والذين خاضوا في كل شي حتى ان احدهم قام بتقليد الحطيئة وهجا نفسه وزملائه الصحفيين وانهم عبدة الدرهم والدينار!

أبت شفتاي اليوم إلا تكلما ... بشر فما ادري لمن انا قائله ارى لي اليوم وجها قبح الله شكله ... فقبح من وجه وقبح حامله .......................................

ما جعلني اكتب هذه الاسطر هو كثرة المقالات عن مستقبل العقار وعن السناريو المتوقع لانهياره وكأنه فرضية حتمية ماعلينا سوى انتظار حدوثها وان هذه سنة الله في خلقه فما ارتفع شيئ الا وضعه ولا نعلم هل هذه حقيقة والا مجرد كلام واماني ومقارنات فقط ؟

الغريب ان اكثر من كتب عن هذا الموضوع هم من خارج هذا المجال حتى ان محافظ مؤسسة النقد بشر بهبوط في الايجارات في الربع الاخير من هذا العام وكأن لديه عصا موسى او اطلع على الغيب ! رغم ان الدولة نفسها تحاول (فقط تحاول) ان تكبح جماح ارتفاعه ولكن دون فائدة لان اجراءات الدولة تحتاج وقت وليس من الحكمة اصدار قرارات تهوي به فهي لو فعلت (ان استطاعت) ستجلب على نفسها مشاكل في غنى عنها. الغريب ان اهل العقار ومن قاد مسيرته في العقود الماضية من تجار العقار الكبار والمعروفين التزموا الصمت ولم يصرحوا بوضوح عن توقعاتهم لمستقبله وان اتت بعض التلميحات من هنا وهناك على ان الوضع طبيعي جدا وليس مستغرب ولكن لان غالبية الشعب من الشباب وممن لم يعاصر مراحل نمو المملكة منذ البداية نجده يستغرب من الحاصل وان هذا الارتفاع مبالغ به ووهمي ومصيدة ...الخ. ومن كان عمره تجاوز الخمسين او الستين يعرف ان هذه الارتفاعات طبيعية وتحصل كل فترة سواء طالت او قصرت هذه المدة وايضا حدة الارتفاع تختلف من وقت لاخر. لست من اصحاب هذه السن ولكن جلست وسألت العديد منهم واصبح عندي تصور لا بأس به عن الوضع سواء في الماضي او الحاضر. من كان يملك منزلا في الجرادية على سبيل المثال في نهاية الثمانينات الهجرية من القرن الماضي والذي كان سعره لا يتجاوز 10 الاف ريال ومن ثم وبعد ارتفاع اسعار النفط وبدء طفرة في المملكة وصل سعر هذا البيت المسلح تسليحا خفيفا (...)300 الف ريال في منتصف التسعينيات... بمعنى ان سعره تضاعف حوالي 3000 مرة في غضون سنوات قليلة وليس كما يحصل الان فنسبة الارتفاع لم تتجاوز 300 في المئة في كثير من الاحياء والمناطق.

هذا مثال بسيط ولو اردت المزيد لوجدت مثل اسعار الاسمنت والذي وصل سعر الكيس في تلك الايام الى 40 ريال وليس 20 او 22 قبل سنتين وقبل الازمة المالية.

سعر المتر المربع في العليا وفي مشروع ابن موسى كان لا يتجاوز 20 ريال وبعد سنوات قليلة اصبح 800 ريال .. هكذا نستطيع ان نقول ان الامور ليست طبيعية ولكن حدثت وتقبلها الناس حتى لو كانوا مجبرين. طبعا الرواتب كانت اقل والحياة العامة كانت رخيصة في تلك الايام والظروف مختلفة ولكن كمقارنة شاملة نجد ان الارتفاع والتضخم شكل واحد وما يحصل حاليا طبيعي واقل مما حصل سابقا. انا لا اتكهن او انجم مثل غيري عن مستقبل العقار ولكن احاول تذكير البعض ان الامر طبيعي حتى الان وان كنا نراه غير طبيعيا.

كم أتمنى من كتاب المقالات التي تبشر بانهيار العقار ان ينزلوا الى السوق ويروا بانفسهم حالة الطلب والعرض بدلا من الكتابة والتنظير من خلف الاسوار. العرض حاليا شبه مفقود وبالكاد تجد ارض مناسبة لرغبتك في السعر والمساحة وكلما زاد تخوف الناس من انهيار العقار كلما ارتفعت الاسعار اكثر.